صنعاءنيوز / رسل جمال -
أسئلة وسيناريوهات ذات نهايات سائبة, انتهى بها مقالنا الأخير "فقاعة جديدة أم إنقلاب "
وهي :
هل العراق بمعزل عما يحدث في سوريا؟
هل العراق قادر على درء الخطر عن اراضيه؟
هل سيصبح العراق طرفاً في النزاع الدائر؟
هل ما يجري هي عملية تتغير النظام السوري؟
هل ما يحدث في سوريا هو انقلاب ؟
هل ستصبح ارض العراق ساحة لمعركة بالانابة؟
هل الاحداث ستعيد لنا سيناريو ٢٠١٤ ( لا سامح الله) وما بعدها ؟
وكلها أسئلة ورؤى جيوسياسية وقراءة للمشهد تفرضه تداعيات الأحداث السورية وتأثيرها على العراق
ولان المشهد والاحداث الجارية متسارعة فلا يمكن ان تختزل في مقال وحيد لذلك جاء هذا المقال استكمالا لما سبق.
تشهد الساحة السورية تطورات متسارعة تحمل أبعادًا تتجاوز الحدود الجغرافية، وتلقي بظلالها على دول الجوار، لا سيما العراق بينما تتعمق الأزمة السياسية والاقتصادية في سوريا مع استمرار الجمود والسكوت الدولي، تتزايد التساؤلات حول انعكاس هذه الأزمة على التوازنات الإقليمية، ومدى قرب "انفجار الفقاعة" التي قد تحمل معها تداعيات واسعة النطاق, منها تداخل الأزمات: سوريا والعراق في مرآة واحدة.
اذ لم تعد الازمات السورية-العراقية مقتصرة على الجغرافيا المشتركة أو التاريخ المتشابك, بل أصبحت الأزمات التي تعصف بالبلدين مرتبطة بطرق معقدة منها : تصاعد النفوذ الإقليمي والدولي, اذ تتبارى كلاً من إيران وتركيا بتعزيز حضورهما في سوريا، مما يؤدي إلى استقطاب أكبر داخل العراق, اما القوى العراقية باتت تتعامل مع تأثيرات متناقضة؛ إذ يسعى بعضها لتعزيز التحالف مع إيران، فيما تتجه أطراف أخرى نحو التنسيق مع تركيا، لتجنب التهديدات الكردية المتزايدة على الحدود.
لا يقف الامر لعند هذا الحد بل قد يتمدد الى أمكانية خلق أزمة اقتصادية جراء التدفقات البشرية من سوريا الذي قد يدفع بموجات جديدة من اللاجئين والنازحين نحو العراق، خاصة المناطق الكردية والشمالية, هذه التدفقات تزيد الضغط على البنية التحتية العراقية الهشة أصلًا، ما يؤدي إلى توترات محلية جديدة قد تتحول إلى صراعات سياسية.
بل قد يتعدى الامر الى ظهور جديد للعصابات الإرهابية ومع هشاشة الوضع الأمني في الداخل السوري، عادت فلول تنظيم داعش بالفعل لاستغلال الفوضى وإعادة تنظيم صفوفها, اما العراق، الذي لا يزال يعاني من آثار الإرهاب، قد يجد نفسه مجددًا في مواجهة موجة جديدة من الهجمات.
اصل الفقاعة هي : ما الذي ينتظر سوريا والعراق؟
الوضع الراهن في سوريا يشبه فقاعة ضخمة تمتلئ بالتوترات دون حلول حقيقية. لكن، متى ستنفجر؟ وكيف سينعكس ذلك على العراق؟
أولى خيوط فتيل الازمة هي التدخلات الدولية, وهي امام خيارين اما كسر الجمود أو تعميق الأزمة
إذا استمرت القوى الدولية مثل الولايات المتحدة وروسيا في سياساتهما الراهنة، فإن الفقاعة ستظل قائمة لفترة أطول، لكنها قد تنفجر بشكل أكثر دمارًا, سيناريو كهذا سيضع العراق في موقف حساس, إذ سيتعين عليه التعامل مع موجة تصعيد جديدة على حدوده.
بالمقابل، إن حدث تحرك دبلوماسي غير مدروس (مثل تطبيع تركي-سوري أو انفراجة إيرانية-غربية)، فقد تنفتح أبواب جديدة لتحقيق الاستقرار، لكن العراق سيكون مطالبًا بالاستجابة بسرعة لإعادة ضبط تحالفاته.
الفقاعة لم يختفي اثرها بعد, فهناك سيناريو ا ينتظر سوريا وهو انهيار كامل للنظام وسيطرة الجماعات الإرهابية عليها, وفي حال حدوث انهيار شامل للنظام السوري، فإن العراق سيكون في الخط الأول لتحمل تبعات ذلك، سواء من حيث تدفق اللاجئين، أو تصاعد الإرهاب، أو حتى تحولات في موازين القوى الإقليمية.
لذلك هناك احتمال غير مستبعد لإعادة رسم خريطة جديدة في سوريا، التي قد تشهد تعديل او تجريف للحدود الجيوسياسية!
ومما قد يؤثر بشكل كبير على العراق، خاصة إذا أدى ذلك الحراك إلى قيام كيان كردي مستقل شمال سوريا حتى لو كان هذا الاحتمال بعيد في الوقت الحالي، الا انه وارد وهذا التطور سيضع العراق أمام معضلة جديدة، خصوصًا مع أكراد العراق الذين قد يطالبون بخطوات مماثلة.
مما يعني ان العراق على مفترق طرق، مما يحتم عليه في هذه المرحلة هو تبني سياسات متوازنة تضمن استقراره الداخلي مع الحد من تداعيات الأزمة السورية، ولا يمكن تحقيق ذلك الا عبر تعزيز الحوار مع الأطراف السورية، بوساطة عراقية تجمع الأطراف على ذات الطاولة للوصول الى حلول سلمية تبعد شبح الفوضى عن حدوده أولا و المنطقة ثانيا، وتكثيف التعاون الأمني مع التحالف الدولي لضمان السيطرة على الحدود ومنع تسلل العناصر الإرهابية.
ان الأحداث في سوريا ليست مجرد أزمة داخلية، بل هي انعكاس لصراع أوسع على النفوذ الدولي والإقليمي، مع تصاعد الضغوط، يبدو أن الفقاعة السورية على وشك الانفجار، وحينها سيكون العراق أول المتأثرين، لذا يبقى السؤال: هل يمتلك العراق الأدوات والمرونة الكافية للتعامل مع التداعيات المقبلة؟ أم أنه سيظل عالقًا في دائرة التأثر بدل التأثير؟
الجواب ستفرزه الأيام القادمة ويتبع بمقال قادم .
|