صنعاء نيوز/ بقلم : سري القدوة -
الأربعاء 8 تشرين الأول / أكتوبر 2025.
تشكل حرب الإبادة الجماعية وما تحمله من تداعيات كارثية على أهم ما يمكن مواجهته من تحديات مستقبلية هو تدمير ممنهج لجيل فلسطيني بفعل وقف التعليم وعدم تمكن الطلاب الدارسين في قطاع غزة من التحاقهم بمقاعد الدراسة للعام الثاني على التوالي ولم تقتصر تداعيات ونتائج حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال منذ قرابة العام على عشرات آلاف الشهداء والجرحى أكثر من ثلثهم من الأطفال، إضافة إلى الدمار الهائل وغير المسبوق لمختلف نواحي الحياة، بل طالت وبشكل ممنهج ومدروس مسبقا الحياة التعليمية، سواء في المدارس أو الجامعات ومختلف المؤسسات التعليمية، ما تسبب في ضياع عامين دراسيين، وذلك ضمن ما اقترفته اله الحرب الإسرائيلية من جرائم حرب مخالفة لحقوق الإنسان والقانون الدولي .
عمليات تدمير أي فرص لالتحاق الطلبة لمقاعد الدراسة تتواصل ولم تتوفر لحتى ألان أي أُفاق واضحة لاحتمالات وقف هذه الحرب المجنونة بالرغم من الجهود الأمريكية لوقف اطلاق النار، ما ينذر بضياع عام آخر والدخول في سياسة التجهيل وطريق مجهول يتسم بالضياع والضبابية .
واقع الحال وتلك المواجهات فرضت التحدي مما جعل قتح نقضة ضوء في هذا النفق المظلم وقيام وزارة التربية والتعليم للبحث عن بدائل قد تساعد في تخفيف الخسائر على صعيد التعليم، فأوجدت ما يعرف بالتعليم الافتراضي، بالتعاون مع وكالة الغوث "الأونروا"، بهدف مواصلة المسيرة التعليمية، ولو عن بعد، وبشكل إلكتروني، وبمشاركة معلمين من الضفة الغربية .
وبرغم عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الافتراضي تجاوز الـ 130 ألف طالب وطالبة، وأنه يشارك في المدارس الافتراضية معلمون من الضفة الغربية لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه في هذا السياق، كيف بإمكان الطلاب تلقي تعليمهم في ظل الظروف القاسية جداً التي يعيشونها في ظل القصف الإسرائيلي الإجرامي في كل ساعة ودقيقة وحالة الرعب التي لا تنتهي، وفي ظل عدم توفر الكهرباء والإنترنت، عدا نقص المياه والغذاء، وحالة النزوح المستمرة من مكان إلى آخر دون أن يكون هناك مكان آمن يوفر لهم سبل تلقى تعليمهم دون أي عوائق .
الأوضاع الراهنة في غزة تجعل من الصعب البدء بأي عملية تعليمية حقيقية كون الظروف في غزة قاسية جدًا، حيث أن ثلثي المدارس تم تدميرها بشكل كلي أو جزئي، وما تبقى منها يؤوي مئات الآلاف من النازحين وأن انعدام الكهرباء، والإنترنت، والبنية التحتية التعليمية يجعل من المستحيل توفير أية بيئة تعليمية مناسبة، وبرغم من ذلك بدأت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وغيرهم من الجهات في تنفيذ بعض المبادرات التعليمية، وشارك فيها آلاف الطلاب، لكنها اقتصرت على أنشطة غير منهجية وتفريغ الضغط النفسي، وليست عمليات تعليمية متكاملة وتبقى في نطاق محدود وفقا للإمكانيات المتوفرة في خيام النازحين .
وتفيد الإحصائيات الدولية الواردة من قطاع غزة أن 90 في المائة من سكان قطاع غزة، البالغ عددهم مليون و800 ألف شخص، محاصرون الآن في منطقة صغيرة جنوب القطاع، ما يصعب إطلاق أي مشاريع تعليمية شاملة، وأن استمرار الأوضاع بهذا الشكل سيؤدي إلى ضياع جيل كامل من الطلاب، حيث يعاني الآلاف منهم من الصدمات النفسية جراء الحروب المستمرة، والعديد منهم قتلوا أو أصيبوا بجروح وان الأوضاع الحالية تجعل البدء بعملية تعليمية شاملة مستحيلاً، ما يعرض هذا الجيل لخسارة عام دراسي آخر .
سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]
سري القدوة
رئيس تحرير جريدة الصباح
http://www.alsbah.net