صنعاء نيوز/عمر دغوغي -
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية
[email protected]
https://web.facebook.com/dghoughiomar1
في زمن تتعدد فيه أساليب التربية وتتباين وجهات النظر بين التراخي والتشدد، يظل السؤال مطروحًا بقوة: هل التربية الصارمة تُنتج جيلاً واعياً ومسؤولاً؟ أم أن الإفراط في الحزم يؤدي إلى نتائج عكسية؟ هذا المقال يحاول مقاربة الموضوع من زوايا متعددة لفهم العلاقة بين الصرامة والوعي في بناء شخصية الطفل والشاب.
ما المقصود بالتربية الصارمة؟
التربية الصارمة هي أسلوب تربوي يعتمد على الانضباط الشديد، القواعد الصارمة، والمتابعة الدقيقة لسلوك الأبناء.
غالبًا ما تُمارس بمنطق السلطة والطاعة، ويكون فيها القرار بيد الوالدين فقط، بينما تقل فيها فرص الحوار والنقاش.
غرس الانضباط
الأطفال الذين ينشؤون في بيئة صارمة يتعلمون احترام القوانين والانضباط في تصرفاتهم، مما يساعدهم على النجاح في بعض البيئات النظامية كالمدارس والوظائف الصارمة.
تقوية القدرة على التحمل
يعيش الطفل في جو من التحديات والضغوط، مما قد يطوّر عنده مهارات التحمل والصبر، وهي صفات مطلوبة في الحياة العملية.
تحديد السلوك المقبول
الوضوح في القواعد والحدود يساعد الطفل على تمييز الصواب من الخطأ، ما يُقلل من احتمالية الانحراف.
سلبيات التربية الصارمة
رغم ما قد تقدمه من مزايا ظاهرية، إلا أن التربية الصارمة تخفي آثارًا نفسية وتربوية عميقة
انعدام الثقة بالنفس
كثرة التوبيخ والعقاب بدون تشجيع أو حوار تؤدي إلى هشاشة نفسية، ويُصبح الطفل غير واثق من قراراته أو قدراته.
ضعف التواصل العاطفي
غياب الحنان والحوار يجعل العلاقة بين الآباء والأبناء قائمة على الخوف، وليس الحب، مما يؤدي إلى فجوة عاطفية.
التمرد أو الانكسار
بعض الأبناء يستسلمون ويصبحون فاقدين للحافز، بينما يتجه آخرون للتمرد ورفض السلطة نهائيًا، ما يؤدي إلى صراعات مستقبلية.
الوعي لا ينبع من الخوف، بل من الفهم
الوعي لا يُزرع بالإكراه بل بالتوجيه والفهم الجيل الواعي هو من يتعلم التفكير النقدي، اتخاذ القرار، وتحمل النتائج وهي أمور لا تنشأ في بيئة يُمنع فيها الطفل من التعبير عن رأيه أو تُقابل أسئلته بالعقاب.
البديل: الحزم الإيجابي
الحزم لا يعني القسوة بل يعني وجود قواعد واضحة، مع مساحة للنقاش، والتعبير عن المشاعر، والتعلم من الأخطاء التربية الناجحة تجمع بين:
الحب والدعم العاطفي
الحدود والانضباط
الاستماع والتوجيه
إذن، ليست الصرامة وحدها من تُنتج جيلاً واعياً، بل الوعي هو نتاج تربية متوازنة، تُعلم الطفل كيف يُفكر، لا فقط كيف يُطيع.
الجيل الواعي لا يُربى على الخوف، بل على الإدراك، الاحترام، والحوار.
فالسؤال الحقيقي ليس: هل كنت صارمًا؟ بل: هل كنت حاضرًا ومؤثرًا؟