صنعاء نيوز/ بقلم : زعفران علي المهنا -
دعينا نذهب، ياغدير... دعينا نترك كل شيء خلفنا. السيارة؟ نعم، حتى السيارة. تلك التي طالما دافعت عنها كما لو كانت بيتا من طين، أو حضنا من أمان، تركتها هناك، تنكسر وحدها تحت وقع الصواريخ، تنزف زجاجها، وتئن محركاتها دون صوت يسمع.
كيف يهرب الإنسان تحت القصف؟
كيف تولد الشجاعة من رحم الفزع؟
كيف تتحول قدماكِ المرتجفتان إلى جناحين حين تسمعين صوت الطائرات ينهش السماء؟
كان وقع خطواتك يسابق الخطر، لا صوت يعلو على صوت الخوف، ولا شيء يرى سوى الغبار، الزجاج المتناثر، وقلوبنا التي تسبقنا إلى الهروب.
غديرورفيقتها ... من أين جئت بهذه الجرأة؟ من أعطاك الإذن أن تتركي مدللتك، مأواك، سيارتك التي كنت تلوذين بها من برد الليل وحرالنهار وزحام الباصات ؟ من هذا الذي سرق منا حتى خياراتنا، حتى وقت المغادرة؟
يا للوجع...
حتى النظر إلى السماء لم يعد مريحا، لم يعد ملاذا.
صرنا نغض البصر عنها، لأنها تعني شيئا واحدا: القصف.
كلما رفعنا رؤوسنا، عاد إلينا صوت الصواريخ كأنها لعنة متكررة.
أصبحت السماء خصما لا صديقا، رعبا لا رحمة فيه.
وها نحن نركض.
نلحق بمن سبقونا في الهرب...
إلى أين؟ لا أنا أعلم، ولا غدير تعلمولارفيقة غدير تعلم .
نمشي كأننا بلا وجهة، بلا بيت، بلا ماض ولا حتى مستقبل.
نمشي لأن البقاء موت، ولأن الهرب... موت مؤجل.
السيارة التي هشموها...
الزجاج المتناثر الذي يروي حكاية كل شيء فقدناه...
الركام، الغبار، آثار الأقدام المرتجفة...
كلها تشهد أننا كنا هنا، ذات مرة، نحب الحياة، قبل أن تسرقنا هذه الحرب.
وختاما
انا لااعرف احد داخل هذا الفديوا ولكني أكتب الآن، لا لأنني أملك شيئا أقدمه، بل لأن الكتابة آخر ما تبقى لي
وغدير... تركت سيارتها.
وأنا... تركت قلبي هناك وتركت قلمي هنا لديكم واردد معهم اشهد ان لااله إلا الله وان محمد رسول الله |