صنعاء نيوز/ محمد النصراوي -
في الأيام القليلة الماضية، شهدت إيران واحدةً من أعقد المواجهات الأمنية، حينما نُفذ هجومٌ على أراضيها استهدف مواقع عسكريةٍ حساسة، في عمليةٍ نفذها الجيش والموساد الإسرائيلي، هذا الحدث، وإن حمل طابع المفاجأة، إلا أنه لم يمر من دون رد، ففي ليل نفس اليوم، جاء الرد الإيراني صريحاً وحازماً، حين قصفت طهران مواقع في الأراضي المحتلة، في رسالةٍ واضحة مفادها أن أي عبثٍ بالأمن الإيراني سيواجَهُ بردٍ موجع، وبلا تأخير.
ما جرى لا يعكس ضعف إيران بقدر ما يعكس تعقيد المشهد الأمني في المنطقة، وتحول الحروب إلى حروبٍ غير تقليدية تعتمد على الاختراق، والتلاعب بالجبهات الداخلية، وتوظيف الحرب النفسية والإعلامية، إنها ليست حرب صواريخٍ فقط، بل حرب معلوماتٍ وولاءات، وتلك، كما يعرف المتابعون، أخطر من أي صدامٍ مباشر.
الإيرانيون لطالما أكدوا أنهم ليسوا بمنأىً عن التحديات، لكن ما يميزهم هو سرعة الاستجابة، وامتلاك زمام المبادرة، كما حدث في الرد الأخير، ومع ذلك، لا يمكن التغافل عن طبيعة الهجوم، الذي يدل على انتقال العدو إلى استراتيجيةٍ تستهدف خلخلة الثقة داخل المجتمعات، وبث الفوضى من الداخل، وهي ذات الأساليب التي جُربت في بلدان أخرى، مثل العراق، عندما أُنهك من الداخل قبل أن يُضرب من الخارج.
الرسالة الأهم التي ينبغي التوقف عندها، هي أن الاستقرار لا يُبنى فقط بالسلاح، بل بوحدة الجبهة الداخلية، وبتحصين الهوية الوطنية من محاولات التفكيك والتضليل، الدول التي تتعرض لحروب مركبة، تحتاج إلى يقظةٍ شاملة، وإلى فهمٍ عميق لطبيعة التهديدات التي لم تعد تقليديةً أو معلنة.
ما حدث في إيران ليس حدثاً عابراً، لكنه أيضاً ليس ضربة قاضية، إنه فصلٌ من فصول صراعٍ طويل، تتغير فيه الأدوات والأساليب، لكن تبقى المعركة قائمةً بين من يريد الاستقلال والسيادة، ومن يسعى لبث الفوضى وتحقيق الأجندات من خلال العملاء والخلايا النائمة.
على دول المنطقة أن تقرأ هذا الحدث ليس كمؤشر ضعف، بل كتحذير من شكل الحروب المقبلة، حيث تكون الجبهة الداخلية هي خط الدفاع الأول، وحيث يكون تماسك الشعوب هو السلاح الأقوى، الرد الإيراني السريع والمباشر أكد أن الأمن القومي ليس خطاً أحمر فحسب، بل هو معركةٌ لا مساومة فيها، مهما اختلفت جبهاتها.
|