صنعاء نيوز/بقلم/ احمد الشاوش -
الجمعة, 17-يناير-2025
بعيداً عن المزايدة والنفاق والتطبيل والمماحكات السياسية والاصطياد في الماء العكر ، تظل " آلية فاتورة مرتبات موظفي الدولة الجديدة " بمثابة اللغز المحير للوزراء والمسؤولين ، والتربويين والاكاديميين والموظفين والعمال ، بل ان اعلانها حمل خبرين الاول : إيجابي يزف السعادة بصرف مرتبات موظفي الدولة بعد عشر سنوات من ضياع الحقوق ومعاناة الموظف المنكوب ..
والثاني : سلبي تمثل في سياسة تقسيم الموظفين الى شرائح وفئات وطبقات تحت عناوين وفيتامينات "الف وباء وجيم ودال" ، بعيداً عن الدستور والقانون واللوائح والعقل والحكمة.
واغرب مافي آلية رواتب موظفي الدولة وطلاسمها هو ذلك المهندس الذكي والقانوني البارع والسياسي الحاذق والكاتب الماهر الذين حطموا الارقام القياسية في عالم الرواتب والمراتب والحقوق وادخال الموظف في نون ومايسطرون.
كما ان المُخرج الذي حبك فيلم " الالية الجديدة لفاتورة مرتبات الموظفين" وماتبعها من سيناريوا عجيب وغريب قد جعل الموظف يردد اغنية "يااربعة ياربعة يانازلين سوق لاعه" ، بعد ان لف سبعين لفة في محاولة معرفة طلاسم وشرح واقناع الموظف بتلك الحلقات السعيدة والحزينة والغريبة في عالم الاجور.
أستبشرنا خيراً باعلان حكومة التغيير والبناء بصرف مرتبات موظفي الدولة في العاصمة اليمنية صنعاء واخواتها وأقر مجلس النواب مشروع صرف المرتبات بعد مناقشته واضفاء بعض التعديلات عليه وتوصيته الاحتفاظ بحقوق ومرتبات الموظفين للسنوات السابقة ، لكن المليح مايكملش .
كل المؤشرات تؤكد ان هناك من يريد تقليب المواجع واثارة الزوابع ونسف الحقوق وفتح باب للتذمر ويصادر سعادة الموظفين من خلال عملية تصنيف وتقسيم وجعجعة الموظفين والتمييز بين مؤسسات الدولة والاصتطدام بآلية لا تتجسد فيها قيم العدالة للموظف وراتبه الشهري ..
والدليل صرف راتب كامل لرئيس الدولة والحكومة ومجلس النواب والشورى شهرياً ونصف راتب للمؤسسات الايرادية شهرياً ونصف راتب ربعي لبعض المؤسسات ، ما يجعلنا نردد المثل المصري "الكبير.. كبير..والنص نص.. والزغنن مانعرفوش"!!.
يستغرب الرجل العاقل والانسان الحكيم والموظف البليد اليوم على أي اساس تمت اجازة آلية مرتبات موظفي الدولة ووفق أي دستور وقانون ولائحة وعُرف ؟، وكيف وافق مجلس النواب الذي يتحمل المسؤولية الكبرى على آلية التمييز بين المؤسسات والوزارات والهيئات والموظفين والعمال .. رغم ان المرتب حق لكل موظف ملتزم بالعمل ؟.
والغريب في الامر ان الحكومة ومجلس النواب هما من اجازا تلك التقسيمات الخارجة عن منطق العقل والحق والعدالة والمعايير التي احدثت هزة نفسية في اعماق الموظفين وصدمة لاتوصف مازال صداها يتردد في اذان الكثير حتى يتم اصلاح ما افسده العطار .
وأغرب من الخيال ان يُستبعد نحو 22 ألف استاذ موجه وموجهه واداري من آلية صرف مرتبات موظفي الدولة ، واطلاق بعض التصريحات من قبل وزير المالية بأن ذلك التضخم الاداري لايمكن اسيتعابه في فاتورة المرتبات وانه لابد من اعادة توزيع البعض الى الخدمة المدنية وتحويل البعض الى مدرسين ، بحسب مانشرته صحيفة 26 سبتمبر بصنعاء ، حتى يتسنى مستقبلاً لهم الصرف أو ايجاد حل في عملية " ظلم فاااادح" ومصادرة لحقوق الموظف الدستورية والقانونية..
يتساءل الموظف اليوم هل يرضى رئيس الوزراء والحكومة ومجلسي النواب والشورى باستلام نصف راتب كل رابع شهر لانفسهم أو تحويل فائض أعضاء مجلسي النواب والشورى والمستشارين الذين أصبحوا في حكم البطالة المقنعة الى الخدمة المدنية؟.
ومايحز في النفس ويفطر القلب ان آلاف الاداريين في التربية والتعليم من مدراء ووكلاء وموظفي ارشيف وسكرتارية ومكتبات.. مصدومين من عدم انصافهم واستيعابهم في الالية الجديدة بمايليق بوظيفتهم وخدمتهم وخبراتهم وكأنهم يعملون مع قطاع خاص ..
حتى مدراء وموظفوا رئاسة الجمهورية يصرخون من تصنيفهم في الفئة ج ، بحجة ان لها ميزانية من الدولة بينما الموظفين لاطالوا عنب اليمن ولا بلح الشام..
مهندسي وموظفي هيئة استكشافات النفط يتحدثون عن تجاوزهم قانوناً بينما يُصرف لموظفي شركة النفط والغاز ..
اكاديميين ودكاترة جامعات صنعاء وغيرها يعبرون عن سخطهم.. مؤسسة الثورة للصحافة بعد جهد جهيد تحولوا من الفئة ج الى ب رغم ان قانون المؤسسة يؤكد انها مؤسسة خدمية ذات طابع إيرادي بسيط جداً ، ورغم ذلك .. نردد المثل اليمني.. بكرة بعدة قالوا عيد..
كم نحن بحاجة الى تطبيق العدالة والالتزام بالدستور والقانون والوفاء بحقوق ومرتبات الموظفين .. على الاقل أصرفوا بدلاً من راتب شهري لبعض المسؤولين الكبار والمؤسسات ونصف راتب للبعض الآخر وربع راتب كل اربعة شهور للغلابة أجمعوا كل المرتبات و" أصرفوا نصف راتب شهري لكل موظف من باب التقشف وترشيد العبث وتحقيق المساواة وكل بحسب نسبة مرتبه..
بدءاً من الرئيس مهدي المشاط ومروراً برئيس حكومة التغيير والبنا الاستاذ احمد الرهوي ، وحكومته ورئيس مجلس النواب يحي الراعي ونوابه ورئيس مجلس الشورى محمد العيدروس واعضائه وبقية المؤسسات السيادية والايرادية وكل بحسب مستحقة حتى نجسد تطبيق العدالة بين موظفي الدولة واللحمةالوطنية ونزيل الاحتقان والغضب والتمييز والطبقية والتصنيفات التي ما انزل الله بها من قرآن ، سواء كانت بحسن نيه او سوء نيه او نتيجة للظروف الاستثنائية القاهرة.
أخيراً .. هل من المعقول ان الكفاءات والخبرات الكبيرة من موجهي التربية والتعليم الذين أفنوا حياتهم ومازالوا يمارسون أعمالهم في النزول الميداني الى المدارس وتقييم وتوجيه المدرسين والطلاب ، بدون رواتب بذريعة انهم اداريين؟.
أين وزير التربية والتعليم من هذا التصنيف الغريب وماموقفه ، واين الرئيس المشاط ، ورئيس الوزراء الرهوي من إنصاف هؤلاء الكوادر الوطنية التي تشتغل بكل مهنية وامانة والتزام رغم الفقر والجوع والازمات التي يعانوها .. أليس هذا ضرب من الجنون؟..
نأمل اعااااااادة النظررررر في آلية صرف المرتبات وتلافي القصور واصلاح الخلل وتهدئة خواطر الموظفين حفاظاً على حقوق المعلم والموجه والاداري والاكاديمي وغيرهم من موظفي الدولة لاحقاق الحق وغلق باب المهاترات السياسية والاثارة ، كون التوجيه والاعلان عن العمل بالالية الجديدة وعملية الصرف خطوة في المسار الصحيح ..
لكن من الافضل تلافي الاخطاء والقصور وتسويتها وفقاً لمقتضيات العدالة كون المرحلة دقيقة والظرف حساس والمبادرة باعادة النظر تفتح باب المسؤولية والثقة والسمعة الطيبة وتعكس مسؤولية الدولة.
"أعدلوا هو أقرب للتقوى".
[email protected]