صنعاء نيوز/ -
الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب
في زمنٍ اختلط فيه الخيط بالإبرة، والقيم بالهاشتاغات، أصبحت بعض النساء ملائكة ترفو الجراح، بينما أخريات يتقنّ تمزيق ما بالكاد التأم. وبين الخياطة الاجتماعية والترقيع الأخلاقي، تظهر لنا مفارقة غريبة:
من تُصلح بصمت، ومن تُمزّق بصوتٍ عالٍ… وغالبًا على المباشر!
في الزمن الذي كانت فيه الجدة تخيط جورب زوجها المثقوب بدعاء "الله يجمع الشمل"، أصبحت الحفيدة اليوم تمزق علاقة زوجية بـ"بوست" غامض في إنستغرام عليه فيلتر رمادي وعبارة:
أنا مش زي زمان!
التمزيق كفن حديث:
من قال إن التمزيق لا يحتاج لمهارة؟
على العكس، فقد أتقنته فئة من النساء في هذا العصر حتى أصبح لهن مدارس فكرية كاملة:
- الناقدة المتخصصة: تمزق العلاقات الاجتماعية تحت شعار "أنا أكره النفاق"، لكنها لا تتحدث إلا من خلف ستارة.
- المثقفة الرقمية: تمزق صورة المجتمع التقليدي بـ"ثريد" مليء بالأخطاء الإملائية، لكنه يحصد آلاف الإعجابات.
- النسخة المتحررة: تمزق كل ما له علاقة بالالتزام، وتخيط فقط "قصصًا ملهمة" عن الحرية المنقوصة!
ولكن... ما زال هناك من تخيط:
في المقابل، هناك نساء يصنعن المعجزات بصمت... يُربّين، يُعلّمن، يُصلحن بين المتخاصمين، يُداوين الانكسارات العاطفية، ويخطن بوعيهن نسيجًا اجتماعيًا بدأ يتمزق. هؤلاء هن جنود الظل، لا يعرفهن الإعلام ولا يكرمهن أحد، ومع ذلك يواصلن الخياطة، غرزًا غرزًا، في عالم يتمزق بسرعة الانترنت الخارقه.
سؤال يفرض نفسه:
هل نحن في زمن كثرت فيه الممزقات وقلّت الخيّاطات؟
أم أننا ببساطة نُسلّط الضوء على التمزيق لأنه أكثر ضجيجًا من الإصلاح؟
في الختام:
بين المقصّ والإبرة، بين من تفسد ومن تُصلح، تبقى الحقيقة المرة: ليس كل تمزيق شجاعة، وليس كل خياطة ضعفًا.
فالتي تخيط قد تحفظ بيتًا، والتي تمزق قد تهدم وطنًا… وما أكثرهن في زماننا! |