صنعاء نيوز/نظام مير محمدي -
نظام مير محمدي
كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني
لا يمکن البت والفصل في القرارات الحاسمة والاستراتيجية في النظام الإيراني إلا بعد أخذ الموافقة من الولي الفقيه، علي خامنئي، وإن هذه الحقيقة قد باتت کبديهية للعالم کله وليس بوسع أحد إنکار ذلك، وهذا يعني بأن الأوضاع السائدة في إيران هي نتيجة وحاصل تحصيل لقرارات ومواقف خامنئي وهو من قاد الشعب الإيراني الى ما هو عليه من أوضاع بالغة السلبية.
الانسان عندما يرى إن قراره فاشل وغير صائب، ويتکرر ذلك، فإنه يکون حذرا في إصدار قراراته وحتى يتأنى کي لا تکون عواقبها وآثارها وتداعياتها سلبية، لکن خامنئي وهو يمسك بزمام الامور منذ أکثر من 4 عقود، ورأى بأم عينيه فشل وعدم صواب قراراته الحاسمة في مختلف المجالات، فإنه ليس لم يتروى ويتعظ من نتائج وآثار تلك القرارات التي إنعکست سلبا على الاوضاع في إيران بل وحتى إنه قد أصر على الالتزام بهذا النهج ولم يکترث لما سينجم عن ذلك من نتائج سلبية والأسوأ من ذلك، إن خطباء الجمعة الذين يقوم خامنئي بنفسه بإختيارهم، فإنهم يقومون بتبرير النتائج السلبية لتلك القرارات السيئة بأنها بمثابة إختبار آلهي!
وفي الوقت الذي يرى فيه العالم کيف إن الاوضاع في إيران بسبب من القرارات والمواقف المتعنتة لخامنئي قد وصلت الى منعطف بالغ الخطورة وتضع إيران وشعبها في مواجهة تطورات بالغة الخطورة، فإن خامنئي وعلى عادته المألوفة وعوضا من أن يسعى الى تهدئة الموقف ويتجنب وضع البلاد في مواجهة تهديدات تنعکس سلبا على الشعب الإيراني، فإنه يسعى من أجل صب الزيت على النار، کما يتم لمس ذلك بوضوح خلال الخطاب الاخير له يوم الثلاثاء الماضي ال23 من أيلول سبتمبر2025.
خامنئي في خطابه المذکور الذي کان مسجلا، وبخلاف موقف المجتمع الدولي من قضية تخصيب اليورانيوم فقد أکد بأن إيران لن "تستسلم للضغوط" الغربية التي تمارس عليها للتخلي عن تخصيب اليورانيوم. وجاء في خطاب المرشد الإيراني: "يقول الجانب الأميركي: عليكم ألا تخصبوا على الإطلاق"، مضيفا: "لم ولن نستسلم للضغوط في قضية تخصيب اليورانيوم. وفي أي قضية أخرى أيضا. لم ولن نستسلم للضغوط"، وهذا يعني بأنه يقود الاوضاع مرة أخرى بإتجاه التأزم والمواجهة.
خامنئي الذي کرر في هذا الخطاب، موقف النظام الرسمي منذ فترة طويلة من إنه لا يحتاج الى أسلحة نووية ولا ينوي إنتاجها، رغم إن الحقائق تدحض وتفند کلام خامنئي هذا خصوصا إذا تذکرنا إعتراف علي مطهري، نائب رئيس البرلمان السابق (نيسان أبريل 2022)، عندما قال: "عندما بدأنا النشاط النووي كان هدفنا فعلا صناعة القنبلة. لا داعي للمجاملة. لكن الأمر انكشف… مجاهدو خلق قدموا التقارير فانكشف المشروع. لم نستطع الحفاظ على سريته. لو كنا أجرينا التجربة، لانتهى الأمر مثل باكستان" وکذلك حسن روحاني، رئيس النظام السابق وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي في كتابه (الأمن القومي والدبلوماسية النووية)، فقد کتب: "في عام 2002 كانت الأنشطة تسير بهدوء، لكن فجأة قام مجاهدو خلق بعقد مؤتمر صحفي وافتعلوا ضجة كبيرة وكانت خطة منظمة الطاقة الذرية أن نكمل منشأة نطنز ثم نبلغ الوكالة بعد أن نصبح أمام أمر واقع".
ومن دون شك، فإن خامنئي لايبدو إن إصراره على هکذا قرارات من شأنها أن تنفع النظام وتغير من مصيره، ولاسيما وإن الشعب الإيراني قد واجه أسوأ الاوضاع وعانى ما عانى من جراء قرارات ومواقف خامنئي الخاطئة والمعادية لمصلحته ومصلحة البلاد، وإنه اليوم يواجه مأزقا عويصا إذ أوصل النظام بقراراته هذه الى خط النهاية وعليه أن ينتظر عواقبها!
وفي الوقت ذاته، مع إصرار خامنئي على عدم "الاستسلام للضغوط" الذي دفع بالنظام إلى مأزق نووي واقتصادي أعمق، شكلت المظاهرات الحاشدة للإيرانيين في يومي 23 و 24 سبتمبر في نيويورك، الرد القاطع والخارجي على هذا المأزق. لقد حذّر هذا التجمّع أمام مقر الأمم المتحدة العالم صراحةً من مغبة الخلط بين ممثل الديكتاتورية الحاكمة (مسعود بزشكيان) و"الصوت المنادي بالعدالة لإيران الحقيقية"، ومن بيع حق المقاومة الوطنية مقابل الصمت والمساومة مع الملالي. وقد أكدت السيدة مريم رجوي أن الحل الوحيد هو "الإسقاط والتغيير الديمقراطي" وإقامة جمهورية ديمقراطية على أساس البرنامج ذي البنود العشرة. هذه المقاومة المنظمة، التي اجتازت امتحانها لعقود وفقاً لما ذكره الجنرال والترز، تصرخ الآن على الساحة العالمية بأنّه قد حان الوقت للاعتراف بنضال الشعب الإيراني من أجل تغيير هذا النظام. وهكذا، فإنه في ذروة الأزمة وإصرار الولي الفقيه على سياساته الفاشلة، فإن القوة الوحيدة القادرة على إخراج النظام من هذا المأزق ليست التفاوض ولا الحرب، بل هي القوة المنظمة للشعب وبديله الديمقراطي الذي سيصنع مستقبل إيران.
|