صنعاءنيوز / رامي الشمري -
الدولار القوي: سلاح ذو حدين يهدد الاقتصاد الأمريكي ويضعف قدرته التنافسية.
.
image0.jpeg
🛑 التأثيرات السلبية على الاقتصاد الأمريكي وعلاقاته التجارية.
في السنوات الأخيرة، أصبحت مسألة قوة الدولار الأمريكي محط اهتمام واسع في الأوساط الاقتصادية العالمية. ورغمأن الدولار يعتبر العملة الاحتياطية العالمية، ويعد من أصول الاستثمار الآمنة في فترات الأزمات، إلا أن قوته المفرطةقد تتحول إلى عبء ثقيل على الاقتصاد الأمريكي، وتؤثر سلبًا على ميزان التجارة والأداء الصناعي. لا يمكن إنكار أنالعملة القوية لها تأثيرات مزدوجة، ولكن عندما يتجاوز هذا التأثير الحدود الطبيعية، يصبح الاقتصاد الأمريكي فيخطر.
1. أثر الدولار القوي على الصادرات الأمريكية
من أبرز النتائج السلبية للدولار القوي هو تأثيره المباشر على الصادرات الأمريكية. عندما يقوى الدولار، تصبح السلعوالخدمات الأمريكية أغلى في الأسواق الأجنبية. هذا يضر بمنافسي الشركات الأمريكية في الأسواق العالمية، ويجعلصادرات البلاد أقل تنافسية. على سبيل المثال، إذا كان سعر الدولار مقابل اليورو مرتفعًا، تصبح السلع الأمريكية أكثرتكلفة بالنسبة للمستهلكين في منطقة اليورو، مما يقلل من الطلب عليها.
وفقًا لبيانات مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي، تراجعت صادرات السلع الأمريكية بنسبة 4.9% في عام 2022 نتيجة لارتفاع الدولار مقارنة بالعملات الأجنبية. في نفس العام، شهدت صادرات المنتجات الزراعية الأمريكيةانخفاضًا حادًا بنسبة 5.3%، مما يعكس تأثرها بشكل خاص نتيجة للارتفاع المفاجئ للعملة الأمريكية.
2. تأثير الدولار القوي على الشركات الأمريكية الكبرى
الدولار القوي يؤثر أيضًا على أرباح الشركات الأمريكية الكبرى، خاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على الأسواقالعالمية. الشركات مثل "آبل" و"كوكا كولا" و"جنرال إلكتريك" تشهد انخفاضًا في أرباحها عندما يرتفع الدولار، لأنمبيعاتها في الخارج تُترجم إلى أرقام أقل عندما تُحول إلى الدولار الأمريكي. في الربع الثالث من عام 2022، أفادت"آبل" بأن الزيادة في قيمة الدولار كلفتها حوالي 6 مليارات دولار من العائدات العالمية. أما "كوكا كولا" فذكرت أنالارتفاع في الدولار أدى إلى تراجع مبيعاتها الدولية بنسبة 4%.
3. تأثير الدولار القوي على السياحة والإنفاق الخارجي
من الجوانب الأخرى التي يتجاهلها الكثيرون، هو تأثير الدولار القوي على السياحة والإنفاق الأمريكي في الخارج. عندما يقوى الدولار، يصبح السفر إلى الخارج أرخص للمواطنين الأمريكيين، وهو ما يشجع على زيادة الرحلاتالسياحية إلى وجهات أجنبية. لكن في المقابل، فإن هذا يقلل من الإنفاق المحلي، مما يؤدي إلى انخفاض الإيراداتفي قطاع السياحة الأمريكي.
في عام 2022، ارتفع الإنفاق السياحي الأمريكي في الخارج بنسبة 8%، في الوقت الذي انخفض فيه الإنفاق علىالسياحة الداخلية بنسبة 2%، وفقًا لبيانات مكتب السفر والسياحة الأمريكي.
4. السياسات النقدية: الصين واليابان نموذجًا
تسعى العديد من الدول الكبرى إلى تقليل قيمة عملاتها بهدف تحسين قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية. أحدأبرز الأمثلة على ذلك هو الصين، التي استخدمت على مدار السنوات الماضية سياسة سعر الصرف المنخفضة لضمانأن يكون اليوان أقل قيمة أمام العملات الرئيسية مثل الدولار. الصين تحرص على بقاء عملتها ضعيفة لضمانالتصدير الزائد، وهو ما يعزز الاقتصاد المحلي ويسهم في خلق وظائف جديدة، بالإضافة إلى أن هذا يمكنها منالحفاظ على الفائض التجاري الضخم مع الولايات المتحدة.
اليابان تتبع نفس النهج أيضًا. فقد قامت الحكومة اليابانية وبنك اليابان، بشكل مستمر، بتخفيض قيمة الين لتعزيزالقدرة التنافسية لمنتجاتها في السوق العالمية. هذه السياسات تسمح لليابان بتصدير المزيد من السلع الرخيصةالتي تساعد في دعم اقتصادها. على الرغم من أنها قد تتسبب في مشاكل في العلاقات التجارية مع الدول الأخرى، إلاأن اليابان تعتبر أن هذه السياسة ضرورية لدفع عجلة نموها الاقتصادي.
5. الدولار القوي والتهديدات للاقتصاد الأمريكي في المستقبل
في الوقت الذي تروج فيه الولايات المتحدة إلى قوة الدولار كدليل على استقرار اقتصادها، فإن الواقع يختلف. زيادةقوة الدولار قد تؤدي إلى مشاكل هيكلية في الاقتصاد الأمريكي. من أبرز هذه المشاكل هو العجز التجاري المتزايد،حيث يزداد الطلب على الواردات بسبب قوة الدولار، بينما تتراجع القدرة التنافسية للصادرات. في عام 2023، بلغالعجز التجاري الأمريكي نحو 900 مليار دولار، وهو مستوى مرتفع جدًا.
علاوة على ذلك، قد تواجه الولايات المتحدة تداعيات من سياسة رفع الفائدة التي تتبعها الاحتياطي الفيدراليالأمريكي، والتي تساهم في تعزيز قوة الدولار. ارتفاع الفائدة يؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض، وهو ما قد يثقل كاهلالاقتصاد الأمريكي ويقلل من الاستثمارات الداخلية.
6. الخلاصة
في النهاية، رغم أن الدولار القوي قد يكون مؤشرًا على القوة الاقتصادية في بعض الأحيان، إلا أن له آثارًا سلبية علىالاقتصاد الأمريكي قد تؤدي إلى تراجع في الصادرات، وضرر في أرباح الشركات، وتباطؤ في النمو الاقتصادي بشكلعام. الدول التي تسعى إلى زيادة قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، مثل الصين واليابان، تعمل على خفض قيمةعملاتها لتحقيق هذه الأهداف. من الأهمية بمكان أن تعيد الولايات المتحدة النظر في السياسات النقدية والماليةالخاصة بها لضمان استقرار الاقتصاد على المدى الطويل، وعدم السماح للدولار القوي بأن يكون عبئًا على اقتصاداتهاوصناعاتها المحلية.
|