صنعاء نيوز/بقلم : عبدالفتاح الحكيمي_ من صفحته على الفيس بوك -
.
ألخميس 17 نوفمبر 2025م
ما ينبغي على المهتمين بالتداوي بالنباتات والأعشاب الطبية معرفته هو خطأ المقولة الشعبية القاتلة:(( ألعشبة التي ما تنفعك فإنها لن تضرك)).
وبسبب تصديق الناس لها مات وتضرر كثيرون وآخرهم أسرة كاملة في الحيمة-تعز قبل سنة تناول أفرادها أحد أنواع الصبر القاتلة Aloe sabaea يعرف ب(ألصبايا, سبايا) في إب.
مطلع هذا الأسبوع تواصل معي من إحدى قرى ريمة شخص يعالج أهالي القرية ببعض النباتات شديدة السمية, ومنها عشبة الإقليط, تعرف في الحديدة ب(العقربان, عقربانة, لبانة) هو Andrachne aspera يحدث تناول أوراقه من الداخل حالة قيء شديد مصحوب بالدم في بعض الأحيان بسبب تمزق الأنسجة وتسمم خلوي للكبد لصعوبة تخلصه من القلويدات والفربيونات الثقيلة السامة..
ويشعر الشخص كما يقول صاحب ريمة براحة مؤقتة ناجمة عن شدة الاستثارة والاستفراغ دون وعي بتراكم السموم..
ومعظم النباتات السامة قد لا تظهر أعراض تناولها في الحال مثل المغص المعوي الحاد والغثيان والدوار وتكسر كريات الدم وصعوبة واضطراب التنفس وغيرها لكنها تتراكم في الكبد والكلى والغدد وتعطيل وظائف الأعضاء بالتدريج.
معظم ما ينشر عن التداوي بالنباتات والأعشاب في مواقع التواصل الإجتماعي عبارة عن نسخ ولصق لا يصدر عن اختصاصيين ومؤهلين في الممارسة ولا حتى خبرة معرفية بخواص العقاقير.
والقاعدة أنه حتى أعشاب ونباتات المطبخ البهارية والخضرية قد تصبح خطيرة وسامة عند تجاوز الجرعات الموصى بها وطريقة الاستعمال وتداخلها مع أدوية طبية وعدم مراعاة حالة كل شخص على حده.
ولا نزال في غابة كبيرة تتداول وصفات علاجية ثبت تأثيراتها حتى على النسل والإنجاب مثل الإستعمال المتكرر لزيت الخروع أو حبة الملوك وغيرها بسبب خطأ المعرفة والفهم الشعبي لمعنى ودلالة (ألتسمم الطبي, والسموم) ألذي ارتبط في الوعي الشعبي فقط بتسبب النبات السام بعلامات ظاهرية فقط مثل الموت والنزف الدموي وحالات الاختناق وفقدان الوعي والدوار وغيرها دون معرفة التأثيرات الخفية البطيئة الخطيرة غير الملموسة في الحال على وظائف وأعضاء الجسم وتحتاج إلى تحليلات مخبرية لكشفها.
للتوسع أكثر مقتطف هام من موسوعة(دليل نباتات وأعشاب اليمن اليمن الطبية- بين القديم والشعبي والحديث) لكاتب هذه السطور لمعرفة حالة بعض النبات الشهيرة السامة كثيرة الاستعمال في اليمن.
⚜️ *مخاطر بعض النباتات والأعشاب الطبية*
إذا كانت بعض النباتات المعروفة سامة وقاتلة مثل شجيرة العُشَر المعروفة بالديباج، وشجرة الرمد، أو شجيرة الدفلى، أو نبات الشوكران القاتل المعروف في تعز ب(سُم الحنَش) وكذلك نبات قرن الغزال
Epilobium corniculata.
وكلها تستعمل عادة من الخارج بحذر شديد، فإنه توجد نباتات وأعشاب ذات خطورة عالية على المدى المتوسط والقريب، وبعضها يستعمل بكثرة في التداوي الشعبي.
وفي اليمن يكثر الناس من تناول نباتات وأعشاب بذاتها اكثر من غيرها دون وعي بمخاطرها على الصحة وأعضاء الجسم.. وابرز هذه العقاقير هي عشبة القطبةـ الشِّرشِرـ الحَسك Tribullus terresterisـ تستعمل الثمار الشوكية والاوراق لطرد حصوات الكلى ورمال البول، والتهاب المسالك البولية وبكميات كبيرة بين ٤٠-٦٠ جرام واكثر دفعة واحدة كمغلي.
تعتبر هذه العشبة أكثر النباتات السامة لاحتوائها على صابونينات هرمونية وقلويدات بتركيزات عالية تتسبب باضطرابات وظائف الغدد والتهاب خلايا الكبد،وجرح كبيبات الكلى وضمورها التدريجي نحو مرحلة الفشل الكلوي واضطراب وظائف الكبد.
ولا تظهر علامات فورية مباشرة بعد تعاطيها .. وتظهر لدى بعضهم أعراض اصفرار البشرة واضطرابات هضمية.
ويعتقد البعض بالمفعول السحري للنبات في اخراج الحصوات، الذي يعود إلى حالة تشنج الكلى الحاد وارهاقها للتخلص من السموم فتقذف أحياناً بالحصوات الكبيرة بقوة قد تسد معها مجاري الحالبين مع تمزق الأنسجة، ونزف دموي مع البول عدا مظاهر انسداد مجاري البول واستنجاد المرضى لاحقاً باختصاصيين أو طوارئ المستشفيات الأسعافية.
تؤكد الدراسات الطبية الحديثة إنه إذا اعتلفت المواشي نبات القطبة، الحسك بكميات كبيرة يؤدي إلى نفوقها، بعد إصابتها بمرض(ألجلدكوب.مbs).
وتسبب الجرعات الكبيرة من مغلي الأوراق والثمار للإنسان اضطراب وظائف الغدد وأعضاء الجسم، وتليف الكبد وتنسج كبيبات ونبيبات الكلى لاحتواء النبات مركبات صابونينية هرمونية وقلويدات بتركيزات عالية.م sof.
ويلاحظ ظهورعلامات شحوب واصفرار على وجوه الأشخاص الذين يتناولون خلاصة بين ٢٠- ٥٠ جرام من الثمار والأوراق في اليوم، بينما لا تتجاوز جرعة القطبة في طب الأعشاب الهندي مغلي ٣ إلى ٦ جرامات في اليوم من المسحوق المغلي، لمدة ٣ أسابيع فقط.مkh.
وقد لا تظهر علامات شحوب الوجه واصفرار البشرة، لكن الفحوصات المخبرية أثبتت زيادة إفراز البرولبين في الدم، في دلالة على الأصابة باليرقان.
*ألبديل لنبات القطبة*
ويُنصح بتناول نبات الحسار الشهير في اليمن بعلاج حصوات الكلى والتهابات المسالك البولية والرمال، ولعلاج السكري، فهو أكثر أماناً من عشبة القطبة، ألحسك، شرشير, شوك الجمل، ولم تظهر مضاعفات خطيرة على متعاطيه كتلك التي تحدثها القطبة، إلا أنه لا يناسب ذوي سكر الدم المنخفض.
*بذر الكتان*
وتعتبر بذور الكَتّان الشهيرة في اليمن باسم(مُوْمة، أِلسي،عِلْسي) من الأكثر استعمالاً في الطب الشعبي في علاج حصوات الكلى ورمال والتهابات الجهاز البولي، وبكميات كبيرة في الجرعة الواحدة تصل بين ٤٠ إلى ٦٠ جرام كمغلي.
تحتوي بذور عشبة بذر الكتان على جليكوسيد اللينامارين linamarin المولد للسيانوجين وحمض السيانيد السام. مsh+shn.
وعند تناول الشخص البالغ جرعة كبيرة تصل إلى ١٠٠ جرام دفعة واحدة يتهدد حياته الموت بفعل حمض السيانيدين، بينما تقسيم الجرعة نفسها على مدار اليوم لا يتسبب بذلك.مshn.
وقد قال ديسقوريديس قبل ٢٠٠٠ سنة ((الإكثار من أكل بذور الكتان يظلم البصر)).. ولا تتجاوز جرعة بذور الكتان الواحدة المناسبة للكبار مقدار ملعقة أكل في كل جرعة، كنقيع في كأس ماء بدرجة الغليان، سعة ١٧٥ ملليليتر.
*عرق السوس*
جذور نبات عرق السوس شهيرة باستعمالاتها كمشروب ثم في علاج قرحة المعدة والأمراض الصدرية، لكن تناولها بكميات كبيرة أو لفترة طويلة يؤدي إلى احتباس الماء وارتفاع ضغط الدم، لذلك تم تطوير مركبات طبيعية خاصة من عرق السوس بجرعات محددة لعلاج القرحة، ولا تؤثر على ضغط الدم.م (Linda 13).
*ألقسط الهندي*
وقد اشتهر مؤخراً في اليمن مع تداعيات موجة مرض كورونا تناول جذور نبات القسط الهندي Costus spicious.، والاستدلال على منافعه بحديث نبوي للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لكن تجاوز الجرعة يشي باضطرابات وظيفية في الكبد والكلى والجهاز الدوري وضغط الدم، حيث تباع الجذور في العطارات بعشوائية ودون معرفة الباعة مقدار الجرعة الخاص بالكبار، الذي لا يتجاوز معدل ملعقة صغيرة ٥ ملليليتر إلى نصف ملعقة، مرة واحدة في اليوم، ومراعاة استشارة مرضى القلب للطبيب.
*ألجنسينج*
جذور الجنسنج اشتهرت في العالم واليمن كمقوي للدورة الدموية ومنشط جنسي، لكن آثارها الجانبية مزعجة عند تناولها في المساء، إذ تسبب حالة الأرق وقلة النوم، وتزيد في ضغط الدم، ونقص الهيموجلوبين عند تناول المغلي بجرعات كبيرة أكثر من ٢ جرامات في اليوم.مkc،.
*ألعلند, عادر*
أما عشبة الأفيدرا الشهيرة في أمريكا وأوروبا لأنقاص الوزن الزائد والتنحيف، ومنشط أيضاً، فإن تناولها بجرعات كبيرة جداً قد يسبب الوفاة لمرضى ضغط الدم المرتفع وانسداد الشرايين. مLnd17..والشبيه بالأفيدرا الشهيرة في اليمن هو نبات ذيل المعيز، العلند، علد، عادر Ephedra foliata. من الجنس نفسه، ويستعمل مغلي الأغصان والأوراق لعلاج السعال والتهابات الصدر والقصبة الهوائية والأِحتقانات، لكن مضاعفات الجرعات العالية في افيدرا اليمن ضئيلة، بسبب قلة تركيزات قلويدات الأفيدرين فيها عن ما هي عليه في الأفيدرا الشهيرة.
وتعتبر معظم الزيوت العطرية المستخلصة من الأعشاب سامة بدرجات متفاوتة عند تناولها من الداخل، وبعضها يحتاج إلى استشارة طبية من معالج أو خبير لتحديد مقدار قطرات الزيت المناسبة.
هكذا نجد بعض النباتات والأعشاب سامة بدرجة الخطورة في جرعاتها القليلة قد تسبب الوفاة أو الاختناق وصعوبة التنفس والتشنجات، وتسمم الكبد والدم والخلايا، وبعضها غير سامة لكن تجاوز الجرعات الطبية منها محفوف بالمخاطر والأضرار على الصحة على المدى القريب والبعيد.
** ولا يعني النبات السام أنه قاتل بالضرورة، فلا يضر الأعضاء الحيوية في الأنسان مباشرة إلا بالمقادير الكبيرة، فأوراق نبات الداتورة ألمنج تحتوي على مخدر الأتروبين السام، لكن تدخين ألأوراق كالسجائر لعلاج نوبات الربو(ألأسثما) بمقادير معقولة يعالج النوبة ولا يضر المريض، حيث تقلل درجة حرارة اشتعال الورقة من مضاعفات القلويدات السامة، وكذلك النباتات التي تحتوي على قلويدات البيروليزيدين السامة مثل لسان الثورالشهير officinalis، تؤكل ألأوراق كسلاطة ولا تترك تراكمات سُمِّيَة مؤثرة لقلة تركيزاتها، إلا عند الأفراط في أكل ألأوراق..أما جذور عود القرح Emillia sonchifolia تحتوي القلويدات المذكورة نفسها ، وتقل سُمِّيَتها بالغلي إلى درجة كبيرة.
❀ألأجزاءالسامةمن النبات❀
قد تكون كل أجزاء النبات سامة مثل بعض الفربيونات، وقد تكون بعض النباتات سامة في بعض مراحل نموها، أو بعض أجزائها في مرحلة معينة قبل ظهور الأزهار أو بعده مثل ألأوراق، أو الثمار غير الناضجة أو الناضجة، ولذلك يراعى بدقة تحديد الجزء الصالح للأستطياب والتداوي، ثم توقيت قطاف ألأوراق أو الأزهار والثمار والجذور واللحاء(قشور الساق والأغصان)، ومعرفة الفصول والمواسم، وتوقيت توافر المواد الفعالة التي تكون غالباً قبيل سطوع الشمس صباحاً، ثم مرحلة تجفيف وحفظ النباتات والأعشاب في الظل بطريقة علمية تمنع تلف وفساد الأجزاء المستخدمة أو تغير المكونات والجواهر الفعالة.
هذه المقدمة ليست كل شيء عن بعض النباتات السامة والمفهوم الطبي للتسمم وإنما تنبيهات معرفية مهمة على طريق إعادة النظر بالمقولة الشعبية القاتلة والقائلة((ألعشبة التي لا تنفعك فإنها لا تضرك)).
⚜️ يرجى تعميم ملخص البحث على نطاق واسع لتكتب لك وللكاتب الأجر والثواب, فهذا من العلم الذي ينتفع به.
والحمد لله رب العالمين على فضله وإحسانه.
✒️ ألباحث: عبدالفتاح الحكيمي.
27 نوفمبر 2025م. |