صنعاء نيوز/ -
صنعاء – صنعاء نيوز – خاص
حذّرت الهيئة العامة للآثار والمتاحف بصنعاء من عرض قطعة أثرية يمنية نادرة للبيع خلال الشهر الجاري، في انتهاك صارخ للتراث الحضاري والتاريخي للجمهورية اليمنية، واستمرار لعمليات النهب والاتجار غير المشروع بالآثار اليمنية التي تمثل ذاكرة أمة وتاريخها العريق.
وأوضحت الهيئة في بيانٍ لها أن القطعة الأثرية المعروضة للبيع عبارة عن تمثال آدمي مصنوع من المرمر، يبلغ ارتفاعه نحو 28.5 سنتيمترًا، ويعود تاريخه إلى الفترة الممتدة من القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن الأول الميلادي، وهي من المراحل الزاهية في تاريخ الحضارات اليمنية القديمة.
وبحسب الوصف الأثري، فإن التمثال يمثل رأس رجل منحوت من المرمر يتميز بعنق أسطواني طويل ووجه مستطيل يميل إلى الشكل البيضاوي، تتوسطه لحية قصيرة وشارب محفوران بإتقان، مع عظام وجنتين بارزتين وأنف معقوف واضح المعالم، إضافة إلى عينين كبيرتين لا تزال آثار التطعيم القديمة ظاهرة فيهما، فيما حُفرت الحواجب بعناية فنية دقيقة.
كما تشير الهيئة إلى أن الجهة الخلفية للرأس منحوتة ببساطة وغير مصقولة، ويُلاحظ فيها كسر واضح في طرف الأنف، ما يعزز من أهميتها الأثرية بوصفها قطعة أصلية نادرة تمثل ملامح الفن اليمني القديم في عصور ممالك الجنوب العربي.
وأكدت الهيئة العامة للآثار والمتاحف أن عرض مثل هذه القطع الأثرية للبيع يُعد جريمة يعاقب عليها القانون اليمني والدولي، فضلًا عن كونه انتهاكًا صريحًا للاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية.
ودعت الهيئة الجهات الدولية المعنية، بما في ذلك دور المزادات والمتاحف العالمية، إلى التوقف الفوري عن التعامل مع أي قطع أثرية ذات مصدر يمني، ما لم يتم التحقق من قانونية حيازتها ووثائقها الرسمية.
كما جدّدت الهيئة مناشدتها لمنظمة اليونسكو وجميع المؤسسات الدولية المعنية بالتراث الثقافي، إلى التحرك العاجل لإيقاف تهريب الآثار اليمنية واستعادة القطع المنهوبة، مشددة على أن حماية الآثار اليمنية هي مسؤولية إنسانية وحضارية مشتركة، باعتبارها تمثل هوية وتاريخ أمة امتدت جذورها في أعماق التاريخ الإنساني.
تجارة الآثار اليمنية... جريمة متواصلة في ظل غياب الردع الدولي
يرى باحثون في مجال الآثار أن تصاعد ظاهرة تهريب وبيع القطع الأثرية اليمنية خلال السنوات الأخيرة، يعود إلى الاضطرابات الأمنية وضعف الرقابة على المنافذ الحدودية، إلى جانب تزايد نشاط شبكات تهريب دولية تستغل الظروف الراهنة لنقل القطع الأثرية النادرة إلى الخارج.
ويؤكد المختصون أن العديد من دور المزادات العالمية ما تزال تعرض قطعًا ذات طابع يمني رغم التحذيرات الرسمية، مستفيدة من ثغرات قانونية في تتبع مصدر تلك المقتنيات.
ويحذر الخبراء من أن استمرار هذا العبث يمثل نزيفًا ثقافيًا لا يقل خطرًا عن فقدان الأرض والهوية، داعين إلى تفعيل التنسيق بين الجهات اليمنية والمنظمات الدولية لضمان حماية الإرث الحضاري اليمني وإيقاف نزيف تراثه المنهوب.
ويختم أحد الأكاديميين في كلية الآثار بجامعة صنعاء تصريحه لـ"صنعاء نيوز" بالقول:
"كل تمثال أو نقش يُهرّب من أرض اليمن هو صفحة تُنتزع من كتاب تاريخها العظيم، ولا بد أن تعود هذه الصفحات إلى موطنها الأصلي قبل أن يضيع ما تبقّى من هوية هذه البلاد."
|