صنعاء نيوز/ -
رانيا كامل يونس/ باحثة في الشؤون الجيوسياسية
أحد عشر عامًا مضت على ثورة 21 سبتمبر في اليمن، الحدث الشعبي والسياسي الذي أعاد رسم ملامح المعادلة الداخلية والخارجية للبلاد. يراها مؤيدوها ثورة الخلاص من التبعية والوصاية الخارجية، وبداية عهد جديد لليمن المستقل القادر على اتخاذ قراره السيادي، والأهم: وضع اليمن في قلب معركة الأمة الكبرى، وهي الدفاع عن فلسطين ومواجهة الكيان الإسرائيلي.
ثورة ضد الوصاية والفساد
جاءت ثورة 21 سبتمبر استجابة لمطالب شعبية عريضة، سئمت من عقود التهميش والفساد، ومن التدخلات الأجنبية التي كبّلت القرار اليمني وحوّلته إلى رهينة بيد العواصم الغربية والخليجية.
نجحت الثورة في كسر هذه القيود، وأعادت للشعب اليمني زمام المبادرة، لتتحول صنعاء من عاصمة مهمّشة إلى مركز قرار مستقلّ، يُحسب له حساب في المعادلات الإقليمية.
فلسطين في قلب الثورة
من أبرز مميزات ثورة 21 سبتمبر أنها لم تكتفِ بالشعارات الداخلية، بل ربطت نفسها مباشرة بقضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
منذ انطلاقتها، رفعت الثورة شعار العداء لإسرائيل ورفض أي شكل من أشكال التطبيع.
تحوّلت صنعاء إلى ساحة للمسيرات المليونية الداعمة لفلسطين، في وقت انشغلت فيه كثير من العواصم العربية بالتطبيع والانكفاء.
الموقف السياسي والعسكري لأنصار الله جعل اليمن جزءًا من محور المقاومة، بحيث أصبح أي اعتداء صهيوني على غزة أو لبنان يُقابَل برسائل ردع من اليمن.
الإنجازات الاستراتيجية
عسكريًا: الثورة مكّنت اليمن من تطوير قدراته الدفاعية والهجومية محليًا، بعيدًا عن التبعية، وهو ما جعل إسرائيل تضع اليمن في حساباتها لأول مرة.
شعبيًا: ثورة 21 سبتمبر أحيت روح التضامن الشعبي مع فلسطين، ورسّخت في وعي الأجيال اليمنية أن تحرير القدس جزء من واجب الأمة.
سياسيًا: أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الخطاب الرسمي اليمني، لتصبح معيارًا رئيسيًا في تحالفات اليمن الخارجية ومواقفه الدبلوماسية.
اليمن في محور المقاومة
اليمن بعد 21 سبتمبر لم يعد على هامش الصراع العربي–الإسرائيلي، بل أصبح لاعبًا فاعلًا في محور المقاومة الممتد من غزة إلى بيروت وطهران وبغداد ودمشق التي بقيت الداعم العريي الأساسي للمحور حتى سقوط نظام بشار الأسد.
هذا التموضع الجديد أعطى دفعة قوية للقضية الفلسطينية، وأكّد أن الثورة في اليمن ليست فقط شأنًا داخليًا، بل جزء من معركة كبرى ضد مشروع الاحتلال والتطبيع.
خاتمة
بعد أحد عشر عامًا، أثبتت ثورة 21 سبتمبر أنها لم تغيّر فقط شكل الحكم في اليمن، بل غيّرت أيضًا موقع اليمن في خريطة الصراع الإقليمي. من بلد تابع ومكبّل، إلى بلد حرّ مستقلّ يضع فلسطين في أولويات سياساته. إنها ثورة سيادة وكرامة، وفي الوقت نفسه ثورة فلسطين بامتياز، لتبقى صنعاء بعد هذه الثورة مدينة ترفع لواء القدس عاليًا، في زمنٍ هرول فيه كثيرون إلى بوابات التطبيع. |