صنعاء نيوز/علي الخالدي -
المقاومة هي ليست جيوشاً نظامية تبدو ظاهرية للعيان، بل الطفو والانغماس والتخفي هو سر قوتها، إذ يصنع صداعاً مزمنا للخصم.
بعد أن سقط نظام بشار الأسد في سوريا، في كانون الأول الحالي (9-12-2024) كانت الأسئلة حول ما هو مصير محور المقاومة وحزب الله؟ هل انقطع العمود الفقري بين رأس المقاومة "ايران" وصدرها "حزب الله"؟ وهل الدور القادم على ميمنتها، بتدمير الحشد الشعبي في العراق، وميسرتها أنصار الله في اليمن؟ والسؤال الذي يشمل الجميع هل فشل طوفان الأقصى وانهار محور المقاومة؟ وهل ذهبت دماء القادة والشهداء وتضحياتهم، هباءً منثوراً في غزة وسوريا؟
المقاومة ومنذ وجودها على يد القائد المؤسس، روح الله الخميني "رضوان الله تعالى عليه" لم تعرف الانهيار، بل تصنع من كل فرصة نصرا، نعم يحدث هناك كسر وهنا جرح، ونغرق بالدماء ويسقط الشهداء، ولكن لا ننهزم ولا نرفع راية الاستسلام، فالله سبحانه وتعالى قال {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} وهذه هي مسيرة الرافضين للظلم والاستبداد، ورثناها من كربلاء وعاشوراء وطفوف الإمام الحسين "عليه السلام"
إن دماء القادة والشهداء والذين أعدادهم بالآلاف، كانت ثمناً لبقاء الملايين أحياء، فالتضحيات هي لمنع قتل وتهجير وإبادة أهل الأرض المحتلة، فالعدو كان مخططاً لإبادة مليوني فلسطيني في غزة، لكن الطوفان منع ذلك بتقديم 50 ألف أضحية، وفي سوريا عام 2012 دخلت وحوش الأرض إلى الشام، بشعارات قطع الرؤوس وسبي النساء، وتدمير جميع مقدسات الطوائف، فجاءت تضحيات حزب الله وحلفائه، لتنقذ ما يمكن إنقاذه، ولم تخرج 2024 من سوريا, إلا بعد أن فرضت معادلة أمن المقدسات مقابل الانسحاب، ومنع تفجير المراقد والمساجد وإراقة الدماء بلا قتال.
المحور المقاوم يتّكل على الله وحده، وليس على دولة ما او مصدر قوة ما، واليوم هو جسم كبير يمتد من أفغانستان، لينتهي مع البحر الأبيض المتوسط غربا، وإلى اليمن مع المحيط الهندي جنوبا، لذلك سقوط منطقة ما او خروج دولة، لا يعنيان نهاية الطريق.
دعوني أذكر لكم قصة؛ في بداية الثورة الإسلامية، دول الخليج والدول العظمى، روسيا، الصين، كوريا، أمريكا وكل أوربا، اطبقت الحصار على إيران، ودعمت نظام صدام ثمان سنوات لتدمير إيران، فجاء أحد القيادات للإمام الخميني "رضوان الله عليه" يخبره أن طيران نظام البعث الصدامي المجرم، قد دمر آخر ميناء لإيران تعتمد عليه الجمهورية الإسلامية في الاستيراد والتسويق، فكان رد الإمام السيد الخميني وهو مرتاح وغير مندهش، الحمد لله كنتم تعتمدون على الله والميناء بحوائجكم، الآن ستعتمدون على الله وحده، فمحور المقاومة يعتمد على الله وحده، وهو من يجعل له مخرجا، قال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)
إن مصير الحشد الشعبي، يعتمد على مدى التزام الجماهير بالقيادة المرجعية، المتمثلة بصاحب فتيا الجهاد الكفائي لعام 2014، ووجود هذه القوة الإسلامية العراقية، هو لحماية المقدسات الإسلامية، لذلك كانت هي أحد موازين قوات فرض أمن المقدسات، في العراق وسوريا ولبنان، وقد جرب العدو الأمريكي بجميع عصاباته معه وفشل، والآن لا يملك إلا ورقة فصل المحافظات الغربية، بإقليم لإخراج الحشد منها، وهذا لا يمنع من تعرض الحشد لغارات غدر إسرائيلية، قد تؤدي إلى مزيد من شهداء التمهيد على طريق القدس، ومثلها هجمات في اليمن قد تستهدف قادة أنصار الله البارزين.
إن سلسلة عقد محور المقاومة، لا يمكن التفريط بها مهما حدث، والمحور اليوم هو صاحب اليد الطولى في المنطقة، بعد أحداث الشام الأخيرة، وهو يجري تغييرات كبرى، وخططاً سريعة لمواجهات جديدة تناسب حاجات المرحلة.
|