صنعاء نيوز/ -
بقلم : حسن محمودي كاتب إيراني
تشهد إيران أزمة معيشية خانقة بلغت ذروتها، حيث يخرج المواطنون من مراكز المدن إلى القرى النائية ليعبروا بصوت عالٍ — وأحيانًا بيأس — عن أوضاع حرمتهم من الاستقرار والكرامة والأمل.
انقطاع الكهرباء، فساد المواد الغذائية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة أصبحت مشاهد يومية تدفع الإيرانيين إلى الشوارع، موثقين انهيار الخدمات الأساسية.
في شيراز، وتحت لهيب حرارة الصيف، تجلس بائعة متجولة قرب "حافظية" وقد وضعت طفلها على الرصيف الحجري، متحدثة بمرارة:
"ليس عدلًا أن يعيش البعض مليارديرات غارقين في الرفاهية، بينما آخرون لا يجدون ثمن الخبز لليلة واحدة."
تضيف وهي تصف سنوات من الكد والعمل الشاق:
"صرخت ألمي كثيرًا، لكن لا أحد يسمع. أحيانًا أتمنى لو أن العالم لم يكن موجودًا — ماذا يقدم لنا؟ حفنة من المسؤولين عديمي الرحمة يجلسون في البرلمان. نحن 80 مليون إيراني؛ ألم يسمع أحد صوتي؟ عملت بشرف من أجل ابني، ولم أبع كرامتي، لكن معاناتي لا يراها أحد. نحن مرهقون… لم يعد لدينا ما نخسره."
هذه الصرخة تتردد في كل أنحاء إيران، حيث ينهار نمط الحياة اليومي تحت وطأة البنية التحتية المتداعية، خاصة انقطاع الكهرباء الذي يشل المنازل والمتاجر والمزارع.
في "لنكرود"، يروي أحد التجار:
"اليوم وحده انقطعت الكهرباء مرات عدة — البارحة من التاسعة حتى الحادية عشرة، واليوم في التاسعة، والحادية عشرة، والخامسة، والسابعة. بضاعتي من الفواكه تتلف، لدي إيجار وأجور عمال لأدفعها. الأمر ليس مرة أو مرتين — إنه مستمر حتى في منتصف الليل."
أما عاملة عائدة إلى منزلها بعد يوم عمل طويل، فتفتح ثلاجتها لتجد أن كل شيء قد ذاب:
"انظروا… كل اللحوم والدجاج فسد. لسنا بحاجة إلى هجوم من إسرائيل — حكومتنا تقتلنا. من سيعوّضنا؟"
في "بابلسر"، يصرخ مزارع يعتمد على مضخات كهربائية لري أرضه:
"منذ عشرة أيام أحاول ري أرضي، وانقطاع الكهرباء يمنعني. هذه ليست إدارة دولة — استقيلوا إذا كنتم عاجزين."
وفي "عباس آباد"، يشكو أصحاب المتاجر من شلل الحركة التجارية:
"وعدتم بتحسين البلد. هل هذه هي الحياة الطبيعية التي وعدتم بها؟ إذا لم تستطيعوا الإدارة، تنحوا جانبًا."
آخرون يصفون انتظارهم حتى منتصف الليل في متاجر مظلمة على أمل عودة الكهرباء، غير قادرين على حماية أرزاقهم:
"هل تعرفون ما معنى أن تعيد عاملك إلى بيته من دون عشاء لأن الكهرباء مقطوعة؟ هذه ليست حياة."
هذه الشهادات تأتي من مناطق تعتبرها السلطات "أفضل حالًا"، فكيف الحال في المحافظات المهمشة مثل سيستان-بلوشستان وكردستان، حيث يعيش الأطفال تحت حرارة تتجاوز 50 درجة مئوية من دون كهرباء أو ماء؟ من شفاه طفل عطشان في "تشابهار" إلى صرخة بائعة متجولة في شيراز، الرسالة واحدة: الأزمة بلغت ذروتها، والنظام لا يملك لا القدرة ولا الإرادة لحلها.
هذه ليست مجرد قصة عن انقطاع كهرباء أو فساد طعام — إنها حكاية شعب دفع إلى حافة الهاوية، حيث أصبح البقاء على قيد الحياة هو النضال اليومي. والأصوات الصادرة من شوارع إيران واضحة: الصبر نفد، والمعاناة لم تعد صامتة.
|