صنعاءنيوز / بقلم/ احمد الشاوش -
الثلاثاء, 12-نوفمبر-2024
واقع الحال في اليمن ان البيوت ملغمة.. ملغمة بالفقر والجوع والبطالة والانتماءات السياسية والمذهبية والمناطقية القاتلة وامراض الشقاق والنفاق والمزايدة.
مساكن ملغمة بالمشاكل والخلافات الاسرية والازمات الاجتماعية الخانقة والسياسية المدمرة والاقتصادية القاتلة .. ناس تبحث عن سكن وآخرين عن شربة ماء وقطعة خبز وثالث عن عدالة القضاء.
الناس تصيح من حكومات متعاقبة ووزراء ونواب ومسؤولين ومشرفين من العيار الثقيل لكنهم أشبه بالمحنطين الذين لم يقدموا أي برامج وخطط ورؤى صادقة ولم يُحدثوا أي تنمية أو مشاريع خدمية للناس ، وانما تفننوا في ادمان الخطابات الاستهلاكية والبلاغة وتسويق الاحلام والظواهر الصوتية ..
يُدرك العاقل والمجنون ، والذكي والغبي ان الحياة أصبحت ملغمة بالعناوين والشعارات الزائفة وأن ظمائر الكبار ميتة والحركة التجارية في غرفة الانعاش ، وان رؤوس الاموال الحقيقية والبيوت التجارية تُهرب أموالها واستثماراتها الى خارج البلد وقيام طبقة جديدة من رجال الثورة والثروة هنا وهناك الذين صعدوا بسرعة الصوتالى عالم المال والتجارة في ظل صناعة الازمات والحروب والابتزاز والتخوف من الحاضر والمستقبل المجهول..
وشاهد الحال اليوم ان رجال المال والاعمال يضربون اخماس باسداس .. العقلاء .. مدوخين .. الحكماء .. مصدومين .. الكفاءات مشردين .. الشرفاء ليس لهم وطن .. الموظفين والعمال مدقدقين حتى العظم.
حتى المزارع الذي يشقى ويكد ليل نهار لتوفير الغذاء للمواطن مصاب بالاحباط والخسائر والافلاس وتكبد اجور النقل والكهرباء والديزل والبذور والاسمدة وحق السوق وحق ابن هادي في ظل غياب العدالة والنظام وآلية التسويق واستغلال المفاوتين الذين يبتزون المزارع والمستهلك بسبب غياب رقابة الدولة وعدم تشجيع المزارع.
الدكاكين والمحلات والاسواق التجارية في حالة كساد وبورة لا يعلم بها الا الله والراسخون في العلم والشيء نظر .. المواطن حراف .. الموظف مفلس .. مراكز القوى العابثة تعيش عصور ونغنغة نُبلاء واباطرة الشرق والغرب على حساب المواطن الضحية..
التجار بيدوروا المشتري بالسراج .. تتسوق المرأة والرجل في الاسواق الشعبية والجديدة وصاحب المحل يناديك ويتسول للدخول الى محلة التجاري لشراء بعض الملابس ، وآخر ما ان تقف على باب محله حتى يجذبك بقوة اليه محاولاً اقناعك بنظرة أو شراء قطعة لتسديد الايجار واجور العمال والبقاء على قيد الحياة .
الناس طفرانه تحلم بالبيس لاشباع رغباتها واحتياجاتها الضرورية ، لكنها في ظل الفقر ودعممة العتاولة تقبل على شراء أبسط مقومات الحياة بطاط .. طماط .. زبادي .. أرغفه خبز أشبه بشفرات الحلاقة ..كدم عجيبة مصابة بالتشوهات الخلقية مثل شلل الاطفال ..اقراص روتي أشبه بالهيكل العظمي ، رائحة الخميرة تفوح منها عدة امتار كالقاطرة المحملة بالديزل .. مطاعم قهاوي محطات مياه وايتات بلا نظافة ..
طلاب يبحثون عن مجانية التعليم والكتب المدرسية وكابوس الرسوم الاجبارية المخالفة للقانون ومخاوف حجز النتائج والطرد من مدارس الحكومة التي بُنيت بأموال وثروات الشعب ..
طلبه يبحثون عن شراء الزي المدرسي والحقائب والدفاتر والمعلم الكفؤ والمنهج التربوي والعلمي الذي يعكس روح العصر ، وجدول الحصص الكامل وليس حصة او حصيتين وكملت الحدوتة..
طبيب يعالج بذمة وطبيب آخر يصطاد المريض ويعبث به كالفريسة .. ومستشفيات منتظرة لاي مصاب على أحر من الجمر لتشليحه وابتزازه ..
مهندس يغش في الحديد والاسمنت والمواصفات وسفلتة الطرق وآخر يُستبعد لامانته ورفضه تمرير المشروع بالمواصفات المضروبة.. شوارع رئيسية تشكي من الحفريات والمطبات والغرق والبسطات وارصفة المشاة المرخص لها من البلدية الى ربع الشارع مقابل العددي ، بينما المواطن الذي لم يصل الى السلطة منتظر الفرصة ليأخذ نصيبه أو غنيمته بعد ان تم افساده!!.
ثقافة رخيصة واسلوب عجيب وغريب وقيم سلبية وانحطاط بلا حدود دخلت على المجتمع اليمني الذي كان بالامس يُضرب به المثل في الاستقامة والنزاهة والنخوة والامانة والصدق والعظمة لدى شعوب العالم.
مجتمع كان يقف بقوة أمام العيب والاساليب الملتوية والثقافات الدخيلة ويقف بصلابة ضد المسؤول المنحرف واللص والشيخ النصاب وقاطع الطريق..
اليوم سقطت اخلاق الكثير من ابناء جلدتنا.. سقطنا حكاماً ومحكومين في اليمن وصار المسؤول والمواطن اليمني أرخص سلعة في العالم بعد ان تجرد الكثير منا من القيم السامية والاخلاق النبيلة والعادات والتقاليد العظيمة وأصبح كل منا لايهم الا نفسه وينتظر الفرصة للانتقام من الآخر في غياب الدولة التي يستظل تحت سقفها جميع اليمنيين وغياب قيم العدالة والمساواة والتعايش والتجرد من الوازع الديني والاخلاقي والانساني.
المشهد المأساوي يؤكد اننا أصبحنا أشبه بذئاب بشرية في غابة كل واحد يترصد للاخر وكل جماعة تريد ان تفتك بالاخرى وكل نُخبه تريد ان تنتقم من الاخرى بحق وبدون حق وكل حزب يريد ان يدمر الحزب الآخر وكل مذهب يريد ان يطمس المذهب الآخر وكل حاكم يريد ان يطمس تاريخ ومنجزات من سبقه في الحكم والسلطة نتيجة للثقافات العقيمة والحقد والفجور والكراهية المصطنعة بدلاً من العيش بسلام والتفرغ للبناء والاعمار والازدهار.
أخيراً .. لا يمكن ان تعود لليمن ارادته الحرة ودولته وسيادته وقراره السياسي الا في ظل وجود المصالحة الوطنية الشاملة والكاملة وفي ظل منظومة قيم التسامح والتعايش والسلام ..
ولا يمكن للجهل والفقر والجوع والمرض والبطالة والعمالة والخيانة والارتزاق والمشاكل أن تنتهي الا في ظل وجود القيادة الرشيدة التي تؤمن بالآخر وتطبق النظام على الكبير والصغير وتؤمن بالمشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير والشفافية وصندوق الانتخابات بعيداً عن القوة والاستبداد والتزوير للوصول الى لسلام والازدهار .. مالم فالشعب اليمني وبقايا دولة الكانتونات والدكاكين والاحزاب والجماعات والمذاهب والمناطق والسيادة والثروات الى الزوال.
نصيحة .. المواطن بحاجة الى خدمات ملموسة وحقوق .. الشعب فقد الامل في كافة حكام اللحظة في الشمال والجنوب والشرق والغرب ، فهلل من رجل رشيد لتجاوز الاخطاء وتلافي الخطر المحدق محلياً واقليمياً ودولياً وموجة التغيير القادمة .. الناس بحاجة الى تهدئة خواطرهم والاستجابة لحقوقهم الشرعية والقانونية والانسانية لاستعادة الثقة والسمعة.. أملنا كبير.
shawish22@gmail>com |