shopify site analytics
مهرجان الفحيص – الأردن تاريخ وحضارة" يوقد شعلته الـ32.. اليوم السبت - الضم الاستعماري الاستيطاني وجرائم التطهير العرقي - من أربيل إلى السليمانية: الانقسام الكردي ظاهرة عابرة للحدود - رسميا وللمرة الأولى.. الأمم المتحدة تعلن تفشي المجاعة في غزة - وزير الخارجية الهولندي يستقيل بعد عجزه عن معاقبة إسرائيل - الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش - رسالة إلى وحدة" النخبة القسامية":نُقبل نُبل أقدامكم الشريفة...1️⃣ - النشرة المسائية لوسائل الإعلام العبري لنهار الجمعة الموافق 22  اغسطس 2025   - محافظ شبوة اللواء العولقي يعزي الفريق علي بن علي القيسي في وفاة نجله - مليونية صنعاء تحت شعار "ثابتون مع غزة.. لا نخشى التهديدات ولا ترهبنا المؤامرات -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - الأحداث الأخيرة في إقليم كردستان العراق، من الاشتباكات المسلحة في أربيل إلى اعتقال لاهور شيخ جنكي في السليمانية وما تبعه من مواجهات

السبت, 23-أغسطس-2025
صنعاء نيوز/إيهاب مقبل -



الأحداث الأخيرة في إقليم كردستان العراق، من الاشتباكات المسلحة في أربيل إلى اعتقال لاهور شيخ جنكي في السليمانية وما تبعه من مواجهات دامية مؤخرًا، ليست مجرد أحداث عابرة، بل إنذار صريح بوجود انقسامات عميقة داخل البيت الكردي. هذه التطورات تكشف أن فكرة "الوحدة الكوردية" التي يروّج لها الخطاب القومي الكردي كثيراً ما تتناقض مع الواقع الميداني والتجربة التاريخية.

الكرد: فسيفساء لا كتلة واحدة
من الخطأ النظر إلى الكرد كشعب متجانس تجمعه رؤية واحدة ومصلحة موحّدة. الكرد أشبه بفسيفساء معقدة أو جبال ووديان متشابكة، كل جزء له شكله ولونه وارتفاعه الخاص، والادعاء بأن كل هذه القطع يمكن أن تتوحد في لوحة واحدة متجانسة هو مجرد وهم رومانسي. فالانقسامات داخل المجتمع الكردي متعددة الأوجه، منها "حزبية" حيث يسيطر الحزبان الكبيران، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، على الحياة السياسية منذ التسعينيات، بينما تنشأ أحزاب جديدة مثل حزب لاهور شيخ جنكي تحاول كسر هذه الهيمنة، ومنها "مناطقية" حيث يظهر بوضوح الفارق بين عقلية السليمانية ذات الطابع "المدني والسياسي" مقابل أربيل ودهوك الأكثر قرباً من السلطة التقليدية والعشائرية، ومنها "عشائرية" حيث تلعب الولاءات العشائرية دوراً بارزاً في تشكيل التحالفات والانقسامات على حد سواء، ومنها "أيديولوجية" إذ يختلف المشهد بين قوميين تقليديين ويساريين، ولكل تيار حساباته الخاصة.

هذه التشققات تجعل أي حديث عن "شعب كردي واحد موحّد" أقرب إلى الوهم الرومانسي الذي يهدف إلى خدمة أجندات سياسية أكثر من كونه توصيفاً دقيقاً للواقع.

دروس من التاريخ القريب
من ينظر إلى تاريخ الحركة الكردية يدرك أن الانقسام كان السمة الثابتة، فمثلاً حرب التسعينيات (1994–1998) أو الحرب الأهلية بين الديمقراطي والاتحاد الوطني بسبب تقاسم السلطة والعائدات الجمركية والنفطية، ما أدى إلى آلاف القتلى وانقسام الإقليم إلى إدارتين. وصدامات الثمانينيات بين الاتحاد الوطني وفصائل يسارية وقومية أخرى، نتيجة خلافات أيديولوجية وموقف مختلف من الحرب العراقية – الإيرانية. وانقسام السبعينيات بين جناح الملا مصطفى بارزاني ومجموعة جلال طالباني، بسبب الخلاف على إدارة الثورة وعلاقاتها الإقليمية. وثورة أيلول (1961–1975) التي شهدت بدورها صراعات داخلية بين الفصائل الكردية، ساهمت في إضعافها وصولاً إلى انهيارها بعد اتفاق الجزائر.

جميع هذه التجارب التاريخية تؤكد أن أخطر ما واجه الكرد لم يكن "الآخر الخارجي"، بل الانقسام الداخلي الذي يحول دائمًا من وحدة الكرد كفكر قومي.

الحاضر يعيد إنتاج الماضي
ما يجري اليوم في أربيل والسليمانية ليس إلا تكراراً لنمط تاريخي متجذر: خلافات سياسية تتحول بسرعة إلى نزاع مسلح. واعتقال شخصية بارزة مثل لاهور شيخ جنكي لم يكن مجرد إجراء أمني، بل كشف حجم التصدعات داخل البيت الكردي، وأطلق العنان لانفعالات عشائرية وحزبية تهدد بتفجير الشارع.

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، وتراجع الثقة الشعبية، وضغوط بغداد والإقليم المحيط، تصبح هذه الانقسامات أخطر من أي وقت مضى. فما كان في الماضي حرباً أهلية محدودة بين حزبين رئيسيين، قد يتحول اليوم إلى صراع متعدد الأوجه بين قوى متفرقة، يفتح الباب أمام تدخلات إقليمية ودولية أكبر.

إذا استمرت القيادات الكردية في تجاهل هذه الحقيقة، يصبح الإقليم كله مثل بيت مائل على صخرة أو قارب فيه ثقوب صغيرة؛ إذا لم تُسد الثقوب، قد يغرق الجميع بغض النظر عن من يقود.

ما وراء كردستان العراق: الانقسام كظاهرة عابرة للحدود
هذه الظاهرة ليست محصورة في العراق. فقد أظهرت التجارب الكردية في سوريا وتركيا والشتات أن الانقسام سمة عامة بين الأكرد، فمثلاً في شمال شرق سوريا رغم هيمنة وحدات حماية الشعب (YPG) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) على الأرض، إلا أن العلاقة مع المجلس الوطني الكردي (ENKS) بقيت متوترة للغاية، مع اتهامات متبادلة بالاستبداد والعمل كوكيل لأنقرة، ما أفشل معظم محاولات التوحيد التي رعتها أربيل. في تركيا الحركة الكردية هناك تعاني من الخلاف بين حزب العمال الكردستاني (PKK) وحزب الشعوب الديمقراطي (HDP)، حول أسلوب العمل بين برلماني وسلمي أم عسكري، كما أن الأحزاب الكردية الأصغر تواجه تشرذماً وضعفاً في الرؤية الموحدة. في إيران، يختلف الأكراد بين أحزاب متناحرة تاريخياً، كالحزب الديمقراطي الكردستاني – إيران (KDPI) وحزب كومله، ولكل منهما رؤيته الخاصة وتحالفاته المختلفة. حتى في المهجر والشتات، في أوروبا وأمريكا الشمالية، حيث يعيش مئات آلاف الكرد، غالباً ما تنقسم الجمعيات والاتحادات الكردية على أسس حزبية، مما يضعف تأثيرها السياسي ويعكس طبيعة الانقسام نفسها.

سقوط الوهم القومي
إن هذه الحقائق تجعل من الضروري مراجعة الخطاب القومي الكردي الذي يصر على تصوير الكرد كأمة واحدة متجانسة في مواجهة "عدو خارجي مشترك". الواقع أن الداخل الكردي هو الذي شكّل مراراً العائق الأكبر أمام وحدة الصف، وأن الصراع على السلطة والموارد كان أقوى من أي شعارات وحدوية.

القومية الكردية كخطاب سياسي لم تنجح في صهر الفوارق الحزبية والعشائرية والمناطقية، بل كثيراً ما استخدمت كشعار لتغطية صراعات داخلية على النفوذ. وما يحدث اليوم دليل إضافي على أن التجانس المزعوم ليس إلا وهمًا يتداعى مع أول أزمة حقيقية، سواء في العراق أو خارج حدوده.

ما العمل؟
المطلوب اليوم ليس مزيداً من التشدق بالشعارات القومية، بل مواجهة الحقيقة: الكرد مجتمع متنوع ومنقسم كتضاريس الجبال الوعرة، ولا يمكن حكمه أو قيادته بخطاب قومي شمولي يتجاهل هذه التعددية. ما يحتاجه الإقليم هو نظام سياسي حقيقي، يقوم على إدارة هذا التنوع، واحترام الاختلاف، وبناء مؤسسات قادرة على امتصاص الأزمات قبل أن تنفجر.

إذا استمرت القيادات في تجاهل هذه الحقيقة، فإن المستقبل قد يعيد تكرار مآسي الماضي، وقد نشهد نسخة جديدة من الحرب الأهلية في التسعينيات، لكن في سياق أكثر تعقيداً وأشد خطورة، لا على الكرد وحدهم بل على استقرار العراق والمنطقة ككل.

انتهى
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)