shopify site analytics
قنديل يكتب : نكبة فلسطينية أم انقلاب عربى ؟ - من صحافة العدو - النشرة المسائية لوسائل الإعلام العبري لنهار الأحد الموافق 08  يونيو 2025  - سيدة "تعود إلى الحياة" في نعشها - سر الكدمة القاتمة تحت عين ماسك - أين الأناقة الفرنسية؟.. إطلالة بريجيت ماكرون في موناكو تثير سخرية - يرفع شعار التحدي.. وكأنه لاعب مخضرم - كرستيانو ..جرّهم من (الآذان)..وكسب (الرهان) ! - منيغ يكتب: الجزائر مسعاها خاسر - دور “دون كيشوت” يتصاعد في الإعلام الاجتماعي العربي -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - قد يبدو غريبا ـ ربما شاذا ـ أن نتحدث عن أمل فى عتمة اليأس ، أو أن نمتدح تدفق شلالات النور فى قلب الظلام الدامس

الإثنين, 09-يونيو-2025
صنعاء نيوز/عبدالحليم_قنديل -





قد يبدو غريبا ـ ربما شاذا ـ أن نتحدث عن أمل فى عتمة اليأس ، أو أن نمتدح تدفق شلالات النور فى قلب الظلام الدامس ، وقبل أكثر من عشرين سنة ، كانت الأحوال على ما قد نتذكر، كان الجنرال "آرييل شارون" قد أكمل لتوه اجتياح الضفة الغربية مدنا وقرى ومخيمات ، وكانت السكين تقترب من رأس الزعيم الفلسطينى الراحل "ياسر عرفات" ، وكان الوضع العربى عموما على ما نعرف من العجز وبؤس المشهد ، وفى غمرة الانفعال باللحظة المؤسية ، كتبت وقتها تعليقا على ما جرى فى الأمة المنكوبة حكاما وشعوبا ، كتبت نصا "هذه أمة لا يغفر الله لعصاتها ، ولا يستجيب لدعاء تقاتها" ، ومن شرفة التاريخ اليوم ، يبدو ما كتبت وقتها ظلما لما كان ، ولا يقاس سلبا إلى ما يقع اليوم أو لا يقع ، فلم تعد لأوصاف من نوع الانهيار والقعود والخيبة والخيانة إن شئت ، من معنى يعقل ، بل تعدت الأمة حكومات وشعوبا حواجز التردى كلها ، وتعدت القاع إلى قاع القاع ، ولم يعد للأمة المهزومة المخذولة من معنى مرئى ، وانتهت إلى جثة متعفنة ، صارت فى طور "التحلل الرمى" بمجازات التشريح الطبى .
وأيا ما كان تعريفك للأمة عربية كانت أو إسلامية ، فحالة "التحلل الرمى" أقرب وصف للأمة إياها ، وعلى الجبهة الفلسطينية الأمامية ، تجرى أهوال يوم القيامة ، والعذاب الأسطورى للشعب الفلسطينى ، الذى يذبحونه بالجملة ، وتقطع أشلاؤه كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة ، وحمم النار تحرق كل شئ بشرا وحجرا وشجرا ، وتتلاحق صور المحرقة المهلكة بالصوت والصورة ، تستصرخ الضمائر الحية فى عواصم بعيدة ، بينما لاحس ولا خبر ولا آهة ألم فى ما نسميه مجازا بعوالم العرب والمسلمين ، وعلى النحو الغالب الأعم ، لا فى شوارع الناس ولا فى قصور الحكم ، والكل ـ تقريبا ـ يدير ظهره ويلوى بصره حتى لا يرى حقول الدم ، إلا من عصم ربك وهم قليل ، وفى ساحات بعينها لعل أظهرها فى اليمن الأشد فقرا وعاصمته العزيزة "صنعاء" ، التى تخلو من البهارج والقصور وليالى "الهنك والرنك" وموائد الطعام الممدودة ، فهم يحصلون على ما يسد الرمق بالكاد ، وينافسون بجوعهم ما يجرى من مجاعة مفروضة على أهل فلسطين ، لكنهم يرسلون صواريخ النجدة يوميا إلى فلسطين المحتلة ، التى وإن جرى اعتراضها وإسقاط أغلبها قبل تدمير أهدافها داخل كيان الاحتلال ، فإنها تقتل الروح المعنوية لمستوطنى الكيان ، وتصيب ملايينهم بالفزع والرعب ، والفرار إلى الملاجئ ، وتهزمهم بالخوف قبل شظايا الصواريخ ، وأيا ما كان رأيك ورأيى فى "الحوثيين" ، وما فعلوا مع غيرهم باليمن الممزق المتألم ، فقد تحولوا إلى ظاهرة كاشفة لمعدن الأمة الغائب ، ولقدرتها المحجوزة فى أكفانها ، وهذا هو الوجه الآخر المغيب لظاهر الموات و"التحلل الرمى" العربى المعمم ، تماما كما أن صمود الفلسطينيين الإجبارى ، وخبزهم لتراب وطنهم بأنهار الدماء ، ومحنتهم التى جعلتهم "شعب الله المختار" فى زماننا بامتياز ، وتخلق تاريخا جديدا طالعا من رماد ، لا تخبو فيه أمارات المقاومة الإعجازية من عشرات آلاف الشباب ، يسكنون كما شعبهم فى العراء وبين الأنقاض ، وفى أنفاق تحت الأرض وفوقها ، ويصنعون خبزهم ـ كفافهم وقنابلهم وعبواتهم ورصاصهم الذى لا ينفد ، ولا تزال السيرة باقية إلى الأجل غير المعلوم ، وتلهم القادمين على ضفاف فلسطين فى لبنان الذى يشتعل جمره تحت الرماد ، وتظهر نداء الشهيد "محمد الضيف" "حتى فى "سوريا" ، التى يلحقونها بأمن "إسرائيل" ، ويقتطعون من لحمها لتأكل "بهائم إسرائيل" ، وتعبير "البهائم" ليس من عندى ، بل هو لكاتبة "إسرائيلية" غاضبة من قطيع المعتاشين على الدم الفلسطينى ، وصفت به فى صحيفة "هآرتس" مسيرات أعلام المستوطنين ، وهم يجتاحون "المسجد الأقصى" فى ذكرى النكبة الكبرى ، ويدنسونه بصلواتهم ورقصاتهم "التلمودية" ، ويعدون لهدم "الأقصى" وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه .
ما أردت قوله أن كل عدوان يزكى نقيضه ، وكل موات تبعثه فيه حياة جديدة ، مهما عصف الألم وسالت الدماء واستبد الطغيان الوحشى ، وأن ظلامنا الدامس لا يخفى شرر النور فى رماده ، وأن لحظات المآسى تعقبها ـ ربما ترافقها ـ المغازى الكفاحية النبيلة ، فوقت أن كتبت قبل أزيد من عشرين سنة ما كتبت ، وكدت أنعى الأمة التى نساها الله فأنساها نفسها ، كانت عينى كغيرى على ظاهر التدهور والانحدار ، مع أن أمة الحقيقة على الجانب الآخر ، كانت تصنع بدماء المقاومين القلة تاريخا آخر ، كان عبر وقتها من تحرير جنوب لبنان بالدم الذى كسر السيف ، وانتقل إلى فلسطين المحتلة مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية ، ونجح فى دفع العدو المحتل إلى الجلاء من طرف واحد عن "غزة" ، التى تحولت بعدها رغم القهر والحصار إلى فلسطين مصغرة مكثفة ، خاضت حروبا ضارية وحدها ، هى أطول حروب عرفها تاريخ الصراع مع العدو "الإسرائيلى" الأمريكى ، ووصلت إلى ذروتها بعد زلزال السابع من أكتوبر 2023 الذى أعلن "محمد الضيف" بيانه

الأول من وراء الظلال ، وعلى مدى عشرين شهرا إلى اليوم ، كانت حرب الإبادة كفيلة بمحو أمة المليارى نسمة ، لكنها عجزت عن كتم أنفاس "غزة" ذات المليونين ، التى ظلت وتظل تصرخ وتنزف وتجوع وتعرى وتقاوم ، وصهرتها النيران والمحارق والمجازر ، وحولت أهلها إلى صورة هى الأصفى والأنقى لجوهر الأمة الذاهلة الغائبة فى موات طويل ذليل ، لكن "غزة" الدامية ذاتها ، سوف توقظ الأمة ولو بعد حين من رقدة أهل الكهف ، فقد نتلفت إلى ما يجرى هنا أو هناك ، ولا نجد ظاهرا غير قبض الريح والهوان بلا آخر ، وهدايا تريليونات الدولارات إلى "دونالد ترامب" قرن الشيطان وقائد حرب الإبادة الجماعية والاجتثاث العرقى ، مع خزى الأنظمة وحكامها ، ومباريات الممالك ، وتسابقها للفوز بمحبة الكاوبوى "ترامب" ورضا "بنيامين نتنياهو" ، ومسارعة البعض من غير المرضى عنهم إلى "إعادات تموضع" ، وإلى استدارات تكتيكية فى المكان نفسه ، لكن أحدا فى ختام الأمر لن ينجو من مضاعفات وأهوال يوم القيامة فى "غزة" ، فما جرى ويجرى ليس نهاية قصة ولا نكبة فلسطينية جديدة كما يحلم المتخاذلون وغربان الشؤم ، بل نحن ـ فيما نظن ـ على أعتاب انقلاب عربى جديد ، لن تستقر معه صورة الشرق الأوسط الجديد المستهدف ، ولن تدوم فيه سيادة "إسرائيل" على ما عداها ، ولا الترتيبات التى أعدوا لها ، ويشرعون فيها ، لا إلى الشرق والشمال من جغرافيا كيان الاحتلال ، ولا فى الغرب والجنوب بالذات ، ةربما نكون بصدد حركات مقاومة جديدة طالعة من غرس الدم ، وبصدد تغييرات سياسية واستراتيجية فيها طابع الإجبار لا الاختيار ، وكما تزحف المخاطر داهمة بإفناء الفلسطينيين ودفعهم إلى التهجير ، فإن دماء "غزة" ودمارها ، تعلم المحبين والكارهين ، أن الخضوع للكيان "الإسرائيلى" ليس فرضا ولا سنة ، ولا شرطا لحياة ولا لبقاء ، ولا الركوع لسيد البيت الأبيض من لزوم ما يلزم فى الصلوات الخمس ، خصوصا أنهم جربوا الوصفة المسمومة على مدى نصف قرن ويزيد ، فلا هى صانت أوطانا ولا حمت عروشا ولا كفلت عيشا كريما ، والعودة إليها غباء مطلق ، وبالذات مع ما يجرى عاصفا متلاحقا من تغيرات فى خرائط القمة الدولية ، التى لا تشير أبدا إلى اتصال طغيان أمريكا وانفرادها بمصائر العالم ، وهى التى مشت على بطنها مضطرة لعقد اتفاق وقف نار مع جماعة بمقاس "الحوثى" ، بعد أن طاشت غارات "ترامب" وحاملات طائراته وقوته المسلحة "العظمى" مع الريح ، فما بالك إذا استيقظت قطاعات أكبر من الأمة المغيبة فى مواتها ، ووعت درس التحدى الذى يصنع المعجزات .
والخلاصة فيما يجرى اليوم وغدا ، أن من يريد أن يشترى يأسا ، فبضاعته فى السوق كثيرة مغرية ، لكنه اليأس الذى ينجب أملا يبدو لناظره مستحيلا ، ونحن لا ننظر بل ننتظر بعد كل هذا القتل والدمار والنيران ، وقد زالت وتزول معه كل ممالك الأوهام ، وثبت أن طلب السلام مع كيان العدوان الهمجى ليس له من معنى ، إلا أن يكون خضوعا واستسلاما ، لن يحفظ حتى رقاب المستسلمين والخانعين ، فطوفان النيران يزحف ، ولن يحفظ أمنا لأحد ، حتى لو طبعت كل الدول العربية مع "إسرائيل" كما قال رئيس أكبر دولة عربية ، فلم تعد "إسرائيل" تطلب مزيدا من "تطبيع" ، بل تريد "التتبيع" الكامل ، والاستيلاء المباشر على الأرض ودهس العرض ، والحكام الذين يطلبون وظائف الخدم فى البيت "الإسرائيلى" ، لا يخدعون أحدا بأقنعة شرق أوسط جديد ولا قديم .
[email protected]
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)