shopify site analytics
الدكتور محروس خير الأطباء - النزيف الدموي في غزة وغياب المسؤولية الدولية - ‏من الرماد يولد الصوت - ليلة العيطة.. حين تتحول عاصمة المغرب إلى حكاية شعبية من عبق البوادي - الأول من صفر.. الوعد الإنساني - ‏حين يصبح الخبز أخطر من القذيفة - من الجبال إلى قسد: لماذا لم يقم الأكراد دولة موحدة عبر تاريخهم؟ - بن حبتُور.. لن تكُونَ عَدَن والمُحافظاتُ الجنوبيَّةُ مِرتعاً للغُزاةِ الأجانبِ - صوت الأردن عمر العبداللات نجم "مهرجان جرش" لهذا العام - الضمير هو القاضي الداخلي بين الوازع الأخلاقي ومحكمة الذات -
ابحث عن:



صنعاء نيوز -  
في عالمٍ يتغير بسرعة مذهلة، حيث تختلط القيم وتتباين المواقف، يظل الضمير واحدًا من أصدق وأقوى ما يملكه الإنسان ليهتدي به

الإثنين, 21-يوليو-2025
صنعاء نيوز/ عمر دغوغي -



بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية
[email protected]
https://web.facebook.com/dghoughiomar1


في عالمٍ يتغير بسرعة مذهلة، حيث تختلط القيم وتتباين المواقف، يظل الضمير واحدًا من أصدق وأقوى ما يملكه الإنسان ليهتدي به في خضم هذا الزخم
إنه ذلك القاضي الداخلي الذي لا يُرى ولا يُسمع، لكنه حاضر دائمًا، يُحاكم نوايانا، يُراجع أفعالنا، ويُضيء طريقنا متى ساد الظلام

الضمير ليس شيئًا ماديًا يمكن لمسه أو قياسه، لكنه صوت داخلي ينبع من أعماق الإنسان، متصلٌ بقيمه وتربيته وإيمانه وتجربته في الحياة هو "الحَكم الصامت" الذي يُملي على الفرد ما يجب أن يكون، لا ما يريد فقط

أولًا: تعريف الضمير
الضمير هو قدرة عقلية-نفسية داخلية تُمكّن الإنسان من التمييز بين الصواب والخطأ، وتدفعه نحو اختيار الخير وتجنّب الشر
قد يُسمّيه البعض "الوازع الأخلاقي"، وآخرون يرونه "صوت الروح" أو حتى "الرقابة الإلهية في النفس
وقد وصفه بعض الفلاسفة بأنه
عين الله في قلب الإنسان
ثانيًا: الضمير كقوة رقابية ذاتية
ما يميز الضمير عن القانون أنه لا يحتاج إلى مراقب خارجي، ولا سلطة تنفيذية
فالقانون قد يُخترق ما دام الشرطي غائبًا، لكن الضمير لا ينام، ولا يُرشى، ولا يخضع للتفاوض

عندما يعمل الضمير بفاعلية، يصبح الإنسان هو شرطياً على نفسه، في سلوكه، في عمله، في مواقفه، حتى في خلواته
الضمير هو الذي يمنعك من الكذب، حتى عندما لا أحد يستطيع كشف كذبتك
هو الذي يدفعك لإعادة المال، حتى لو نساه صاحبه
هو الذي يُشعرك بالذنب إن ظلمت أحدًا، ويمنحك السلام إن أنصفت إنسانًا

ثالثًا: الضمير في الحياة اليومية
في العمل: الموظف ذو الضمير لا يغش، لا يتأخر، لا يماطل، بل يعمل بإخلاص حتى في غياب المدير
في العلاقات: الضمير هو من يمنعك من خيانة الثقة، أو إيذاء من يحبك
في القيادة والمسؤولية: الضمير هو ما يجعل المسؤول يخدم شعبه بإخلاص، لا طمعًا في منصب، بل إيمانًا بالرسالة
فالحياة الأخلاقية ليست نتاج قانون فقط، بل وليدة ضميرٍ حيّ يراقب الإنسان من داخله دون توقف
رابعًا: غياب الضمير كارثة أخلاقية
حين يغيب الضمير، يظهر الكذب، والفساد، والأنانية، والخيانة، والظلم
إن أخطر ما يُهدد المجتمعات ليس فقط قلة الموارد أو غياب التنمية، بل غياب الضمير
فكم من جريمة ارتُكبت باسم الطمع؟
وكم من خيانة حدثت في غفلة من الضمير؟
وكم من ظلمٍ انتشر لأن الناس لم يعودوا يسمعون لصوت داخلهم ينهاهم أو يردعهم؟

الضمير هو الحارس الأخلاقي، وبدونه، لا يمكن لقانون أو نظام أن يُقيم العدل الحقيقي.

خامسًا: كيف نُربي الضمير؟
رغم أن الضمير يولد مع الإنسان، إلا أن التنشئة الأسرية، والتعليم، والتجربة، والدين كلها تلعب دورًا محوريًا في تنمية الضمير أو إهماله
الأسرة تُغرس فيه القيم الأولى: الصدق، الأمانة، احترام الغير
المدرسة تُنمّي فيه الإحساس بالمسؤولية، وروح الجماعة
الدين يُعزّز فيه الرقابة الداخلية المستمرة اتق الله حيثما كنت
المجتمع يُقدّم النماذج، سلبًا أو إيجابًا
وحتى الكبار، يمكنهم أن يُعيدوا تشكيل ضمائرهم من خلال المراجعة، التأمل، التوبة، والمواقف الصادمة التي توقظ الإنسان من غفلته.
سادسًا: الضميربين الصمت واليقظة
هناك من يُخدّر ضميره، أو يتجاهله، أو يُبرر له كل شيء. لكن صوت الضمير لا يموت، بل يتوارى، حتى تأتي لحظة يسأل الإنسان نفسه:
"هل ما أفعله صحيح؟ هل أنا صادق مع نفسي؟"

وحين يعود الضمير إلى الواجهة، يشعر الإنسان بالارتياح الداخلي، حتى لو لم يصفّق له أحد
الضمير هو ثروة لا تُشترى، وميراث لا يُورّث، بل يُبنى داخل النفس
هو القاضي الذي لا يُمكنك خداعه، ولا يُمكنك الهروب منه
في زمنٍ تُشترى فيه الذمم، ويُباع الصدق، يبقى الضمير هو آخر حصن أخلاقي يحمي الإنسان من الانهيار، والمجتمع من التفكك
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)