صنعاءنيوز/ د/ سعاد سالم السبع[1] -
برغم كل الظروف فلا بد أن يحل العيد، ولا بد للأطفال أن يفرحوا بملابس العيد وبجعالة العيد وبعسب العيد... وحدهم الأطفال من يستحق الفرح لأنهم وحدهم من يملكون قلوبا نظيفة وعقولا صافية من مكدرات الحقد والأنانية والجشع..وحدهم الأطفال الذين لا يعيشون يوما واحدا بلا مشاجرات مع بعضهم، وقد تصل مشاجراتهم إلى الاشتباكات العنيفة لكنهم لا يعودون إلى بيوتهم إلا وقد حلوا نزاعاتهم وتصالحوا وقبلوا بعضهم وتعاهدوا بفتح صفحة يوم جديد.. وحدهم الأطفال الذين يتسامحون مع بعضهم حتى ودماؤهم تسيل بفعل المشاجرات في اجتماعتهم.. ولكل ذلك فهم وحدهم من ينبغي أن يستمتع بفرحة العيد لأنهم وحدهم من يقدر على ممارسة الفرحة بصدق...فهنيئا لهم قدوم عيدهم، عيد الفطر المبارك بهم وعليهم...
أما نحن الكبار فما علينا إلا أن نتيح الفرصة للأطفال ليفرحوا بعيدا عن خيبتنا، وعن أحقادنا وعن منازعاتنا وعن أطماعنا و همومنا وأكدارنا، ولندعهم يحتفلون بعيدهم، ولننكفئ على وجوهنا ولنحتفل بفشلنا في صناعة الحياة الآمنة التي قتلناها من أجل جميع الأشياء التي عطلت حياتنا وأقلقتنا ولم تتح لنا حتى الحلم بالتغيير المنشود...
ليذهب الكبار بعيدا عن فرحة الأطفال بالعيد؛ وإذا كان ولابد لهم أن يكونوا قريبا من أطفالهم فليتخلوا عن دور الراشدين وليعودوا إلى أدوار الطفولة وليجروا مع الأطفال وليصرخوا ويتعثروا كما يفعل الأطفال وليمارسوا جنون الأطفال وتلقائيتهم وبساطتهم وانطلاقاتهم، ربما يكون في هذا الجنون ما يهز شيخوخة القلوب والعقول ويمنحها دفقة من الحياة الحقيقية التي تعين الكبار على تحمل ما تبقى من العمر، فقد ثبت علميا أن الاقتراب من الأطفال واحتضانهم واللعب معهم يمنح الكبار طاقة نفسية عجيبة، ويقلل من حجم الضغوط النفسية على الأعصاب، وطاقة الأطفال متاحة للجميع بحلول العيد السعيد بالأطفال فحسب...
نحن بحاجة لطاقة الأطفال لأننا لم نعد قادرين على شحن خلايانا بمشاعر العيد حتى من قبيل التظاهر بالفرحة كما كنا نفعل في الأعياد السابقة، فهذا العيد ليس كباقي الأعياد في حياتنا؛ فهو عيد اللاوعي بما يدور حولنا ويختطف أنفاسنا إلى مجهول لا نملك أن نصده، ولا نستطيع أن نحتمل الدخول فيه، عيد مليء بالمرارة والتشتت والخوف مما هو آت، انشطرت فيه أرواحنا ما بين الحزن مما حدث والخوف من القادم المجهول..
لكنه مفروض علينا أن نبتسم وأن نتظاهر بالسعادة حتى وإن كانت همومنا مثل الجبال، وواجب علينا أن نحمل رؤوسنا على أقدامنا وأن نخرج مع أطفالنا حتى وإن كان خروجنا إجباريا، فالأطفال لا ذنب لهم وليسوا معنيين بتحمل خطايانا وخلافاتنا ونزاعاتنا..
لعل الفرج يأتي مع العيد ، فيعود طعم الزمن إلى حياتنا بعد أن صارت الأيام لدينا متساوية، متوقفة ، لا جديد فيها نتوقعه، ولا قديم فيها نتوق إليه، حينما نفقد طعم الزمن تغيب الفرحة وتبهت الحياة ويصير العيش بطعم العلقم ..عيدنا نحن الكبار مؤجل حتى تتغير الأحوال ويعود لقلوبنا الأمن والأمان وننام ونحن نحلم بالمستقبل ونخطط لليوم التالي ..
عيدنا نحن الكبار سيكون حينما نصحو لنعلم بعد صحونا ماذا علينا أن ننفذه من مهام في أعمالنا ، حينما يعود الانضباط إلى جداول أيامنا، حينما نمارس حياتنا العادية- التي كنا نشكو من الملل فيها- بلا مفاجئات.. يااااااه كم نشتاق اليوم إلى تلك الحياة المملة!! فالملل أخف على النفس من الذي نعيشه في ظل أزمة كتمت على كل الأنفاس حتى صرنا نعيش العدم في كل شيء... لقد توقفت أحلامنا وأعمالنا وحتى مشاعرنا تجاه الآخر توقفت بفعل الأزمة ...فلنهرب جميعا إلى عيد الأطفال، ولنتمرغ في عالم الأطفال، فالفرحة الحقيقية هي مع الأطفال ومن أجلهم...!! وعيدكم مبشر بأمل جديد بإذن الله..
ياعيد أنت العيد في كل الأزمان أنت فرحة من الرحمن فلا تغادرنا ونحن على هذه الحال !!!