صنعاء نيوز/ بقلم سعيد عابد -
في الأيام الأخيرة، شهدت إيران موجة احتجاجات في مختلف أنحاء البلاد، حيث نزلت مجموعات متنوعة من المجتمع إلى الشوارع للتعبير عن مطالبهم، بما في ذلك المتقاعدون، والعاملون في مجال الرعاية الصحية، وضحايا الاحتيال، إضافة إلى المواطنين في مختلف المناطق. يطالب المتظاهرون بتحسين الأجور وظروف المعيشة، وإصلاح الفساد الحكومي، والتوقف عن القمع المستمر. من طهران إلى تشابهار، يعبر المواطنون عن استيائهم المتزايد بسبب الأزمات الاقتصادية، وتدمير المنازل، والقمع الحكومي. في المقابل، ردت السلطات الأمنية بقوة على هذه المظاهرات، إلا أن استمرارها يعكس تصاعد السخط العام في البلاد.
تظاهرات الإيرانيين في الذكرى السنوية للثورة ضد الشاه في باريس
في الذكرى السنوية للثورة الإيرانية ضد الشاه، نظم الإيرانيون في باريس تظاهرة ضخمة وواسعة النطاق، والتي تعد حدثًا تاريخيًا ذا أهمية كبيرة. هذا التجمع المنظم بأناقة وبتنظيم رائع، والذي جمع أجيالًا مختلفة من الإيرانيين، بعث برسالة قوية للعالم حول حتمية نجاح الحركة الديمقراطية في إيران. رفع المشاركون في التظاهرة شعارات مثل "لا لشاه، لا للملالي" و"عاشت ثورة الشعب الإيراني الديمقراطية"، معبرين عن قوتهم وتصميمهم على إحداث التغيير.
احتجاجات المتقاعدين في مختلف المدن الإيرانية
في 9 فبراير، نظم المتقاعدون في منظمة الضمان الاجتماعي في طهران مظاهرة احتجاجية أمام مكاتب المنظمة مطالبين بزيادة المعاشات التقاعدية وتحسين ظروفهم المعيشية. وفي ذات اليوم، تظاهر متقاعدو صندوق الصلب والتعدين في مدينة أصفهان، حيث أعربوا عن مخاوف اقتصادية مشابهة. كما تجمع المتقاعدون من هيئة الضمان الاجتماعي في مدن الأهواز وشوش في محافظة خوزستان جنوب غرب إيران، مطالبين بتعويضات عادلة ودعم حكومي.
احتجاجات في تشابهار وسيستان وبلوشستان
في 8 فبراير، في مدينة تشابهار بمحافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيران، شنت قوات الأمن هجومًا في منطقة مراد آباد، وقامت بهدم جدران العديد من المنازل التي كانت قيد الإنشاء. أدان السكان هذا العمل، مشيرين إلى أنهم بنوا هذه المنازل بجهود مالية كبيرة، ليجدوا أنفسهم الآن مشردين. وفي المناطق الأخرى مثل سيب وسوران، داهمت قوات الأمن المنازل وفتحت النار على عمال نقل الوقود، مما ساهم في تكثيف القمع في المنطقة.
احتجاجات العاملين في قطاع الرعاية الصحية
في 7 فبراير، تجمع العاملون في مستشفى الشهداء في لردغان، محافظة تشهارمحال وبختياري غرب إيران، احتجاجًا على ظروف العمل الصعبة وتأخر الرواتب. عبرت الممرضات عن استيائهن بشعارات مثل "غياب الممرضة يعني انهيار النظام"، في حين استمر العاملون في قطاع الرعاية الصحية بالاحتجاج على الأجور المتدنية، وتأخر مستحقاتهم، وانعدام الأمن الوظيفي، مما دفع العديد منهم إلى مغادرة البلاد.
احتجاجات ضحايا الاحتيال في طهران
في 6 فبراير، تجمع ضحايا الاحتيال على الأراضي أمام مبنى البرلمان في طهران، مرددين شعار "صرخوا، صرخوا ضد هذا القمع". في نفس اليوم، نظم ضحايا فضيحة كريبتولاند المالية تظاهرة في المدينة احتجاجًا على تقاعس الحكومة في معالجة استثماراتهم الضائعة. رفع المتظاهرون شعارات مثل "كفى من الوعود الفارغة، طاولاتنا فارغة"، معربين عن استيائهم من الأكاذيب المستمرة.
قمع السلطات وتزايد الاحتجاجات
في ذات السياق، أعلنت شرطة طهران عن ضبط نصف طن من الألعاب النارية غير القانونية في السوق المركزي للمدينة، مدعية أن هذه المواد كانت موجهة للتوزيع قبل مهرجان النار التقليدي (الثلاثاء الأخير من السنة الإيرانية). وتستمر السلطات في تكثيف حملتها القمعية قبل أسابيع من هذا المهرجان، خشية أن تتحول التجمعات العامة إلى احتجاجات مناهضة للحكومة. ومن المتوقع أن يكون هذا اليوم، الذي أصبح رمزًا للتحدي، فرصة كبيرة للناس للتعبير عن معارضتهم.
الاستجابة الحكومية والمستقبل
تسلط الاحتجاجات الأخيرة الضوء على الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، والفساد المتزايد من قبل الدولة، والاحتقان الشعبي في إيران. مع تزايد المظاهرات في العديد من المدن الإيرانية، يتصاعد الاستياء من الحكومة، بينما تظل استجابة السلطات تركز على القمع بدلاً من الاستجابة للمطالب الشعبية. في المقابل، شهدت باريس أيضًا تظاهرة ضخمة في الذكرى السنوية للثورة ضد الشاه، حيث عبر الإيرانيون في الخارج عن دعمهم للحركة الديمقراطية في الداخل، رافعين شعارات قوية ضد النظام الحاكم. وبينما تستمر هذه الاحتجاجات في الانتشار، فإن استمرارها يشير إلى أن الغضب العام بعيد عن التلاشي، وأن الاضطرابات قد تستمر في الأسابيع المقبلة.
*سعيد عابد عضو لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ ناشط في مجال
حقوق الإنسان، وخبير في شؤون إيران والشرق الأوسط*
|