صنعاء نيوز/ رامي الشمري -
تعتبر كندا واحدة من أكبر موردي الكهرباء إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تلعب دورًا أساسيًا في تلبية احتياجات الطاقة في العديد من الولايات الأمريكية. يتم التبادل الكهربائي بين البلدين عبر شبكة من خطوط النقل عالية الجهد التي تربط بين شبكتي الكهرباء في كندا والولايات المتحدة. على الرغم من الفوائد الاقتصادية والبيئية لهذا التبادل، إلا أن التوترات السياسية الأخيرة بين كندا والولايات المتحدة، خاصة في ظل سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، التي قد تؤدي إلى تداعيات كبيرة على هذا التعاون الحيوي. هذا التبادل يظل أحد الأمثلة الحية على كيفية تأثير السياسة على مجالات التعاون بين الدول.
🔶 الإنتاج الكندي
تعتمد كندا بشكل رئيسي على مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، حيث يُعد مصدر الطاقة الكهرومائية هو الأكثر أهمية في هذا السياق. يُقدر أن أكثر من 60% من الكهرباء المولدة في كندا تأتي من الطاقة الكهرومائية، التي توفرها السدود المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد. إضافة إلى ذلك، تساهم مصادر أخرى مثل الطاقة النووية وطاقة الرياح في توفير الكهرباء.
ما يجعل كندا قادرة على تصدير كميات كبيرة من الكهرباء هو فائضها الإنتاجي، حيث تتمتع بقدرة إنتاجية عالية للكهرباء مقارنة بالاستهلاك المحلي. يُتيح هذا الفائض لكندا بيع الكهرباء إلى الولايات المتحدة، التي تعتبر سوقًا رئيسيًا للصادرات الكندية.
🔷 التصدير إلى الولايات المتحدة
يتم نقل الكهرباء الكندية إلى الولايات المتحدة عبر عدة خطوط جهد عالٍ تربط شبكتي الكهرباء في البلدين. تتركز صادرات الكهرباء بشكل رئيسي إلى مناطق معينة مثل نيويورك، نيو إنجلاند، ميشيغان، ومينيسوتا. في بعض الفترات، تشكل الكهرباء الكندية حوالي 10% من إجمالي استهلاك بعض الولايات الأمريكية.
تعتبر هذه الكهرباء جزءًا أساسيًا من شبكة الكهرباء الأمريكية، وتلعب دورًا مهمًا في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، خاصة في أوقات الذروة. في الولايات التي تعتمد بشكل كبير على الكهرباء الكندية، تصبح هذه التوريدات عاملاً رئيسيًا في استقرار إمدادات الطاقة.
🔶 الفوائد المتبادلة
تستفيد الولايات المتحدة بشكل كبير من هذا التبادل الكهربائي، حيث توفر الكهرباء الكندية بديلاً فعالًا من حيث التكلفة لتوليد الكهرباء، خاصة في أوقات الذروة عندما يرتفع الطلب على الطاقة. كما أن الاعتماد على الكهرباء الكندية يساعد الولايات المتحدة في تقليل استخدام الوقود الأحفوري، مما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية.
أما كندا، فهي تستفيد اقتصاديًا من تصدير الكهرباء، حيث تساهم هذه الصادرات في دعم قطاع الطاقة الكندي وتعزيز الاقتصاد الوطني. بشكل عام، يمكن القول إن هذا التبادل يحقق مصلحة اقتصادية للبلدين، ويعزز من استدامة الطاقة في المنطقة.
🔷 الاتفاقيات والبنية التحتية
تتضمن العلاقة بين كندا والولايات المتحدة في مجال الطاقة مجموعة من الاتفاقيات طويلة الأمد بين الشركات الحكومية والخاصة في كلا البلدين. هذه الاتفاقيات تضمن استمرارية توريد الكهرباء وضمان تبادل الطاقة بسلاسة بين الشبكتين.
تعتبر البنية التحتية لشبكات الكهرباء بين كندا والولايات المتحدة مترابطة بشكل كبير. هذا الترابط يسمح بتبادل الكهرباء في الاتجاهين عند الحاجة، مما يساعد على تحقيق استقرار في إمدادات الطاقة على كلا الجانبين.
🔷 المخاطر والمضار إذا قطعت كندا الكهرباء عن الولايات المتحدة
في ظل العلاقات المتوترة بين كندا والولايات المتحدة بسبب سياسات الإدارة الأمريكية السابقة، قد تتسبب كندا في آثار كبيرة على الاقتصاد الأمريكي في حال قررت قطع صادرات الكهرباء. إن الكهرباء الكندية تشكل جزءًا كبيرًا من إمدادات الطاقة في بعض الولايات، مثل نيو إنجلاند ونيويورك، ومن المرجح أن يؤدي قطع هذه الإمدادات إلى:
1. زيادة تكاليف الطاقة في الولايات الأمريكية**: في حال انقطاع الكهرباء الكندية، ستضطر الولايات المستوردة للطاقة الكندية إلى اللجوء إلى توليد الكهرباء محليًا أو استيرادها من دول أخرى. ذلك قد يؤدي إلى زيادة تكاليف توليد الكهرباء، خاصة في أوقات الذروة، مما سيرتد بشكل سلبي على المستهلكين والشركات.
2. ضغط إضافي على البنية التحتية للطاقة الأمريكية: بدون الكهرباء الكندية، ستواجه بعض الولايات صعوبة في تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، ما قد يسبب انقطاعات أو أزمات طاقة في تلك المناطق.
3. زيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري: في حال توقفت الكهرباء الكندية، سيتعين على الولايات المتحدة زيادة استخدام الوقود الأحفوري لتلبية احتياجاتها من الكهرباء، مما يساهم في ارتفاع الانبعاثات الكربونية وزيادة التلوث البيئي.
4. أثر على العلاقات الاقتصادية: قطع الكهرباء سيكون له تأثيرات اقتصادية أوسع، حيث إن هذه الطاقة تعد جزءًا من العديد من الاتفاقيات التجارية بين البلدين. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم التوترات التجارية والسياسية ويؤثر على العلاقات الاقتصادية في مجالات أخرى.
🔷 التوترات السياسية والموقف الكندي الجديد
تتمثل أحد الأسباب الرئيسة وراء تهديد كندا بقطع الكهرباء في السياسة الأخيرة للإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب، الذي فاز في الانتخابات الرئاسية في نهاية عام 2024. هذه الإدارة فرضت رسومًا جمركية مرتفعة على المنتجات الكندية، كما أثار ترامب خلال حملته الانتخابية تصريحات حول ضم كندا إلى الولايات المتحدة، وهو ما اعتبره الكنديون تهديدًا لسيادتهم.
ورغم فوز ترامب في الانتخابات، فإن الحكومة الكندية الجديدة تحت قيادة مارك كاني، رئيس وزراء كندا بعد استقالة جاستن ترودو، عازمة على كسب ثقة شعبها وتحقيق مصالح كندا بعيدًا عن الضغوط الخارجية. الحكومة الكندية تحت قيادة كاني تسعى للرد على التصريحات السياسية المزعزعة وتحقيق رد اعتبار على المستوى الوطني، مع التأكيد على أهمية حماية سيادة البلاد من أي تهديدات خارجية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الطاقوية مع الولايات المتحدة.
🔺 خاتمة
إن التبادل الكهربائي بين كندا والولايات المتحدة هو عنصر أساسي في تعزيز استقرار الطاقة في أمريكا الشمالية. ومع ذلك، تظل العلاقة بين البلدين معرضة للتوترات السياسية التي قد تؤثر على هذا التعاون الحيوي. إن تأثير قطع الكهرباء على الولايات المتحدة سيكون كبيرًا، إذ ستواجه البلاد تحديات اقتصادية وبيئية عديدة. لذلك، من الضروري أن تستمر الحكومتان في التعاون لضمان استدامة هذه العلاقات المهمة، بينما تعمل الحكومة الكندية الجديدة تحت قيادة مارك كاني على تعزيز موقفها الداخلي وحماية سيادتها من أي تهديدات خارجية.
هذا التبادل الكهربائي يظل أحد الأمثلة الحية على كيفية تأثير السياسة على مجالات التعاون الحيوي بين الدول. ولكن في الوقت ذاته، تظل كندا عازمة على كسب ثقة شعبها ورد الاعتبار في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الجديدة.
|