صنعاء نيوز/ -
في زاوية منسية من تضاريس اليمن، وفي منعطفٍ حادٍ لطريق جبلي وعرٍ كُتبت عليه معاناة الناس والدواب معًا، التُقطت هذه الصورة المؤلمة لحمارٍ سقط من الإعياء، لا لأنه جائع أو عطشان، بل لأنه صار ـ كغيره ـ ضحيةً لأزمة الماء التي أنهكت قُرى "عزلة النوبتين".
هذا الحمار، المتعب والمرهق، لم يكن يشتكي، ولم يصرخ. لكنه، في سقوطه الصامت، قال الكثير.. قال ما عجزت عنه الكلمات، واختصر حكاية أهالي القرى الذين لم تصلهم بعد أنابيب المشروع المائي.
قالها نيابة عن امرأة تمضي كل فجرٍ نحو السفوح تحمل الجراكل، وعن طفلٍ صغيرٍ يتعثر على الصخور بدبة الماء، وعن شيخٍ هده التعب، لكن ما زال يمسك بحبل دابته في طريق العودة من العين البعيدة.
"لا سيارات توصل، لا أنابيب تصل، لا آبار موجودة.."
تلك هي الحقيقة القاسية التي يواجهها السكان يوميًا. الماء، هذا العنصر البسيط للحياة، بات حلماً معلقًا فوق الصخور، ومطلبًا يزداد بعدًا كلما تعثرت المشاريع أو غاب الدعم.
وبرغم بشائر الخير التي بدأت تلوح في بعض قرى النوبتين بعد أن وصل إليها المشروع، إلا أن هناك قرى أخرى ما زالت تعيش في انتظار الفرج، وتحيا على الأمل.. أملٌ لا يشبه أي أمل، لأنه متعلق بالحياة نفسها، بالحياة التي تتسرب من بين أيديهم مع كل يوم يمر دون قطرة ماء.
هذه الصورة ـ وإن بدت عابرة ـ إلا أنها صرخة موجعة، نداءٌ بصوتٍ خافت من فوق ظهر حمار منهك، يحمل الماء ليحيا، ويسقط تحت وزنه ليموت.
فهل من سامع؟
وهل من مغيث؟
أهالي قرى النوبتين يناشدون، لا يريدون رفاهية، فقط قطرة ماء تحفظ كرامة إنسان، وتُنقذ دابة شاركتهم سنوات العناء.
فلتصل الرسالة، ولينطلق المشروع إلى نهايته، قبل أن يسقط المزيد..
|