صنعاء نيوز/ د. زينب البدول* - أزمة النظام الإيراني؛ والبديل الديمقراطي نحو تغيير تاريخي
يمر النظام الإيراني الحاكم بأضعف مراحل حكمه منذ تأسيسه عام 1979، حيث تتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وسط سخط شعبي متصاعد، ولقد حذّر مسؤولو النظام أنفسهم من أن الوضع في إيران قابِل للانفجار، مع احتمال اندلاع انتفاضة شعبية في أي لحظة.. حيث فقد النظام دروعه الإقليمية التي كان يعتمد عليها لتعزيز هيمنته، بينما أدت سياساته القمعية وإشعاله الحروب في المنطقة إلى تفاقم أزماته الداخلية؛ اليوم يعاني النظام من انهيار اقتصادي، وعجز في توفير الخدمات الأساسية، وفسادٍ متفشٍ وهو الأمر الذي أشعل انتفاضة 2022 ومهّد الطريق لتغيير جذري على يد الشعب.
الوضع المتفجر في المجتمع الإيراني
يشهد نظام الملالي في إيران ظروفاً متأزمة غير مسبوقة؛ فالقاعدة الاجتماعية للنظام قد تقلّصت بشكل كبير، وتفاقم الغضب الشعبي بسبب الإفلاس الاقتصادي وسوء الإدارة، وقد سُجلت خلال العام الإيراني 1403 (مارس 2024 - مارس 2025) 3,092 حركة احتجاجية شارك فيها 17 قطاعاً اجتماعياً من معلمين وطلاب إلى مزارعين وعمال وحرفيين ومتقاعدين ما يعكس عمق الاستياء الاجتماعي وجاهزية المجتمع لانتفاضة شاملة، وتُظهر هذه الحركات إلى جانب مقاطعة الانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2024 رفض الشعب الإيراني للنظام برمته وبشكل واضح.
المقاومة المنظمة.. القلب النابض والمحرك نحو التغيير
إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وخاصة منظمة مجاهدي خلق يلعب دوراً محورياً في تنظيم حراك المقاومة.. فوحدات المقاومة التي تقود الانتفاضة قد أنشأت شبكات واسعة داخل إيران تنظم الاحتجاجات وتكسر جدار الخوف والرقابة، وفي عام 2024 نفّذت هذه الوحدات 3,077 عملية ميدانية ضد قوات وأجهزة القمع، إلى جانب 39,000 فعالية رمزية، مثل حرق صور رموز النظام ونشر شعارات ثورية.. وتُظهر هذه الأنشطة تصاعد روح المقاومة وقدرتها على توجيه الغضب الشعبي نحو تغيير هادف.
الحل؛ اعتماد الخيار الثالث وتغيير النظام على يد الشعب
تتجاوز قضية إيران البرنامج النووي، فهي صراع بين الشعب والمقاومة من جهة، والدكتاتورية الدينية من جهة أخرى، وأؤمن أن الحل الحقيقي يكمن في "الخيار الثالث": لا حرب ولا مساومة، بل تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة المنظمة، وقد أثبتت سياسات المساومة فشلها إذ شجّعت النظام على مواصلة قمع الشعب وتصدير الإرهاب، وإن إسقاط النظام ليس ممكناً فحسب بل هو ضرورة تاريخية قائمة بدعم من مجتمع غاضب ومقاومة منظمة مستعدة للتضحية.
البديل الديمقراطي وخطة المواد العشر
يُعد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بديلاً ديمقراطياً حقيقياً.. يسعى لإقامة جمهورية ديمقراطية غير نووية تقوم على فصل الدين عن السلطة، المساواة بين الجنسين، وحقوق القوميات، وخطة المواد العشر التي قدمتها السيدة مريم رجوي، والتي تتضمن انتخابات حرة وإلغاء عقوبة الإعدام؛ قد حظيت هذه الخطة بدعم أكثر من 4,000 نائب برلماني عالمي، بما في ذلك أغلبية مجلس النواب الأمريكي و34 برلماناً، إلى جانب 80 من الحائزين على جائزة نوبل، ويعزز هذا الدعم الشرعية الدولية للمقاومة الإيرانية.
انتقال السلطة وحقوق القوميات
ووفقا لخطة المواد العشر سيتم انتقال السلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة خلال ستة أشهر من سقوط النظام، تحت إشراف حكومة مؤقتة تُشكّلها المقاومة، وسيتضمن المجلس التأسيسي ضمن مهامه صياغة دستور ديمقراطي.. أما بالنسبة للقوميات فإن برنامج المجلس يدعم حقوق الأقليات مع التركيز على الوحدة الوطنية، وتُعد خطة الحكم الذاتي لكردستان إيران المعتمدة منذ 42 عاماً نموذجاً لضمان حقوق القوميات دون تهديد الوحدة الإيرانية.
رسالة إلى المجتمع الدولي
ولأهمية التحول الديمقراطي في إيران وتأثيره الإيجابي في استقرار المنطقة هذه دعوة إلى المجتمع الدولي كي يتبنى سياسة حازمة ضد النظام الإيراني، وليعترف رسميا بحق الشعب الإيراني في مجابهة أجهزة ومؤسسات النظام القمعية، وكذلك الاعتراف بحقه في تقرير مصيره الذي لن يكون إلا من خلال إسقاط الدكتاتورية.. ولا حاجة للمال أو السلاح بل لدعم سياسي يعترف بنضال وحدات المقاومة ضد قوات القمع، وبدعم من مقاومته المنظمة يقف الشعب الإيراني اليوم على أعتاب تغيير تاريخي يؤسس لإيران ديمقراطية حرة وغير نووية تساهم في استقرار المنطقة والعالم.
د. زينب البدول – نائبة برلمانية أردنية سابقة
|