shopify site analytics
الأزهر يكشف سبب حذف بيان غزة - ناشطة أمريكية لبريجيت ماكرون: ولدت رجلا وستموتين رجلا (فيديو) - إنزال 52 طفلا ومراهقا يهوديا من طائرة في إسبانيا (فيديو) - "العفو الدولية" تتهم إيران باستخدام سلاح محرم دوليا ضد إسرائيل - رد حماس الأخير ليس نهائيًا وقد يفضي الى اتفاق بعد تعديله - زيتون يفتتح أولى أمسيات المسرح الجنوبي في "جرش 39" اللجنة الإعلامية - فضيحة التعيينات تضرب المجلس الانتقالي.. دكتور جامعي نائبًا لموظف بلا مؤهل! - النشرة المسائية لوسائل الإعلام العبري لنهار الخميس الموافق 24  يوليو 2025 - حمار يسقط من العطش لا من الظمأ.. صورة تختصر وجع قرى النوبتين الظامئة! - وكيل محافظة صنعاء يتفقد سير العمل بمؤسسة الفتح للإنتاج والتسويق الزراعي -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - في السنوات الأخيرة، تكرس في الخطاب السياسي والإعلامي مصطلح "روج آفا" أو "غرب كردستان" أو باللغة الكرمانجية "Rojava" أو "ڕۆژئاڤا"

الخميس, 24-يوليو-2025
صنعاء نيوز/ إيهاب مقبل -



في السنوات الأخيرة، تكرس في الخطاب السياسي والإعلامي مصطلح "روج آفا" أو "غرب كردستان" أو باللغة الكرمانجية "Rojava" أو "ڕۆژئاڤا" باللغة السورانية، للدلالة على شمال وشمال شرق سوريا، وهي تسمية شاعت مع تصاعد دور القوى الكردية المسلحة في المنطقة منذ العام 2012. لكن هذا الوصف الذي يبدو للوهلة الأولى جغرافيًا أو قوميًّا، يخفي وراءه إعادة تصنيع للهوية الجغرافية والتاريخية للمنطقة، على نحو يتعارض مع مجمل الروايات والمصادر التاريخية، سواء كانت عربية أو فارسية أو عثمانية أو آشورية أو آرامية، بل وحتى غربية.

السياق التاريخي: من كان يسكن شمال سوريا؟
منطقة الجزيرة الفراتية، الممتدة بين نهري الفرات والخابور، كانت عبر التاريخ مركزًا لحضارات سامية قديمة مثل الآراميين والآشوريين، ثم موطنًا لقبائل عربية كبرى منذ الفتح الإسلامي. في المقابل، لا تظهر الكيانات الكردية في هذه المنطقة في أي مصدر تاريخي معتبر قبل القرن العشرين.

أولاً: المصادر الآشورية والآرامية (القرن 9–6 ق.م)
🔹النقوش الملكية الآشورية (مثل نقوش سرجون الثاني وسنحاريب) تشير إلى مناطق مثل بيت عديني وبيت زاماني وناصيبينا (نصيبين)، وكلها ضمن شمال سوريا، وتذكر فيها قبائل آرامية وسريانية.
🔹لم تُذكر قبائل كردية أو "كاردوخية" في تلك المناطق، بل تمركزت شرق دجلة، في جبال زاغروس.
🔹المؤرخ اليوناني زينوفون (401 ق.م) يذكر "الكاردوخيين" (Carduchi)، لكنهم كانوا شرق دجلة، لا غربه.

الخلاصة: شمال سوريا كان آشوريًا وآراميًا في العصور القديمة، ولم يكن ضمن أراضي الكرد.

ثانيًا: المصادر العربية الإسلامية (القرن 7–13م)
🔹البلاذري في فتوح البلدان، والطبري في تاريخ الرسل والملوك، وياقوت الحموي في معجم البلدان، يشيرون إلى شمال سوريا باسم الجزيرة الفراتية، ويتحدثون عن قبائل عربية مثل ربيعة، بكر، تغلب، ولم ترد فيه أي إشارة لمنطقة كردية.
🔹ياقوت الحموي عرّف "كردستان" بأنها: "إقليم بين الموصل وهمذان، كثير الجبال والقرى".
🔹ابن حوقل في صورة الأرض، حدد بلاد الأكراد شرق الموصل وغرب إيران، دون أن يضم أي من مناطق الحسكة أو الرقة أو حلب إليها.
الخلاصة: الجغرافيون المسلمون لم يذكروا شمال سوريا ضمن بلاد الكرد مطلقًا، وصنفوا الحدود الجغرافية لبلاد الكرد، من بحيرة وان وديار بكر شمالًا، إلى مناطق حلوان وخانقين وسهل ديالى جنوبًا، ومن همذان وكرمنشاه ولورستان شرقًا، إلى تخوم نصيبين وسنجار والعمادية غربًا، وهي مناطق جبلية لا يصلح فيها قيام حضارة أو دولة موحدة للاكراد للعزلة الاجتماعية بين سكان الجبال واختلافاتهم الثقافية وحتى اللغوية.

ثالثًا: المصادر الفارسية (العصر الصفوي والقاجاري)
🔹استخدم الصفويون مصطلح "كردستان" للإشارة إلى المناطق الجبلية غرب إيران، ولم يسبق لهم أن صنّفوا مناطق الجزيرة السورية ضمن كردستان.
🔹الشاه طهماسب الأول أنشأ ولاية باسم "كردستان" عام 1549، وكانت تشمل كرمانشاه، سنندج، همدان بعيدًا تمامًا عن سوريا.
🔹لا ترد في الشاهنامة أو في سجلات البلاط الصفوي أي إشارات إلى كردية شمال سوريا.
الخلاصة: كردستان في الفكر الفارسي ظلت محصورة في جبال إيران والعراق.

رابعًا: المصادر العثمانية والتركية (القرن 16–19)
🔹العثمانيون قسموا شمال سوريا إلى ولايات وسناجق مثل ولاية حلب، سنجق الرقة، سنجق الجزيرة، ولم يكن هناك أي وحدة إدارية باسم "كردستان" في سوريا.
🔹أول استخدام رسمي لكلمة "كردستان" كولاية عثمانية كان عام 1847، لكنها كانت في منطقة بتليس وديار بكر، أي في جنوب شرق تركيا اليوم.
🔹الوثائق العثمانية (مثل دفاتر الطابو والضريبة) تصنّف السكان في شمال سوريا كمزيج من العرب، الآشوريين، الشركس، الأرمن، وبعض العشائر الكردية المهاجرة، لكنها لا تشير لأي كيان كردي أصيل هناك.
الخلاصة: العثمانيون لم يعترفوا بشمال سوريا كجزء من بلاد الكرد، لا إداريًا ولا جغرافيًا.

خامسًا: المصادر الغربية (القرن 19–20)
🔹المستشرق الفرنسي جان سافيجناك، أشار إلى وجود عشائر كردية متنقلة في شمال سوريا، لكنه لم يضع المنطقة ضمن "كردستان" التقليدية.
🔹الخريطة الإثنية لمارك سايكس (1916) أظهرت الأكراد في تركيا والعراق، لكنها تركت شمال سوريا خارج التصنيف الكردي.
🔹الباحث الأمريكي ديفيد ماكدوال في كتابه A Modern History of the Kurds، يوضح أن الوجود الكردي في سوريا شهد زيادة ملحوظة بعد ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925، حين لجأ آلاف الأكراد من تركيا إلى سوريا، هربًا من القمع التركي بعد فشل الثورة. ما تعنيه هذه المعلومة بوضوح، أن الدولة السورية، آنذاك تحت الانتداب الفرنسي، قامت باستضافة الأكراد باعتبارهم لاجئين وضيوفًا، وقدمت لهم الحماية من الملاحقة السياسية، لكنها لم تكن موطنهم الأصلي أو التاريخي. هذا ينسف الحجة القائلة بأن شمال سوريا كان يومًا ما "غرب كردستان" طبيعيًا أو أصيلًا.
الخلاصة: حتى في المصادر الغربية الحديثة، يُظهر التاريخ أن التركز الكردي في شمال سوريا هو نتيجة تحولات سياسية حديثة، لا جذر تاريخي ضارب في المنطقة.

التوجهات السياسية وأهداف التقسيم الإثني
يُستخدم خطاب "غرب كردستان" كجزء من مشروع سياسي أكبر يسعى إلى تقسيم سوريا إلى مناطق إثنية متفرقة. لا يقتصر هذا الطموح على المناطق ذات الغالبية الكردية فحسب، بل يمتد ليشمل مناطق أخرى مثل:

🔹السويداء، حيث يعيش الدروز.
🔹الساحل السوري، مع تركيز على الطوائف العلوية.
🔹ومناطق عربية متعددة أخرى.

هذا التوجه يهدف إلى تفكيك النسيج الوطني السوري المتنوع، وتحويل سوريا إلى مجموعة دويلات أو أقاليم إثنية وقومية منفصلة، يتيح ذلك فرص تدخلات خارجية وإضعاف مركزية الدولة. كما يشمل أيضًا السيطرة على الموارد الحيوية مثل النفط والزراعة في سوريا والعراق، مما يزيد من أهمية هذه المناطق في الصراعات الجيوسياسية.

ويأتي هذا ضمن لعبة جيوسياسية واسعة تشمل أطرافًا إقليمية ودولية تسعى إلى استغلال التنوع العرقي والديني في سوريا كأداة لتحقيق مصالحها، عبر دعم الحركات الانفصالية أو الفيدرالية.

أهداف إدراج شمال سوريا ضمن "غرب كردستان"
أهداف إدراج شمال سوريا ضمن غرب كردستان "روج آفا" متعددة وتتداخل بين السياسية، الجغرافية، الاقتصادية، والجيوستراتيجية، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1. الشرعية السياسية والمطالبة بالإقليم: تقديم شمال سوريا كجزء من كردستان الغربية يعطي للحركات الكردية المحلية، خاصة تلك المرتبطة بحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، شرعية تاريخية وزعيمة قومية لتبرير مطالبها بالحكم الذاتي أو الفيدرالية داخل سوريا.
2. تقسيم سوريا وتفكيك الدولة: هذه الرواية تدعم مشروعًا أكبر لتقسيم سوريا على أساس إثني أو قومي، بحيث تنقسم إلى أقاليم منفصلة، مما يضعف الدولة السورية المركزية، ويقلل من قدرتها على استعادة سيطرتها الكاملة.
3. تحقيق مكاسب جغرافية واستراتيجية: إدراج شمال سوريا كجزء من كردستان الغربية يسهل تبرير السيطرة على مساحات واسعة فيها، خصوصًا مناطق حدودية استراتيجية مع تركيا والعراق، مما يزيد من النفوذ الكردي في المنطقة.
4. السيطرة على الموارد: شمال وشمال شرق سوريا يحتويان على مناطق زراعية غنية وحقول نفطية مهمة، وهذه الرواية تساعد على دعم الطموحات في السيطرة على هذه الموارد الحيوية، إلى جانب موارد العراق المجاورة.
5. استقطاب الدعم الدولي والإقليمي: تسويق "غرب كردستان" ككيان قومي مستقل أو شبه مستقل يُمكن من جذب دعم سياسي، عسكري، ومالي من دول ومنظمات مهتمة بدعم الحركات القومية أو لمصالحها الإقليمية، مثل أمريكا الشمالية أو بعض الدول الغربية.
6. إضعاف خصوم إقليميين: من خلال خلق كيانات أو مناطق حكم ذاتي كردية في شمال سوريا، يمكن إضعاف الدول التي تعتبرها القوى الكردية أو داعميها خصومًا، مثل تركيا وسوريا نفسها.
7. دعم أجندات دول إقليمية أو دولية: بعض الأطراف الإقليمية والدولية، مثل إسرائيل ودول غربية، تدعم هذا التقسيم من أجل إضعاف سوريا كدولة مركزية، وتحويلها إلى دويلات صغيرة متناحرة يصعب عليها مقاومة تدخلات خارجية.

الدعم الخارجي وأهداف تفكيك سوريا
تلعب بعض القوى الإقليمية والدولية دورًا في دعم مشاريع تفكيك سوريا إلى دويلات إثنية، ومن أبرزها إسرائيل، التي ترى في سوريا المفككة:

🔹فرصة لتقليل تهديدات حدودها الشمالية.
🔹وسيلة لإضعاف قوتها وتحالفاتها.
🔹إمكانية إقامة مناطق نفوذ خاصة بها أو حلفائها داخل الأراضي السورية.

تتفق هذه الأهداف مع توجهات بعض الحركات الانفصالية، بما فيها التي تستخدم شعار "غرب كردستان"، لتقسيم سوريا إلى مناطق ذات أغلبية عرقية أو دينية، مما يزيد من تعقيد الأزمة السورية ويطيل أمدها.

الخاتمة: من يرسم الخرائط؟ التاريخ أم الطموح؟
إن محاولة تقديم شمال سوريا بوصفه "غرب كردستان" هي محاولة سياسية حديثة لإعادة رسم الخريطة الإثنية والجيوسياسية في المنطقة، دون أساس تاريخي متين. فالمصادر العربية والفارسية والتركية والآشورية، وحتى المستشرقين الغربيين، لم تُدرج شمال سوريا ضمن "بلاد الكرد". إنما هي منطقة متعددة الأعراق، سكنها الآراميون، العرب، الآشوريون، الشركس، الأرمن، ثم لاحقًا الأكراد.

صحيح أن لكل شعب حقه في الهوية واللغة والحقوق، لكن هذا لا يبرر إعادة كتابة التاريخ وتغيير معالم الجغرافيا بحجج أيديولوجية. فالخريطة لا تُرسم بالرغبة، بل بالوثائق والحقائق.

انتهى
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)