صنعاء نيوز/ -
طلاب المدارس يسابقون الفجر ويقطعون الاف الامتار لحبهم للتعليم
128 مدرسة يعمل فيها 1200 معلم ومعلمة وهناك و650 متطوع
في قلب محمية عتمة، حيث يحتضن الجمال الطبيعي تضاريس الأرض وتصدح الحياة بألحانها البكر، هناك قصص لم تُروَ بعد، قصص تُحكى بوجود أطفال يحملون فوق أكتافهم أثقال المستقبل وأحلام العلم..
في تلك المدارس المتواضعة التي تقف شاهدة على عزيمة أبناء الأرض، يتردد صدى المعاناة: تلاميذ يبحثون عن كتاب دراسي يُضيء لهم الطريق، وصفوف خالية من معلمي المواد العلمية (رياضيات وعلوم وفيزياء وانجليزي) الذين يحملون شعلة المعرفة..
وسط كل هذا الجمال تنبض حكاية مليئة بالتحديات حيث يتشابك الشغف بالتعلم مع قسوة الواقع الذي يعيشه الاطفال هناك في قرى ونجوع المحمية تُكتب فصول من الإصرار رغم غياب الإمكانات، ويواصل التلاميذ رحلتهم في طريق يبدو شاقاً، لكنه مضاء برغبتهم العميقة في أن يكون لهم مكان في عالم لا يرحم الجهل.
الثورة / عبد الواحد البحري
في قلب محمية عتمة، حيث الطبيعة البكر تأسر الألباب، تتوارى خلف هذا الجمال معاناة كبيرة يعيشها طلاب المدارس، الذين يكافحون في رحلة يومية شاقة للحصول على أبسط حقوقهم في التعليم.
يقطع الكثير منهم آلاف الأمتار سيراً على الأقدام للوصول إلى مدارسهم البعيدة عن السكن تفتقر إلى المقومات الأساسية التي تجعل من البيئة التعليمية مكاناً آمناً وصحياً للتعلم.
الطريق إلى المدرسة معاناة يومية يتكبدها صغار التلاميذ
بداية يقول اسماعل وبدري طلاب الصفوف الاساسية بمدرسة الاجيال - بني العراص للتعليم الاساسي نستيقظ قبل طلوع الشمس (بعد صلاة الفجر تحديدا) لنبدأ رحلتنا الطويلة الى المدرسة بهذه الكلمات وصف اسماعيل وليد وهو تلميذ في الصف الثالث اساسي رحلته اليومية التي تمتد لأكثر من خمسة كيلومترات للوصول إلى المدرسة. يواجه اسماعيل وأقرانه تحديات الطريق الوعرة التي تزيد من معاناتهم خاصة في مواسم الأمطار عندما تصبح الأرض موحلة وزلقة وغير صالحة للمشي.
غياب المرافق
عند الوصول إلى المدرسة، لا تنتهي المعاناة بل تبدأ بشكل آخر.. فمعظم مدارس المحمية تفتقر إلى أدنى المرافق الأساسية.. لا توجد معامل علمية، ولا مكتبات تساعد التلاميذ على تنمية مهاراتهم، ولا ملاعب تتيح لهم الترفيه خلال أوقات الراحة. .
وحتى دورات المياه، التي تُعد من أبسط الاحتياجات الإنسانية، غائبة تماماً، ما يضاعف معاناة الطلاب، خصوصاً الفتيات، في مدارس التعليم الاساسي المختلطة للذكور والإناث.
أحياناً نضطر للعودة إلى منازلنا لقضاء حاجتنا، وهذا يعني فقدان وقت طويل من الحصص الدراسية واحيانا بقية اليوم الدراسي لبعد المسافة بين البيت والمدرسة تقول عائشة فهمي- طالبة في الصف الرابع من مرحلة التعليم الاساسي وهي تعبّر عن الإحراج اليومي الذي تواجهه وزميلاتها نتيجة غياب دورات المياه : يفترض ان دورات المياه من اهم المرافق في اي مدرسة ريفية كون هذه المرافق تعد عنوان النظافة الأول..
غياب معلمي المواد العلمية
من ناحية أخرى وفي مدارس التعليم الثانوي مدرسة ( الحريق للتعليم الثانوي) تُعد مشكلة نقص المعلمين، خاصة للمواد العلمية ( الرياضيات، والفيزياء والكيمياء) عقبة كبيرة أمام تلاميذ مدرسة (الحريق للتعليم الثانوي) يقول علي ناصر ولي امر: "أبناؤنا لا يتلقون تعليماً مناسباً في المواد العلمية، فالمعلمون إما غائبون أو غير متخصصين". هذا النقص يؤثر بشكل كبير على مستوى الطلاب ويجعلهم غير مؤهلين لمواكبة التعليم في مراحله المختلفة.
عبء الرسوم الشهرية
ويرى الاخ عبد الملك محمد ولي امر ان الرسوم التي تفرض على اوليا الامور دون وجه حق تعد معضلة وتثقل كاهل اوليا الامور حيث فضل الكثير منهم اخراج ابنائهم من المدرسة بسبب قلة السيولة لديهم خاصة مع غياب المرتبات والاعمال التي تعين اولياء امور التلاميذ ؛ و كما ذكرت لك ان أولياء الأمور يواجهوا ضغوطاً مالية كبيرة بسبب الرسوم الشهرية التي تُفرض على الطلاب، والتي تصل إلى 1500 ريال شهرياً على كل طالب وطألبة هذه الرسوم، رغم قلة قيمتها بالنسبة للبعض، تُعد عبئاً لا يحتمل على الكثير من الأسر في مدارس المحمية التي تعتمد في الغالب على الزراعة أو أعمال بسيطة لتأمين قوت يومها.
يقول أحد الآباء: "كيف يمكنني تعليم أطفالي الخمسة وأنا بالكاد أستطيع تأمين لقمة العيش لهم؟ هذه الرسوم دفعتني إلى إخراج اثنين من أبنائي من المدرسة لأنني لا أستطيع تحمل التكاليف".
عزيمة لاتنكسر
رغم كل هذه التحديات، يستمر طلاب مدارس محمية عتمة في التشبث بحلمهم في التعلم، مستمدين قوتهم من عزيمة لا تنكسر. ومع ذلك، يظل السؤال قائماً: إلى متى ستظل هذه المعاناة دون حل؟ وأين دور الجهات المعنية في توفير بيئة تعليمية مناسبة لهؤلاء الطلاب الذين يمثلون مستقبل البلاد؟
وفي الختام تبقى مدارس محمية عتمة نموذجاً حياً للصراع بين شغف التعليم وقسوة الظروف، وما لم يتم التدخل وعمل حلول سريعة ومنطقية لمثل هكذا أوضاع فإن أحلام آلاف الطلاب قد تُسحق تحت وطأة الإهمال والتجاهل لمعانات أولياءالأمور..
ويضيف المهندس والمربي عبد الملك محمد احد المتطوعين في مدرسة النور ببني البحري يوجد في محمية عتمة مايقارب 128 مدرسة للتعليم الأساسي (الصفوف من 1 إلى 9) كما يوجد فيها على 1,008 شُعب دراسية، ويدير العملية التعليمية فيها 1,200 معلم ومعلمة بالاضافة الى اكثر من 600 متطوع تقريبا.
وبخصوص التحديات التي يواجهها الطلاب كثيرة وتتشابه مع كثير من مدارس الجمهورية حتى التي توجد في المدن يعاني الكثير من جور الرسوم التي تفرض على اولياء الامور الى جانب صعوبات اخرى ابرزها: نقص الأثاث المدرسي حيث تعاني العديد من المدارس من عدم توفر المقاعد والمستلزمات الأساسية، مما يؤثر وينعكس سلبا على جودة التعليم..
كما يجب علينا نقل مناشدة المواطنين حاجتهم إلى مدارس جديدة: في بعض المناطق النائية وهناك مناطق بعيدة في مناطق الشرم والربيعة ومنظقة الغربي والفجرة يتلقى الطلاب تعليمهم تحت الأشجار لعدم وجود مبانٍ مدرسية مناسبة.
وتشير بعض تقارير وزارة التربية والتعليم الى سبب نقص الكوادر التعليمية: بسبب توقف التوظيف منذ حوالي 10 سنوات، لجأت الإدارة إلى استيعاب 650 متطوعًا ومتطوعة في مدارس المحمية من حملة الشهادات لتغطية النقص، ومع ذلك، لا يزال هناك احتياج لكوادر مؤهلة.. وعلى الرغم من بعض المبادرات المجتمعية لطباعة الكتب، إلا أن التغطية لا تزال غير كافية، حيث تم توفير 50% فقط من المناهج الدراسية للصفوف من الأول إلى الخامس الأساسي.. هذه التحديات تؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم وظروف التعلم للطلاب في محمية عتمة.
|