صنعاء نيوز/بقلم خالد الرويشان - سيارة إبراهيم الحمدي.. حكاية نزاهة وقيادة استثنائية
صنعاء نيوز – بقلم خالد الرويشان
لم يمتلك الرئيس إبراهيم الحمدي سيارة مدرّعة كما يفعل اليوم الصغار قبل الكبار!
وذات يوم تعطلت سيارته في ميدان التحرير وسط مطرٍ غزير، وكان الوقت عصراً، وهو في طريقه إلى المقيل عند أحد أصدقائه.
فوجئ أصحاب المحلات التجارية يومها بالرئيس ينزل من مقعد السائق، ليدفع سيارته بنفسه وسط المطر!
هذه الواقعة رواها لي أحد أصحاب المحلات، ولا تزال محفورة في ذاكرة من شهدوها.
لقد فعل ذلك في زمنٍ كانت فيه اليمن تمتلك 8 مليارات دولار في البنك المركزي، أي ما يعادل 80 مليار دولار بأسعار اليوم!
ولم يكن الحمدي يحكم في السويد، بل في اليمن، بلد التحديات والتناقضات.
حكم ثلاث سنوات وبضعة أشهر فقط، لكنه ترك أثراً يتجاوز الزمن.
قد تختلف أو تتفق معه، لكنه لم يكن قاتلاً لمعارضيه، ولا ناهباً لأموال الدولة، ولا متعصباً لطائفة أو قبيلة أو حزب.
كان يحمل مشروع دولة، ولهذا اغتيل.
وما زال دمه جمرة في عصب الأرض حتى اليوم، وما زال صوته وهجه وحنينه يضيء في قلب البلاد وعيونها.
لم يأتِ الحمدي من المريخ!
أقول ذلك حتى لا نصاب جميعاً باليأس من حالنا اليوم.
فبيننا آلاف، بل ملايين النماذج التي يمكن أن تكون "حمدياً" في قيمها وصدقها ونزاهتها.
نحن لا نتحدث عن الحمدي لأنه نموذج خيالي،
بل لأنه الأفضل ممن حكموا اليمن منذ قرون.
نتحدث عنه لأن حساسيته من فكرة الإمامة جعلته يختار أن يُخاطَب الجميع بلقب "الأخ" في المراسلات الرسمية وأدبيات الدولة، وهي عادة ما نزال نحتفظ بها حتى اليوم.
الحمدي لم يكن مجرد رئيس…
بل حلم وطن لم يكتمل، وذكرى رجلٍ علّم اليمنيين أن الكرامة لا تحتاج موكباً ولا مدرعة. |