shopify site analytics
توقيع اتفاقية تعاون تدريبي بين جامعة الحديدة ومستشفى 21 سبتمبر - الهلال الأحمر اليمني يستلم سيارتين اسعاف من الصليب الأحمر الدنماركي. - الأكثر مشاركة في مهرجان جرش - جرش وما أدراك ما جرش - الخازوق الايراني - كيف أسَّسُوا في بوركينا فأسو؟؟؟ - الذّاكرة الجريحة وتمثيل الذّات الأنثويّة في رواية "أدركها النّسيان" لسناء الشعلان - العراق في قلب العاصفة .. هل ستصمد المقاومة في وجه المؤامرات؟ - تشيلسي يُحلّق بثلاثية ويمنح باريس درساً كروياً في عز الظهر! - تداعيات فشل هدنة غزة ومخطط ضم في الضفة -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - 

في شمال شرق سوريا، لا تقتصر معركة النفوذ على الجغرافيا والسياسة، بل تمتد إلى ما هو أعمق: الهوية، القيم، والدين

الإثنين, 14-يوليو-2025
صنعاء نيوز/ إيهاب مقبل -



في شمال شرق سوريا، لا تقتصر معركة النفوذ على الجغرافيا والسياسة، بل تمتد إلى ما هو أعمق: الهوية، القيم، والدين. وبينما تُقدَّم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" كمجرد تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب، يغيب عن كثيرين أنها تمثل، فعليًا، الذراع التطبيقية لفكر عبد الله أوجلان، الزعيم المؤسس لحزب العمال الكردستاني، والذي طور نظرية متكاملة سماها "الأمة الديمقراطية".

ومن بين مظاهر هذا الترجمة الفعلية لأفكار أوجلان، تتردد تقارير موثوقة عن قيام "قسد" بـ اختطاف قاصرات من مناطق سيطرتها، وإجبارهن على "تفكيك عذريتهن" ضمن معسكرات تدريب وتلقين أيديولوجي، في إطار مسعى لإعادة تشكيل المجتمع على أسس تتعارض بشكل صريح مع القيم الإسلامية والأخلاقية المتجذرة في المنطقة.

لكن السؤال الأهم هنا ليس سياسيًا بل فكري – ديني: كيف تُترجم أفكار أوجلان عمليًا في مؤسسات "قسد"، وما مدى تعارضها مع الرؤية الإسلامية؟

1. المرأة... من التكريم إلى التوظيف الأيديولوجي
🔹عند أوجلان: المرأة هي "أول مستعمَرة في التاريخ"، والأسرة "قيد عبودي"، ويجب أن تتحرر بالكامل من أي سلطة ذكورية، بما فيها "الزوج، الأب، الأخ، والدين".

🔹عند قسد: إنشاء وحدات نسائية عسكرية (YPJ) لا فقط للقتال، بل لإعادة تشكيل هوية المرأة خارج الدور الأسري والديني، كما حدث في مناطق عدة ضمن شمال شرق سوريا، حيث يُشجع النساء على الانخراط في القتال والابتعاد عن أدوار الأمومة التقليدية. وزيادةً على ذلك، فرض "الرئاسة المشتركة" ذكورًا وإناثًا في كل مؤسسة، حتى في القضاء والإدارة، بغض النظر عن الكفاءة أو الرغبة، حيث تشهد المجالس المحلية في مناطق الإدارة الذاتية تمثيلًا نسائيًا يفوق التمثيل المجتمعي الطبيعي، أحيانًا عبر قرارات إدارية تفرض نسبًا ثابتة. كما يجرى تدريب النساء في "أكاديميات جنولوجي"، والتي تُدرّس فلسفة أوجلان حول المرأة، وتُعيد تشكيل الوعي بعيدًا عن القيم الإسلامية التقليدية.

🔹 في الإسلام: الإسلام يكرم المرأة كأم وزوجة وبنت وعالمة ومجاهدة، لكنه لا يلغي الفوارق الفطرية والبيولوجية، بل يُقيم العدالة لا المساواة القسرية: "وليس الذكر كالأنثى"، آل عمران: 36. التحرر الحقيقي في الإسلام ليس في الانفلات من الأسرة، بل في تكامل الأدوار داخلها: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ"، النساء: 34.

2. الأسرة... تفكيك أوجلاني مقابل البناء الإسلامي
🔹عند أوجلان: الزواج = قيد. الأمومة = وظيفة اخترعتها السلطة. الأسرة = مؤسسة قمع ذكوري، يجب إعادة هندستها أو تجاوزها.

🔹عند قسد: في مناطق مثل القامشلي والحسكة، تم توثيق حالات رفض تسجيل الزواج الشرعي إلا عبر مكاتب "وحدات المرأة" التابعة لـ "الإدارة الذاتية"، مع فرض شروط مدنية لا تتماشى مع الزواج الإسلامي، مما أدى إلى حالات نزاع أسرية عديدة. وقدْ تم منع تعدد الزوجات، الذي يسمح به الإسلام بشرط العدل، واحتُجز بعض الرجال الذين مارسوا تعدد الزوجات، تحت ذريعة "خرق القانون المدني". كما فرضت الإدارة الذاتية مناهج تعليمية في المدارس تتجنب الحديث عن الأسرة في إطار ديني، بل تروج لقيم "الحرية الفردية" و"المساواة المطلقة" التي تُغيب مفهوم الأبوة والأمومة. وحين يُحوَّل الزواج إلى إجراء إداري بلا روح، وتُجرَّد الأمومة من قدسيتها، ويُمنع التعدد ويُحرَّم الطلاق الشرعي، يصبح "البيت" وفق نموذج أوجلان مشروعًا مفتوحًا للعلاقات غير المستقرة، التي تنتهي غالبًا بأبناء بلا روابط واضحة، أو يمكن قولها بصراحة: "في نهاية هذا المسار، لن يعرف الابن من أباه، ولا تعرف البنت ما معنى الأمومة، لأن الأسرة، كما أرادها أوجلانـ لم تعد وحدة مقدسة، بل مجرد تركيبة اجتماعية عابرة، بلا نسب ولا فطرة".

🔹 في الإسلام: الأسرة في الإسلام هي أصل المجتمع وأرض الفطرة. لا يقيّد الإسلام المرأة بالبيت، لكنه يؤسس دورها في بناء أجيال مؤمنة، ويجعل الزواج إطارًا شرعيًا لحفظ الكرامة والعفاف والنسل، لا علاقة استملاك كما يزعم أوجلان: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، الروم: 21.

3. القضاء والشريعة... من الاحتكام للوحي إلى نسبية "العدالة"
🔹عند أوجلان: يرى أن الأديان (وخاصة الإسلام) كانت أدوات سيطرة طبقية. ويرفض التشريع الديني، ويدعو إلى مجالس "اجتماعية" تفصل تمامًا بين الدين والحكم.

🔹عند قسد: إلغاء المحاكم الشرعية في مناطقهم مثل الرقة والحسكة، واستبدالها بـ "مجالس العدالة الاجتماعية" التي تحكم بقوانين مدنية ومواثيق وضعية مستوحاة من أوجلان، وغالبًا ما تتعارض مع أحكام الشريعة. كما استبعاد العلماء والدعاة من الساحة القضائية والاجتماعية، وفرض رقابة على الخطاب الديني، كما حدث في عدة قرى خاضعة لإدارة قسد.

🔹في الإسلام: الشريعة في الإسلام ليست اختيارية، بل منهج حياة وعدل رباني. وهي التي تحفظ الحقوق وتضبط المعاملات وتُقيم المجتمع على أساس متين من القيم الإلهية، لا اجتهادات بشرية متقلبة: "وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ"، المائدة: 49.

4. الدين... من طمس الهوية إلى توظيف الشكل
🔹عند أوجلان: الدين هو "قوة نفسية" يجب أن تُحول إلى طاقة رمزية لا سياسية ولا تشريعية.
لا مكان للشريعة، بل لـ"روح عامة للأخلاق".

🔹عند قسد: في مدن مثل قامشلي والرقة، أبقت قسد بعض المساجد مفتوحة للعبادة، لكن منعت الخطابة السياسية أو أي حديث ديني يتناول الشريعة أو السياسة، وحظرت تدريس الفقه الشرعي في المدارس. كما فرضت مناهج مدنية لا تستند إلى القرآن أو السنة، مما أدى إلى تراجع كبير في الوعي الديني بين الأجيال الشابة.

🔹في الإسلام: الإسلام دين شامل، لا يُفصل عن السياسة أو القانون أو التربية. لا يقبل الإسلام بدين "مؤدلج" منزوع الشريعة، ولا بهوية "مرنة" تُكيف حسب المزاج السياسي: "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"، الأنعام: 162.

الختام:
ما تفعله "قسد" ليس مجرد "إدارة محلية" لشمال شرق سوريا، بل تجسيد ميداني لفكر فلسفي أوجلاني معادٍ للإسلام من جذوره.

فكر يرى في الدين عبئًا، وفي الأسرة قيدًا، وفي المرأة أداة، وفي الشريعة خطرًا.

إنها ليست معركة حدود فقط، بل معركة هوية.

فإما أن نُعيد البناء على فطرة الإسلام، أو نُستدرج خطوة بخطوة نحو مجتمع مفكك بلا أسرة، بلا شريعة، بلا روح، بلا قيم وأخلاق.

انتهى
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)