صنعاء نيوز/ الدكتور أحمد غزالة -
أصدقائي القراء نـتـناول في هذا المقال موضوعاً اقتصادياً على درجة كبيرة من الأهمية ، ويعد من المعايير الهامة لتقييم اقتصادات الدول ، وهو رقمنة الاقتصاد ، وكما تعودت مع القارىء نتناول الموضوعات الاقتصادية بشكل اجتماعي مبسط نستطيع به الوصول إلى عقل وفكر القارىء غير المتخصص في الشأن الاقتصادي ، فعند الحديث عن الاقتصاد الرقمي فنحن نتحدث عن المشروعات والأنشطة الاقتصادية التي تعتمد على التكنولوجية الرقمية الحديثة مثل أجهزة الحاسب الآلي ، والهاتف المحمول ، والمنصات الرقمية .....الخ ، فهو ببساطة شديدة انتقال من اقتصاد يعتمد على النقد والأوراق إلى اقتصاد يعتمد على الوسائل التكنولوجية الحديثة ، ولقياس مدى تطور الدول في هذا النوع من الاقتصاد فإن هناك مؤشرات دولية نعتمد عليها في هذا السياق فهي أشبه بالترمومتر الذي يقيس حراراة الجسم ، ومن أشهر هذه المؤشرات مؤشر التطور الرقمي الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات ITU التابع للأمم المتحدة ، والذي يستخدم في قياس مستوى القدرات الرقمية للدول ، وعند قراءة المشهد الإفريقي في موضوع التحول الرقمي فنحن نتحدث عن وضع 54 دولة افريقية معترف بها من قبل الأمم المتحدة ، وبالبحث عن أهم عشر دول افريقية في التحول الرقمي ً وفقاً لمؤشر الاتحاد الدولي للاتصالات ITU والذي أشرنا إليه سابقاً تأتي قائمة أهم الدول الإفريقية تشمل ليبيا ، المغرب ، وسيشل ، وموريشيوس ، وجنوب افريقيا ، والجزائر ، وبوتسوانا ، وتونس ، ومصر ، والغابون ، وقد تم رصد هذه الدول بالترتيب وفقاً لتقرير الاتحاد الدولي للاتصالات ، وقد جاءت مصر ضمن أهم الدول الإفريقية في ملف التحول الرقمي ، وعند قرائتي لهذا التقرير كانت المفاجأة بالنسبة لي كأحد المحللين الاقتصاديين هو تصدر ليبيا المشهد وترتيبها كان في المركز الأول بسبة حوالي 88.1% وفقاً لأرقام المؤشر ، مما دفعني لتحليل بيانات هذا المؤشر للوقوف على حقيقة هذه الأرقام وماذا تعنيه ، فوجدت أن الاتحاد الدولي للاتصالات عند ترتيبه لمستوى تطور الدول في التحول الرقمي فإنه يعتمد على معايير محددة وهي مدى انتشار الإنترنت في الدولة وكذلك نسبة الاستخدام الفعلية من السكان ، وكذلك مهارات الاستخدام ، ولكن لا يدخل في حسابات مؤشر الاتحاد الدولي للاتصالات عوامل هامة تؤثر على اقتصاد أي دولة مثل الاستقرار السياسي ومدى جودة الخدمات الرقمية المقدمة ، ومن هنا استفادت ليبيا من نسبة انتشار الانترنت العالية بها ، وانخفاض عدد سكانها نسبياً ، والانفاق على هذا القطاع رغم ظروفها السياسية والاقتصادية ، وما تعانيه من غياب للحكومة الرقمية ، والتجارة الإلكترونية لتتصدر قائمة أهم الدول الإفريقية على مؤشر الاتحاد الدولي للاتصالات ITU ، بينما بالبحث عن التطبيقات العملية للاقتصاد الرقمي إفريقياً ، وجدنا بالنسبة لمؤشر الحكومة الإلكترونية EGDI الصادر عن الأمم المتحدة فإن قائمة أهم الدول الإفريقية التي تتصدر المشهد تضم جنوب افريقيا ، ومصر ، والمغرب ....الخ ، وعند قراءة ملف التجارة الإلكترونية فإنه وفقاً لمؤشر UNCTAD B2 C index الصادر عن الأمم المتحدة فإن قائمة الدول التي تتصدر المشهد تضم موريشيوس في المقدمة ، ويليها مصر ، والمغرب ، ونيجيريا ، ....الخ ، بينما غابت دولة مثل ليبيا عن هذه المؤشرات الهامة في الاقتصاد الرقمي ، والتي تصدرت المشهد وفقاً لمؤشر الاتحاد الدولي للاتصالات معتمدة في ذلك على وصول الإنترنت للسكان ونسب استخدامه ، وبالتركيز على المشهد المصري فنجد أن مصر ضمن اهم عشرة دول افريقية وفقاً لمؤشر الاتحاد الدولي للاتصالات ، وكذلك وفقاً لمؤشرات التجارة الإلكترونية ، والحكومة الإلكترونية ، والّذان يعكسان وبقوة التطبيق العملي للاقتصاد الرقمي ، ومن هنا يمكن أن نؤكد على تقدم مصر في ملف الاقتصاد الرقمي ، ونتوقع له المزيد من النمو والتطور في الفترة القادمة ، والى اللقاء مع القارىء الكريم في تحليللات اقتصادية لاحقة إن شاء الله .
بقلم د / أحمد غــــزالــة – مصر
كاتب ، وخـبـيـر اقـتـصادي
|