صنعاء نيوز/رانيا كامل يونس/ كاتبة بالشؤون الجيوسياسية العامة - بيروت -
عملية اغتيال رئيس حكومة اليمن في صنعاء، أحمد غالب الرهوي، بغارة جوية إسرائيلية، شكّلت تطورًا بارزًا في مسار الصراع الإقليمي. فهي لم تُسجَّل كاستهداف عسكري اعتيادي، بل كسابقة سياسية وأمنية تنقل المواجهة إلى مستوى جديد، حيث انتقلت إسرائيل من ضرب الأذرع إلى تصفية الرؤوس.
أعلنت اسرائيل أن الغارة استهدفت قادة أنصار الله، ووصفتها بأنها دقيقة. لكن المعطيات الميدانية تشير إلى أن الهجوم طال اجتماعًا حكوميًا أدى لاستشهاد قيادات حكومية إضافة لوقوع إصابات واسعة بين المدنيين العزّل.
هذا الاستهداف جاء بعد سلسلة ضربات إسرائيلية سابقة على اليمن خلال الأسابيع الأخيرة، لكنه يتمايز بكونه يطال رأسًا سياسيًا في موقع رسمي.
خلفيات المشهد تعود إلى الضغوط التي مارسها أنصار الله في البحر الأحمر منذ أشهر عبر استهداف الملاحة المرتبطة بإسرائيل، وهو ما ألحق أضرارًا بالتجارة العالمية وأدى إلى تحركات أميركية ومحاولات لفرض اتفاق تهدئة لم يصمد طويلًا.
ردود الفعل الأولى بدت متوقعة: أنصار الله وصفوا العملية بأنها جريمة حرب وأكدوا نيتهم الرد، فيما اعتبرت إسرائيل أنها نجحت في ضرب “قيادة الإرهاب”، أما الأمم المتحدة ودول غربية عدّة، فقد اكتفت بالإعراب عن القلق من تداعيات التصعيد على الوضع الإنساني والملاحة الدولية.
الخيارات المتوقعة أمام أنصار الله تتراوح بين تكثيف الهجمات على السفن في البحر الأحمر، وتوسيع استخدام المسيّرات والصواريخ ضد أهداف إسرائيلية، إضافة إلى اعتماد تكتيكات استنزاف متعددة الجبهات. كما أن الغضب الشعبي داخل اليمن وخارجه قد يمنح هذه العمليات غطاءً سياسيًا أوسع.
التداعيات الإقليمية المحتملة على أكثر من صعيد: خطر اتساع رقعة المواجهة بدخول أطراف إقليمية داعمة، ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين وإعادة توجيه خطوط التجارة العالمية، وتراجع فرص أي تسوية سياسية قريبة في ظل تعقّد المشهد. وفي حال غياب موقف دولي واضح، قد يُنظر إلى الاغتيال كأداة مشروعة في إدارة الصراع، ما يفتح الباب أمام مزيد من التصعيد.
اليمن بدوره يواجه لحظة صعبة، لكن تجارب السنوات الماضية تشير إلى أن خسارة القادة أو الدمار المادي لم تُنهِ حضور الحركة أو تأثيرها. العملية الإسرائيلية قد لا تؤدي إلى إضعاف مباشر، بقدر ما تمنح الطرف المستهدف مبررًا إضافيًا لتوسيع دائرة المواجهة.
وبهذا، يبدو أن اغتيال الرهوي لا يمثل مجرد عملية أمنية محدودة، بل قرارًا إسرائيليًا محفوفًا بالمخاطر، من شأنه أن يشعل فصلًا جديدًا في المواجهة الإقليمية ويفرض حسابات جديدة على جميع الأطراف. |