صنعاء نيوز/عمر دغوغي -
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية
[email protected]
https://web.facebook.com/dghoughiomar1
في زمن تتسارع فيه التحولات الاجتماعية والاقتصادية، تبرز الحاجة إلى أنظمة تضبط سلوك الأفراد وتحافظ على التوازن داخل المجتمع.
وبينما يُعَدّ القانون وسيلة رسمية لتنظيم العلاقات، فإن القيم الأخلاقية تشكل الضمير الداخلي الذي يُوجه الأفعال والنوايا.
لكن هل يكفي أحدهما دون الآخر؟ الواقع يُثبت أن التكامل بين القانون والقيم هو الأساس الحقيقي لبناء مجتمعات متماسكة ومستقرة.
دور القانون في ضبط السلوك
القانون هو مجموعة من القواعد المكتوبة التي تنظم حياة الأفراد في المجتمع، وتحدد الحقوق والواجبات، وتفرض العقوبات على من يخرج عنها.
وظيفته الأساسية هي حماية النظام العام وتحقيق العدالة، من خلال أدوات واضحة مثل الردع والعقاب والتقنين.
إلا أن القانون، مهما بلغ من الدقة، يبقى آلية خارجية لا تستطيع مراقبة كل التفاصيل أو ضبط كل النوايا، خصوصًا في المجتمعات الكبيرة والمتنوعة.
مكانة القيم الأخلاقية في المجتمع
القيم الأخلاقية، مثل الصدق، الأمانة، الإحسان، والعدل، تُشكّل مرجعية داخلية تنبع من ضمير الإنسان وثقافته ودينه وتربيته.
وهي التي تدفع الفرد لاحترام الآخرين، والتصرف بنزاهة حتى في غياب القانون أو الرقابة.
إنها قوة ناعمة غير مكتوبة، لكنها في كثير من الأحيان أكثر فاعلية من القانون، خصوصًا في الأمور التي يصعب تقنينها أو مراقبتها مثل النية، الولاء، أو الصدق في أداء الواجب.
لماذا لا يمكن الاستغناء عن أحدهما؟
القانون دون قيم: يصبح جافًا، يُطَبَّق شكليًا، وقد يُستغل عبر التحايل.
كما أن المجتمعات التي تعتمد فقط على العقاب، دون تربية أخلاقية، تُنتج أفرادًا يطيعون خوفًا لا اقتناعًا.
القيم دون قانون: رغم أنها نبيلة، لكنها لا تكفي لضمان العدالة، لأن ليس كل الناس يملكون ضميرًا حيًا أو تربية أخلاقية متينة هنا يأتي القانون لضبط السلوك وردع التجاوزات.
التكامل هو الحل
عندما تعمل القيم جنبًا إلى جنب مع القانون، يُصبح المجتمع أكثر توازنًا.
فالقانون يُرسي النظام من الخارج، والقيم تُدعمه من الداخل. هذا التكامل يُنتج:
مواطنين يحترمون القانون عن قناعة لا خوفًا
مؤسسات قائمة على العدل والنزاهة
بيئة عمل يسودها الالتزام والثقة
تقليل الحاجة للرقابة والردع المستمر.
لا يمكن لمجتمع أن ينهض اعتمادًا على القانون فقط، كما أن القيم دون دعم قانوني قد تظل شعارات فارغة.
إن التكامل بين القانون والقيم هو السبيل إلى بناء حضارة تُحترم فيها الحقوق، ويُؤدى فيها الواجب، وتُصان فيها كرامة الإنسان. فحين يُقنَّن العدل، وتُزرع الأخلاق، تزدهر الأوطان.