صنعاء نيوز/حسن محمودي - ،
حسن محمودي
كاتب وباحث في الشأن الإيراني
مبنى إيراني في لندن يُصادَر لصالح شركة إماراتية... وطهران تواجه عزلة متزايدة
Building Owned By Iranian Regime Oil Company Seized in London - Iran Focus
بقلم: حسن محمودي – كاتب وباحث في الشأن الإيراني
أكّدت وسائل إعلام إيرانية أن شركة النفط الوطنية الإيرانية (NIOC) خسرت استئنافها أمام القضاء البريطاني، وفشلت في منع مصادرة مبنى مملوك لها في وسط لندن، في إطار تنفيذ حكم تحكيمي بقيمة 2.4 مليار دولار لصالح شركة «كريسينت بتروليوم» الإماراتية.
مبنى «بيت النفط الإيراني» في قلب لندن
ذكرت التقارير أن محكمة الاستئناف البريطانية أيدت حكماً سابقاً يقضي بأن نقل ملكية المبنى إلى صندوق ائتماني تم بطريقة غير قانونية، بهدف حمايته من الدائنين. ويقع المبنى المصادَر، المعروف باسم «NIOC House»، بالقرب من البرلمان البريطاني ودير وستمنستر، وتُقدّر قيمته بنحو 100 مليون جنيه إسترليني (125 مليون دولار). وكانت إيران تمتلك هذا العقار منذ نحو نصف قرن.
في 18 أبريل 2024، أمرت محكمة بريطانية بمصادرة المبنى لصالح شركة «كريسينت»، التي نجحت في استعادة جزء من التعويضات المقررة لها بموجب أحكام قضائية دولية. واعتبرت الشركة أن تحويل ملكية المبنى إلى جهة أخرى كان يهدف إلى التهرب من سداد الديون، وهو ما أيدته المحكمة البريطانية لاحقاً في 29 سبتمبر 2025 عندما رفضت استئناف شركة النفط الإيرانية وأقرت قرار المصادرة النهائي.
نزاع «كريسينت»... الملف الأكثر جدلاً في تاريخ النفط الإيراني
تعود قضية عقد «كريسينت» إلى عام 2002، حين تم توقيع اتفاق لتصدير 500 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً من حقل سلمان الإيراني إلى الشركة الإماراتية. إلا أن طهران لم تلتزم ببنود العقد، ما أدى إلى سلسلة من الدعاوى الدولية انتهت بإلزام النظام الإيراني بدفع 607 ملايين دولار كتعويضات أولية.
منذ ذلك الحين، تحوّل هذا الملف إلى أحد أكثر النزاعات حساسية في تاريخ قطاع الطاقة الإيراني، لما يحمله من أبعاد سياسية واقتصادية تمس سمعة النظام في الخارج.
مصادرات متتالية في أوروبا
كانت شركة النفط الوطنية الإيرانية تدير مكاتب لها في خمس دول: بريطانيا، الصين، سنغافورة، هولندا، والهند. وبعد مصادرة مبانيها في لندن وروتردام، لم تعد تملك أي مقر في القارة الأوروبية.
ورغم نفي وزارة الخارجية الإيرانية في فبراير 2025 صحة التقارير حول مصادرة مبنى آخر تابع للشركة في روتردام، فإن وثائق قضائية هولندية أكدت نقل ملكية المبنى رسمياً إلى شركة «هوفل» الهولندية في مزاد علني بتاريخ 20 أبريل 2023، بقيمة تُقدّر بتسديد جزء من الدين لصالح «كريسينت».
وقد رفضت المحكمة جميع طلبات طهران لإلغاء البيع، مؤكدة أن المزاد تم بصورة قانونية وأن المبنى لم يعد يتمتع بأي حصانة سيادية بعد صدور الحكم الدولي.
تراجع اقتصادي وعزلة قانونية
تشير هذه التطورات إلى اتساع نطاق العزلة القانونية والاقتصادية التي يواجهها النظام الإيراني، إذ لم تعد العقوبات وحدها تقيده، بل أصبح مهدداً بمصادرة ممتلكاته العامة في الخارج نتيجة سوء إدارته وفساده المؤسسي.
ويرى مراقبون أن خسارة هذه الأصول تمثل ضربة جديدة لهيبة النظام الذي يعاني أصلاً من أزمات داخلية حادة، بما فيها الانهيار الاقتصادي وتصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد القمع والإعدامات.
اليوم العالمي لمناهضة الإعدام... احتجاجات إيرانية في الخارج
تزامناً مع اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في 10 أكتوبر، خرج آلاف الإيرانيين في تظاهرات ووقفات احتجاجية في مدن أوروبية وأمريكية، من بينها لندن وباريس وبرلين وواشنطن ولوس أنجلوس، للتنديد بسياسات النظام التي تجمع بين الفساد المالي والقمع الدموي.
رفع المشاركون شعارات تدعو إلى وقف الإعدامات في إيران ومحاسبة المسؤولين عنها، مؤكدين أن النظام الذي يخسر أصوله في الخارج ويفقد شرعيته في الداخل لم يعد قادراً على الاستمرار إلا عبر أدوات القمع والخوف.
|