صنعاء نيوز/د. عبدالوهاب الروحاني -
انتهت الحرب الإسرائيلية- الإيرانية بانتصار كلا الطرفين، (كما قالت إسرائيل وإيران)، ولكن وبعيداً عن الانفعالات والعواطف، يمكن تلخيص نتائج حرب الاثني عشر يوما (13 – 24 مايو 2025) في أربع نقاط رئيسية:
1. قدمت كل من إسرائيل وإيران دروساً جديدة لدول المنطقة، ربما استوعبتها تركيا، لكنها لا تزال عصيّة على كثير من الدول العربية.
2. خسرت إيران كثيرا، واخترقت على كل المستويات وبشكل مخزِ ومخيف، كما خسرت إسرائيل ايضا، ولكن مع تفاوت في طبيعة الخسائر ونوعيتها.
3. تُحسب لإيران أنها أول دولة في المنطقة أوصلت نيرانها إلى داخل إسرائيل منذ عام 1948.
4. أثبتت الحرب أن إسرائيل لم تعد قوة الردع الوحيدة في المنطقة.
لقد كانت حرباً تجريبية وخاطفة، خلقت من خلالها إيران معادلة جديدة، فهمتها الولايات المتحدة سريعاً، فبادر الرئيس ترامب إلى وقف الحرب مباشرة بعد قصف المنشآت النووية في "نطنز"، و"فوردو"، و"أصفهان".
كان ذلك التحرك السريع من ترامب قد حقق أمرين:
الأول: سمح لإيران بامتصاص الضربة، من خلال رد فعل رمزي لم يُحدث ضرراً يُذكر للقاعدة الأمريكية في "العديد" بقطر.
الثاني: مثّل اعترافاً أمريكياً – إسرائيلياً ضمنياً بوجود قوة إقليمية أخرى في المنطقة إلى جانب إسرائيل، وهي إيران، التي يجب أن يُحسب لها حساب.
والأهم من كل ذلك، أن كلا الطرفين – إيران وإسرائيل – كانا مستعدين لاختطاف اللحظة، واقتناص فرصة وقف الحرب. أتدرون لماذا؟
أولاً: لأن إيران تدرك أنه في حال استمرار الحرب – رغم امتلاكها القدرة على ذلك – فإنها ستجد نفسها في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الامريكية.
ثانياً: لأن الصواريخ الإيرانية أحدثت نزيفاً غير مسبوق في الداخل الإسرائيلي، وإسرائيل لم تكن قادرة على مواصلة الحرب، إذ اعتادت على عمليات جوية خاطفة لا تمس عمقها الجغرافي كما جرى في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
ثالثاً: لأن الحرب كشفت الطرفين، فكل منهما صار يعرف خصمه بشكل أوضح، ويعي حدود قدرته على الاستمرار في المواجهة من عدمه.
رابعاً: لأن الطرفين كانا حريصين على شعبيهما وعلى مقدرات بلديهما، لذلك أوقفا الحرب خلال ساعتين، عبر مكالمة هاتفية، وبتصريح عابر من الرئيس الأمريكي.. بدون مفاوضات، ولا مبعوثين، ولا خارطة طريق، ولا وساطات.
ومن هنا، من المتوقع أن تنخرط إيران وأمريكا، ومعهما إسرائيل (وإن من تحت العباءة الأمريكية)، في مفاوضات قد تفضي إلى ترتيبات تعزز أمنهم، وتنمي مصالحهم، وتضمن الرفاهية لشعوبهم.
لكن، في المقابل، ستواصل إسرائيل محاولاتها القضاء على البرنامج النووي الإيراني، ولن تتنازل إيران عن تطوير مشروعها، بل وربما تصل إلى أعلى درجات تخصيب اليورانيوم، بما يؤهلها لإنتاج ما تسميه "السلام النووي"، في حين ستستغل الولايات المتحدة كل أوراق القوة والضعف في الإقليم لخدمة مصالحها الاستراتيجية.
والخلاصة المهمة، هي أن إسرائيل، وإيران، وأمريكا، ربحوا الحرب كل بطريقته الخاصة، بينما الخاسر الأكبر هم العرب.. العرب الذين لا صوت لهم ولا موقف تجاه ما يجري من استباحة لشرف الامة وكرامتها.
العرب هم الوحيدون الذين يدفعون ثمن خذلانهم بتناقص فرص أمنهم واستقلالهم، وضياع مستقبلهم، وقضاياهم، وخسارتهم الكبرى تكمن أولاً في فقدانهم للبوصلة، ثم في ضياع قضيتهم المركزية (القضية الفلسطينية)، وتراجع مكانتهم، وتبدد آمال شعوبهم.
د. عبدالوهاب الروحاني. https://www.facebook.com/share/p/17xekJZVdJ/?mibextid=oFDknk |