shopify site analytics
صدور كتاب متخصص في التأمينات والمعاشات للخبير التأميني الاستاذ عارف العواضي - الرياضة اليمنية غير علمية - جامعة العلوم التطبيقية في الأردن ..تحتفي بعام من التميز - الخطاب الطائفي.. نخرٌ صامت في جسد السياسة العراقية - الاعتدال بين الوطنية والمرجعية - ‏الغياب الذي أعاد تشكيل المشهد العراقي - المستشفى اليمني الألماني يدشّن مخيمًا طبيًا مجانيًا لخدمة مرضى السكري - صندوق تنمية المهارات ومعهد الطيران ينهيان تأهيل 23 كادراً - النشرة المسائية لوسائل الإعلام العبري لنهار السبت الموافق  13 ديسمبر 2025          - المأساة الإنسانية وإعادة إعمار غزة -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - ‏لم تكن النجف في ذلك الصباح تحتضن ضوء الشمس المعتاد، كان الهواء ثقيلاً، وكأن المدينة تتنفس بصعوبة ممزوجة بالبارود والغدر

الأحد, 14-ديسمبر-2025
صنعاء نيوز/‏محمد النصراوي -




‏لم تكن النجف في ذلك الصباح تحتضن ضوء الشمس المعتاد، كان الهواء ثقيلاً، وكأن المدينة تتنفس بصعوبة ممزوجة بالبارود والغدر، المشهد القصصي يبدأ عادة بنهاية، ونهاية هذا اليوم كانت انفجاراً هز الصمت في محيط رمز ديني ووطني، رجلٌ كان صوته يمثل خط الدفاع الأخير عن هوية جيل كامل في مواجهة عواصف التغيير والمحنة، لقد كان خروجه من حرم الطهر بعد صلاة الجمعة إيذاناً بعودة، لكن القدر رسم له عودة مختلفة، عودة إلى سجل الخالدين عبر بوابة الاغتيال المروع.
‏إن الاغتيالات التي تستهدف الرموز الكبرى ليست مجرد عملية لتصفية جسد، بل هي محاولة آثمة لتمزيق النسيج الاجتماعي والذاكرة الوطنية، وهي في جوهرها حربٌ على المعنى، حين تُغتال شخصية بحجم قائد ظل عقوداً يمثل حالة من التوازن الروحي والسياسي والفكري، فإن الثمن لا يدفعه أتباعه المباشرون فحسب، بل يدفعه الوطن بأكمله، يخلق الفراغ الذي يتركه مثل هذا الغياب فوضى عارمة، ويسقط حائط الصد الذي كان يمنع انزلاق الجماعة نحو الاستقطاب الحاد أو تشتت الرؤية، خصوصاً في المراحل الانتقالية الهشة كالمرحلة التي تلت سقوط الديكتاتورية.
‏كان هذا الرمز تحديداً يحمل مشروعاً يتجاوز الحسابات الضيقة، مشروعاً لترسيخ مفهوم الدولة وجمع الكلمة، وقد كان صوته يمثل مرجعية جامعة قادرة على احتواء التنوع وتوجيه البوصلة نحو الاستقرار.
‏إن تحليل أثر اغتيال السيد محمد باقر الحكيم يكشف أن الهدف الحقيقي للجناة كان إجهاض مشروع الاعتدال والحكمة قبل أن يترسخ، فقد كان القائد المغتال يمثل مدرسة في الصبر السياسي ومقاومة الاستفزاز، مدرسة ترى في الوحدة الوطنية وتغليب مصلحة الشعب على التكتلات الضيقة سبيلاً وحيداً للخلاص، لم يقتلوه لأنه ضعيف، بل قتلوه لأنه قوي، لأنه يمتلك عمقاً تاريخياً وشرعية اجتماعية وروحية لا يمكن لأي قوة مصطنعة أن تنافسها أو تهدمها بالجدل السياسي، أرادوا أن يقولوا بدمه "لا مكان للوسطية في هذه الأرض"، وهو ما يفسر استخدام العنف المفرع الذي تجاوز كل الحدود الأخلاقية والإنسانية في عملية التصفية زماناً ومكاناً.
‏تلك اللحظة المأساوية لم تكن نقطة نهاية، بل كانت نقطة تحول أضاءت مدى استماتة قوى الظلام على إبقاء العراق في حالة من التوتر وعدم الاستقرار، إن إحياء الذكرى السنوية لرحيل هؤلاء القادة العظام لا يجب أن يكون مجرد استعراض عاطفي أو تكرار لخطب محفوظة، بل يجب أن يكون وقفة تأمل استقصائية في الإرث والمشروع، يجب أن تسأل الأمة نفسها، هل استطعنا أن نملأ الفراغ الذي تركه؟ هل سرنا على طريق الحكمة والاعتدال الذي رسمه بدمه؟ الأجوبة الصادقة على هذه الأسئلة هي خير وفاء لدمائه، وإلا فإن اغتيال الجسد سيتبعه اغتيال الفكرة، وهو الخطر الأكبر الذي يهدد أي مجتمع يتخلى عن رموزه المضحية.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)