صنعاء نيوز/ فؤاد بكر - فؤاد بكر - سياسي وحقوقي فلسطيني
29/07/2025
كيف اجتمع فشل مفاوضات غزة ونجاح مؤتمر الدولتين؟تمهيد: بين فظاعة الميدان وخداع الدبلوماسيةفي ظل واحدة من أفظع المجازر في التاريخ الحديث، تتعرض غزة منذ 7أكتوبر/تشرين األول 2023لحرب ُاحفيهاالحياةالفلسطينيةبالاردع.وفيإبادة جماعية ممنهجة، تشهد فيها اإلنسانيةانهيارهاالكامل،وتستبالمقابل،يشهدالمجتمعالدوليحاركاًدبلوماسياًيبدوظاهرياًنشطاً،لكنهفيجوهرهيكشفعنانفصامبينالخطاب السياسي والمأساة على األرض. فالمشهد يتأرجح بين مفاوضات متعثرة في الدوحة ومؤتمرات دولية ُيعادتدويرهابرعايةأطارفترفعشعار"حلالدولتين"،فيالوقتالذيُتستكملفيهاإلبادةبصمتعالمي.هنايبرزالساؤلالجوهري:هلنحنأمامإاردةدوليةصادقةلوقفالجريمة،أمأماممشهدمتكامليعيدإنتاجاالحتالل بثوب تفاوضي ناعم؟أوًال:مأزقالمفاوضات وتآكل الوساطات –حين تصبح المفاوضات أداة قمع جديدةلمتأِتمفاوضاتالدوحةفيسياقحيادي،بلفيقلبمعركةإبادةُتنفذهاإسارئيلضدالمدنينالفلسطينينُالمجاعةتستخدمكسالح.ومعهذا،تصّرالوالياتالمجازرتبثعلىالهاوء،و.ةمًأداةضغطعلىالمقاوالمتحدةعلىتصويرالمفاوضاتكفرصةلسالم،بينماتستخدمهافعلياكفيغزة،حيثالقصفاليهدأ،وُفيهذاالسياق،جاءتصريحالرئيساألميركيدونالدتارمبليحّملحركة"حماس"مسؤوليةفشلالمفاوضات،فيتكاررلمعادلةاالنحيازالتاريخيلاوشنطن،رغمإقاررهضمنياًبأنإسارئيل"تجاوزت حدود المعقول" في حربها.وقدأعقبهذاالتصريحانسحاباًأميركياًًمفاجئا.إسرائيل تواصل عملياتها العسكرية بوتيرة متصاعدةمنالمحادثات،بذريعة"عدمالمرونة"،فيحينكانتالمفاوضاتهنالمتكنسوىاوجهةدعائية.فقدكانتالشروطاإلسارئيليةاوضحة:إطالقاألسرىاإلسارئيليندونوقففوريإلطالقالنار،اولتفاوضعلىتفاصيلاإلعماردونضماناتلوقفدائملحرب.مقابلذلك،أصرت "حماس" على مطالب مشروعة: وقف العدوان، فتح المعابر، وعودة النازحين. ما يعني أن االنسحاب األميركي جاء لنسف المطالب اإلنسانية األساسية للفلسطينيين، ال لمعاقبة تعنت مزعوم.ثانًيا:المبادرةالفرنسية-السعودية: مسرحية سياسية بمكياج دوليبينما كانت دماء األطفال في غزة لم تجف بعد، اختارت فرنسا والسعودية إطالق مؤتمر دولي بشأن "حل الدولتين"فينيويورك،بإشارفاألممالمتحدة.فيالظاهر،ُيسّوقالمؤتمركمبادرة إلعادة إحياء المسار ًالسياسي،لكنهعملياجاءكمحاولةالمتصاصالغضبالعالميمنجارئمالحرباإلسارئيلية،وإعادةإنتاج.خطاب "السالم" القديم الذي تجاهل جذور الصراع لعقودالمبادرةلمتأِتبجديد.فقدأعادتالتمسكبحلتفاوضيمشروط،يربطاإلعماربوجودالسلطةالفلسطينية في غزة،وُيقصيالمقاومةالفلسطينيةمنأيتمثيل،ويتجنباإلشارةإلىمحاسبةمرتكبيالجارئم.بهذاالمعنى،ًُةالمشهدالفلسطينيبمايخدمبقاءاالحتالل،ويقيدأداوتالتشكلالمبادرةمساارلحل،بلآليةإلعادةهندس.المقاومةأسوأ ما في المؤتمر ليس مضمونهفقط،بلتوقيته.أنُيعقدمؤتمرلسالمفيظلمجازريومية،يعنيأنالمجتمعالدولياليرىفيالدمالفلسطينيسباًلوقفالتعاملمعإسارئيلكشريكسياسي،بلدافعاًلتجميلالجريمةوتثبيتنتائجها.اولمفارقةأنالمبادرةترّوجلوقفالمقاومة،اللوقفالعداون،فيخلط متعمد بين .الضحية والجالدثالًثا:وحدةالموقفالغربيخلفخطابمزدوجساوءفيالموقفاألميركيالذيُيحّملالمقاومةمسؤوليةالعنف،أوفيالخطاباألوروبيالذيُيغلفانحيازهبلغةالقانونالدولي،فإنالغرب–بأغلب دوله –يتحرك ضمن استراتيجية موحدة: الحفاظ على أمن إسرائيل .بأي ثمن، حتى ولو كان الثمن هو إفناء غزة عن بكرة أبيهافي هذا السياق، يمكن فهم تفاوت األدوات المستخدمة بين الواليات المتحدة وفرنسا كنوع من توزيع األدوار: اوشنطنتلّوحبالعصااالستخباارتيةاولعسكرية،بينماتولىباريسمعالرياضمهمة"تسويقالحلول" عبر مؤتمرات دبلوماسية تفتقر ألي آلية للمحاسبة أو الضمانات الحقوقية. النتيجة واحدة: شرعنة نتائج الحرب، ال .محاسبة مرتكبيهااألسوأ من ذلك، أن هذه المبادرات ال تتضمن أي آلية واضحة لحماية الشعب الفلسطيني أو لوقف اإلبادة. ال حديث عن لجان تحقيق دولية، وال عن ضمانات لرفع الحصار، وال عن إعادة إعمار حقيقية تحت إشراف محايد.كلمافياألمرهومحاولةلتدويرنفسالخطابالقديم،الذيُيحّملالفلسطينينمسؤوليةفشلالسالم،بينماُتطلقيدإسارئيللتعيثقتالًوتدميارً.اربًعا:السلطةالفلسطينية...شرعيةميتةفيرهانخاسرالسلطة الفلسطينية، كعادتها، سارعت إلى الترحيب بالمؤتمر الفرنسي-السعودي، معتبرة أنه "فرصة إلعادة االعتبارلقضيةالفلسطينية".لكنهذاالترحيبيعكسمنجهةأخرىمدىاالرتهانالسياسيالقائممنذأوسلو،حيثلمتعدالقيادةترىفيالكفاحالفلسطينيوسيلةلدفاععنالشعب،بلعبئاً.تفاوض فقدت معناها منذ عقوديعيقالعودةإلىمائدةحاصرالمستشفياتوتمنعالمساعدات،تقفالقيادةفيالوقتالذيتحترقفيهغزة،وُتبادعائالتكاملة،وُتالفلسطينية في رام هللا عند حدود التنسيق األمني والخطاب الدبلوماسي. ال مبادرة حقيقية لرفعالصوت في .المحافل الدولية، وال تحرك قانوني فاعل، وال حتى رغبة في تمثيل الشعب الفلسطيني في معاناته اليوميةُهذاالتاوطؤالسياسييجعلمنالسلطةطرفاًخارجالزمنالفلسطيني،ويعّمقفجوةالثقةبينهاوبينشعبها.ُُفرضحلولمشروطةمنالخارج،تمارسالسلطةدورالَحَكمالصامت،غيرالقادرعلىالتعبيرعنفبينماتحجمالكارثة،أوماوجهةمشاريعتدويراالحتاللعبرمساارتتفاوضيةأثبتفشلهامارارً.خامًسا:غزةتحكمبالميدان:المقاومةكشرطأوليأليسالمحقيقيوسط كل هذه التحركات الدولية والمبادرات الشكلية، يبقى الميدان في غزة هو الحكم الفصل. فما يحدث من مجازر، وتجويع جماعي، وتدمير شامل، ال يمكن فصله عن أي مسار سياسي. إذ ال معنى ألي وقف إطالق نارالُيرفقبضماناتحقيقيةلرفعالحصار،ومحاكمةالمسؤولينعنالجارئم،وتأمينالحداألدنىمنمقومات.الحياة للفلسطينيينالواقع يقول إن الشعبالفلسطينيفيغزةلميعدُيقاتلفقطمنأجلحقوقهالسياسية،بلمنأجلبقائهالبيولوجي. ومن هنا، فإن أي حديث عن "حلول دبلوماسية" ال يبدأ من رفع الحصار ووقف اإلبادة ومحاسبة .المجرمين، هو مجرد استهزاء بمعاناة ماليين الفلسطينيينال يمكن ألي مؤتمر –مهما حسنت نواياه –أنينجحفيخلقمسارسالمدوناالعتارفبشرعيةالمقاومة،اوعتبارهاجزءاًمنالمعادلة،العائقاًأمامها.فإقصاءالمقاومةيعنيشرعنةاالحتالل،اوستبدالالتحربمشاريعُإدارةالسجنالكبيرالذيتحتجزفيهغزةمنذ17عاما.ًخاتمة: ما بين نفاق العالم وصمود غزةيتضح من مجمل المشهد أن فشل مفاوضات غزة، ونجاح عقد مؤتمر حل الدولتين، ليسا متناقضين بقدر ما يعكسانوجهينلعملةاوحدة.فمنجهة،ُيحَّملالفلسطينيونمسؤوليةتعّثرالمفاوضات،ومنجهةأخرى،ُتعقدالمؤتمارتالدوليةدونتمثيلحقيقيلضحاياأوالتازمبمحاسبة الجناة. وكأن المطلوب ليس إنهاء الحرب، بل ضبطإيقاعها،بمايسمحإلسارئيلبتحقيقأهدافهادونضجيج.إنمايجرياليوماليمكنفهمهإالكمحاولةإلعادةترتيبالاوقعالسياسيالفلسطينيبمايتناسبمعمتطلباتاألمناإلسارئيلي،المعحقوقالشعبالفلسطيني.وبينماتسيرالسلطةخلفالوهمالدولي،وُتستخدمالمبادارتكغطاءلشرعنةاالحتالل،يبقىاألملمعلقاً.لم يرفع الراية البيضاءبالميدان،حيثالمقاومةمستمرة،اولشعبرغمالمجاعةاولمجازر،وحده الميدان يملك مفاتيح الحل: رفع الحصار، وقف العدوان، االعتراف بالمقاومة، واستعادة وحدة الشعب الفلسطينيعلىأساسمشروعتحري،العلىأساسالتعايشمعالجريمة.وكلمادونذلك،ليسسوىمحاولة لتجميل جريمة مستمرة، بمؤتمرات فارغة ومفاوضات مسمومة، فاالعتراف بالدولة الفلسطينية أمر بالغ االهمية لكن االهم هو انهاء االحتالل االسرائيلي عنها وليس فقط االعتراف
|