صنعاء نيوز/ الدكتور عادل رضا -
ان احد أدوار المثقف العربي المفقودة حاليا هو اشتغاله على صناعة "حالة نقدية" تصنع الوعي وتعيد البوصلة الشعبية نحو الاهداف الحقيقية للمشروع الساعي لصناعة النهضة على مستوى الفرد والمجتمع والدولة ومنها يتم خلق الاجواء الإيجابية لصناعة الابداع وضمان استمرار التنمية وصناعة السعادة المعيشية للشعب العربي على ارضه وجغرافيته القومية التي تعاني وتتألم من واقع تقسيمي فرضه عليه الاستعباد الخارجي ودعمه الاستبداد الداخلي واعطاه الوقود "الاستحمار" الذي يقويه الاعلام الموجه والدعاية والاثارات الطائفية والتوجيه الاستخباراتي وايضا هناك استحمار "ذاتي" يغرق فيه الفرد العربي او طائفية مريضة تجعل نفس هذا الفرد يقيم المواقف بناءا على انتماءات الناس الدينية الوراثية.
فتجعله لأسباب طائفية سعيدا غير مبالي لفقدان قادة عاشوا المبدأ الى الاستشهاد في خط القضية.
ان مثقف عربي ك المرحوم
"د. عصمت سيف الدولة" كان اول من حذر من خطورة مشروع ايتان شارون الساعي الى تفتيت المنطقة العربية طائفيا وتدمير الدول العربية وهو ما حصل على ارض الواقع ومن بعده اعلن جرس الانذار المرحوم
د. موسى الحسيني عن هكذا خطط صهيونية وكان لكاتب هذه السطور كذلك دور يفتخر به في توعية الشعب العربي عن الخطط الصهيونية العنصرية لتدمير البلدان العربية وخاصة مقررات مؤتمر هيرتليزيا الصهيوني وايضا دور الثورات الناعمة لضرب سوريا الدولة والمجتمع والجيش وهذا ما انتهى حاليا الى تدمير سوريا ك دولة وتفتيت المجتمع ودخوله الى صراعات دينية وراثية يستفيد منها الصهاينة.
ضمن هكذا احداث وبعد هذه المقدمة جاء حدث قصف منطقة قرب القصر الجمهوري في مدينة دمشق المحتلة والساقطة في يد جواسيس حلف الناتو واتباع الصهاينة.
حيث لدينا شلة جواسيس حلف الناتو واتباع الصهاينة متمركزين هناك بعد انهيار الدولة وتدمير الجيش العربي السوري.
ان هؤلاء بكل الاحوال و بكل تأكيد "جواسيس رخيصون الثمن وليس لهم قيمة" يتم ضربهم من قبل مشغليهم ومن يمولهم ومن يوظفهم؟
اما لترفيعهم شعبيا امام الحمقى والسذج او لأرسال رسائل لدول اخرى اذا صح التعبير ضمن تقسيم الدولة السورية المنهارة بين المتنافسين الدوليين الذين اخذوا ينهشون الجغرافيا والارض السورية المحتلة ويقسمونها بينهم.
ان هؤلاء الجواسيس وخدم الاجانب تمويلهم مليوني من حلف الناتو ودعمهم اللوجيستي المعلن على ارض الواقع من الصهاينة وكلنا شاهدناهم يتعالجون على سبيل المثال لا الحصر داخل مستشفيات الكيان الصهيوني.
والاسئلة الكبيرة تتراكم وتتكاثر لمن يريد ان يفكر ب "عقله"؟
فمن اين لهم كل هذه الاموال لدفع رواتب الالاف من المقاتلين الاجانب والمحليين ؟
ومن اين لهم كل هذا الدعم الفني والاستخباراتي والعسكري وشراء يوميات الحياة والاعتدة ومستلزمات الادارة العامة والمعيشة...الخ ؟
ان كل هذه الامور هناك من يدفع ثمنها ويسمح بحركتها من خارج سوريا الى داخلها؟
و واضح انهم ورقة جاسوسية تم استخدامها او سيتم التخلي عنها حسب المصلحة المرتبطة بما يريده حلف الناتو والصهاينة.
الان سوريا انتهت ك "دولة" و جيش ومجتمع حيث تم التفكيك الى عناصرهم الدينية الوراثية لأنه تم ازالة "الجامع العروبي القومي" من هكذا مجتمع كما حصل في القطر العراقي من قبل اذا صح التعبير وهذا كله يصب في خانة نجاح المشروع الصهيوني العنصري في منطقتنا العربية وهو تنفيذا لما اعلنه الصهاينة في اكثر من صيغة وضمن اكثر من مشروع وخطة انهم قادمون لتفتيت المنطقة وجعل انفسهم البؤرة والمركز الامني والاقتصادي والاستخباراتي والاعلامي الحاكم والذي يدير المنطقة العربية من النيل للفرات وهذا الامر منتوج مشكل صهيوني مزمن مستمر وسيتواصل بأنهم اقلية عددية "لا" تتجاوز الاربعة ملايين مستوطن اجنبي من كل قارات العالم تم تجميعهم وارسالهم لمنطقتنا ، وسط ثلاثمائة وخمسين مليون عربي مهزومين ك أنظمة رسمية ومجتمعات امام الحركة الصهيونية وانكشفوا اكثر بعد "انكسار" المقاومة اللبنانية و"لا" اقول "هزيمة!؟" وكذلك سقوط الدولة السورية وتدمير جيشها "العربي" وتفتيت إدارتها وغياب الدولة وانكشافها الكامل امام الاجانب والغرباء ودخول جواسيس حلف الناتو واتباع الصهاينة وشلة الخونة والمرتزقة وكيانات التكفير الوظيفية الى سوريا.
ناهيك عن الغدر الايراني القومي المصلحي البراغماتي الانتفاعي ب حلفائهم في المنطقة العربية وتركهم لمصيرهم امام حلف الناتو والصهاينة كما حدث في لبنان ك"مثال" ضمن حالة التوسل والاستجداء والشحاذة الايرانية القومية للغرب بأن يعيد قبولهم ك شرطي للمنطقة ويرتب معهم المسائل استخباراتيا وسط تخلي "عاهر" بدون خجل و"لا" حياء عن الخط الاسلامي.
ماذا علينا ان نعمل ك "شعب" عربي؟
هل الانتظار سيد الموقف؟ والصبر؟ والترقب المشلول لما سيحدث؟ لأن المشروع القومي العربي مفقود؟
والمشروع الاسلامي اما يطرح نفسه استحماريا ك نقيض للمشروع القومي لأسقاط كل الواقع العربي في يد الحلف الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية كما كان يقوم بذلك حركة الاخوان المسلمين ايام جمال عبد الناصر او كما قاموا بطرح انفسهم ك "سلطة" بديلة للنظام الرسمي العربي ايام ما يسمى ب "ربيع عربي" !؟ او غرقهم في الطائفيات السخيفة والتافهة والمذهبية بعيدا عن حاكمية القران الكريم؟ ان هكذا تناقضات بين القومية العربية والاسلام ليست خادمة لأحد الا اعداء العروبة واعداء الاسلام ؟ فمن المستفيد يا ترى؟
ان غياب مشاريع مفيدة للعرب جعلت الشعب العربي مشلولا لذلك نشاهد ان القدرة الواقعية على الحركة الشعبية مفقودة؟ والانفعالات الكلامية او تفريغ شحنات الغضب من هنا ب مظاهرة او من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لن تصنع تغيير في الواقع؟ الذي يفهم فقط الواقع نفسه والاخذ بأسباب القوة الحقيقية ضمن "استقلال حقيقي" وارادة تريد التحرك ضمن مشروع ذوو أهداف وبرامج وضمن قوانين الحياة نفسها.
هل ستحدث مفاجأت في الواقع العربي نفسه لن نعرفها الا في وقت حدوثها؟
طبعا الانسحاب من "معركة" صناعة الاستقلال الحقيقي والحرية والعدالة الاجتماعية وصناعة خط حضاري متجدد.
ان الانسحاب من هكذا "معركة" لن يصنع "راحة" فردية او اطمئنان مجتمعي او سيوقف مخططات الاجانب الغرباء الاجانب ضدنا.
ما العمل؟ اذن؟
د. عادل رضا
طبيب استشاري باطنية وغدد صماء وسكري
كاتب كويتي في الشئوون العربية والاسلامية
|