صنعاء نيوز/تقرير استقصائي اعدة /عبدالغني درهم -
بعد أكثر من 40 عاماً.. إغلاق خدمات التوثيق والتعميد "في القنصلية اليمن بمدينة سان فرانسيسكو يفرض كابوساً مالياً ومعنوياً على آلاف اليمنيين المغتربين.
كاليفورنيا، ديسمبر 2025: من قلب الغربة، وعلى بعد آلاف الأميال من الوطن، ترفع الجالية اليمنية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية نداءً إنسانياً عاجلاً وصارخاً، محملةً بألم الفقدان والإهمال. لم تعد تحتمل صفعة جديدة تضيف إلى معاناتها المستمرة منذ سنوات الحرب في الوطن، فقرر أبناؤها كسر جدار الصمت الرسمي ونقل معاناتهم إلى الرأي العام المحلي والدولي.
القرار الجائر: نهاية "مرفأ الأمان" بعد 4 عقود
تتمحور الأزمة حول قرار إداري صادر عن السفارة اليمنية في واشنطن، يقضي بسحب الصلاحيات الحيوية من القنصلية اليمنية في مدينة سان فرانسيسكو، التي ظلت لعقود طويلة تمثل "مرفأ الأمان" و"السند" لأبناء الجالية في غرب الولايات المتحدة. بموجب هذا القرار، يتم إلزام الآلاف من اليمنيين المقيمين في ولاية كاليفورنيا وغيرها من الولايات الغربية بالتوجه إلى واشنطن في أقصى الشرق لإنجاز أبسط معاملاتهم الحياتية، مثل تجديد الجوازات، وإصدار التوكيلات، وتصديق الوثائق.
تكاليف باهظة وإرهاق مضاعف: "خط على خريطة أم عقوبة؟"
يصف أبناء الجالية هذا القرار بـ"الجائر" و"غير المبرر"، معتبرين أنه "عقوبة" تزيد من مرارة الغربة. فالسفر إلى واشنطن لا يعني مجرد خط على الخريطة، بل هو:
· تكلفة مادية باهظة: تصل إلى نحو ألفي دولار للفرد الواحد شاملة تذكرة السفر والإقامة.
· ضياع للوقت والجهد: رحلة ذهاباً وإياباً تستغرق ست ساعات طيران على الأقل، بالإضافة إلى أيام انقطاع عن العمل والدراسة والالتزامات الأسرية.
· مخاوف إنسانية: خوف العائلات من تعطل لم الشمل، وقلق الشباب من انتهاء صلاحية وثائقهم القانونية، وإرهاق كبار السن والأسر محدودة الدخل.
"حاولنا كل سبل الحوار المهذب... فلقينا جداراً من الصمت"
في حديث مؤثر لممثلي الجالية، قالوا: "نكتب لا كأرقام في سجلات، بل كقلوب تنبض بحب الوطن". وأكدوا أنهم لم يلجأوا للعلن إلا بعد استنفاد كل قنوات الحوار الهادئ. فقد توحدوا عبر ممثليهم الرسميين، وكتبوا الرسائل والبيانات، وسافروا مئات الأميال لحضور اجتماع طُلب منهم، وطرحوا حججهم بوضوح بلغة "العقل والقلب". لكن كل محاولاتهم اصطدمت، حسب وصفهم، بـ"جدار من الصمت والتجاهل"، مما دفعهم لتحويل خطابهم "من الاستئناس إلى المطالبة بحق إنساني أساسي".
مطالب عادلة: إلغاء القرار واعتبار المغترب شريكاً
تتخلص مطالب الجالية اليمنية في كاليفورنيا في ثلاث نقاط أساسية:
1. الإلغاء الفوري للقرار: والعودة الكاملة عن سحب صلاحيات القنصلية في سان فرانسيسكو، وإعادة جميع الخدمات الأساسية إليها.
2. فتح حوار جاد: مع ممثلي الجالية المعتمدين للاستماع إلى احتياجاتهم والعمل على تطوير الخدمات، وليس تقييدها.
3. الاعتراف بقيمة المغترب: معاملة المغترب اليمني كـ"شريك فعلي للوطن" وليس كرقم مهمل، والاقتناع بأن "جرحه من جراح الوطن، وكرامته من كرامته".
قضية إنسانية بامتياز.. وصبر ينفد
تؤكد الجالية أن القضية تتجاوز الإجراءات البيروقراطية لتتحول إلى معاناة إنسانية يومية: "أم تنتظر وثيقة لم شمل أسرتها، وطالب قلِق على مستقبله، وأب ينفق راتبه الشهري على تذكرة طيران". وتحذر في ختام ندائها العاجل: "إن لم يلقَ هذا النداء أذناً صاغية، فسنضطر إلى حمل قضيتنا العادلة إلى كل محفل وكل منصة، لأن الصمت في وجه الظلم لم يعد خياراً لدينا".
هذه الصرخة من "قلوب وعقول أبناء الجالية اليمنية في كاليفورنيا" تطرح سؤالاً ملحاً حول مسؤولية الدبلوماسية تجاه مواطنيها في الخارج، خاصة أولئك المنكوبين أصلاً بظروف وطنهم، وتستغيث بالحكمة والعدل والرحمة قبل فوات الأوان. |