صنعاء نيوز/بقلم خوسيه ليف ألفاريز - تايمز أوف إسرائيل -
على مدى عقود، رقصت إسرائيل وإقليم كردستان العراق في الظل بوصفهما حليفين طبيعيين ضد أعداء مشتركين. هذه ليست صداقة جديدة. ففي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، تسلل عملاء الموساد ومستشارون عسكريون إسرائيليون إلى جبال زاغروس لتدريب قوات البيشمركة بقيادة الملا مصطفى بارزاني. الأسلحة والمعلومات الاستخبارية والتمويل—كلها تدفقت في إطار ما عُرف بـ«عقيدة الأطراف» الإسرائيلية، وهي استراتيجية تهدف إلى بناء تحالفات مع دول وقوى غير عربية لمحاصرة الأنظمة المعادية.
تصف تقارير من قدامى المحاربين والباحثين الأكاديميين كيف قام إسرائيليون في مقر بارزاني بين عامي 1963 و1975 ببناء جهاز المخابرات الكردي العراقي، المعروف باسم "باراستين"، ليصبح قوةً باتت تثير الرعب في قلوب أعداء إسرائيل الحاليين، كالعراق وإيران. ونتيجةً لذلك، لم تنقطع تلك العلاقة قط.
وعندما اجتاح تنظيم «داعش» شمال العراق، بدأت ناقلات النفط الكردية بالوصول إلى الموانئ الإسرائيلية، وفي عام 2017 أصبحت إسرائيل الدولة الوحيدة في هذا العالم التي أعلنت صراحة دعمها لاستقلال كردستان. لم يكن ذلك مصادفة، بل زواجًا استراتيجيًا فرضته الضرورة.
طهران تدرك ذلك جيدًا. ولهذا السبب، أطلقت إيران في مارس آذار 2022 صواريخ على أربيل، مدّعية أنها استهدفت «قواعد للموساد». وتكرر الأمر في يناير كانون الثاني 2024 عندما أمطرت الصواريخ الإيرانية المنطقة، ما أدى إلى مقتل مدنيين، في حين تفاخر نظام آية الله بضرب «مراكز تجسس». حكومة إقليم كردستان نفت هذه الادعاءات، لكن الرسالة كانت واضحة: إيران تعتقد أن أكراد العراق شركاء لإسرائيل.
ثم جاء صيف 2025. شنت إسرائيل ضربات على إيران كانت الأعمق والأبعد في تاريخها، حتى إنها دمّرت طائرة تزويد بالوقود إيرانية على بُعد يزيد على 2000 كيلومتر من القدس. سارعت بغداد إلى مجلس الأمن الدولي، متهمة «50 طائرة حربية إسرائيلية» بعبور الأجواء العراقية. كما أكدت تحذيرات الطيران الإقليمية ما كان الجميع يشك فيه: أجواء العراق تحولت إلى ممر جوي لإسرائيل باتجاه نطنز وفوردو. وأين كانت نقطة الاختناق؟ كردستان العراق—المنطقة نفسها التي تواصل إيران استهدافها بالصواريخ.
بطبيعة الحال، أدانت حكومة إقليم كردستان علنًا الضربات الإسرائيلية؛ وكان لا بد لها من ذلك. هذا هو السيناريو المعروف: إنكار كل شيء، التزام الصمت، وترك التاريخ يعيد نفسه. لكن الأدلة الظرفية تتراكم: تعزيز مفاجئ للقواعد الأميركية قرب أربيل، تشتيت ملائم للرادارات الكردية، وممرات جوية مفتوحة على مصراعيها في اللحظة التي احتاجتها فيها الطائرات الإسرائيلية أكثر من أي وقت مضى. أضف إلى ذلك عقودًا من التدريب الإسرائيلي السري لقوات البيشمركة ونمطًا ثابتًا من التعاون العسكري، لتتضح الصورة بما فيه الكفاية.
لا شك أن كردستان العراق لم تكتفِ بغض الطرف، بل أدت الدور الذي لعبته دائمًا: الشريك الصامت لإسرائيل في كسر دفاعات إيران. قد يجادل الأكاديميون حول «الأدلة»، لكن الواقع واضح لكل من يتابع المشهد: من دون كردستان العراق، لما تمكنت الطائرات الحربية الإسرائيلية من ضرب إيران بهذه القوة، والسرعة، والعمق.
وهنا تكمن المفارقة المُرّة: بينما ينحني رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لإملاءات طهران، وبينما ينفذ الحوثيون أوامر الحرس الثوري الإيراني، وبينما يصرخ علي خامنئي عن «العدوان الصهيوني» من مخبئه (الذي يقيم فيه بشكل شبه دائم خوفًا من اغتياله)، يلعب مسرور بارزاني لعبة النفس الطويل.
إن أكراد العراق—وأقرباءهم في تركيا وسوريا وإيران وأرمينيا—لا يحتاجون إلى المزايدات الخطابية؛ بل إلى البقاء. وهذا يعني الاصطفاف إلى جانب القوة الإقليمية الوحيدة المستعدة لمواجهة إيران مباشرة: إسرائيل. يطلق الملالي الصواريخ على أربيل لأنهم يعرفون الحقيقة: أعداؤهم لا يكتفون بالتحليق فوق كردستان العراق، بل يتم تمكينهم منها بهدوء. السوداني، والحوثيون، وخامنئي يزأرون كالأسود لكنهم يتصرفون كالخراف. بارزاني يهمس—وإسرائيل تضرب. هذا هو ميزان القوى في الشرق الأوسط اليوم.
عن الكاتب
خوسيه ليف ألفاريز باحث أميركي–إسرائيلي متخصص في دراسات إسرائيل وجيوسياسة الشرق الأوسط. يحمل درجة بكالوريوس في علوم الأعصاب مع تخصص فرعي في دراسات إسرائيل من الجامعة الأميركية في واشنطن، وأكمل دورة في الأخلاقيات الحيوية بجامعة هارفارد، كما حصل على شهادة الطب. إضافة إلى ذلك، يحمل ثلاث درجات ماجستير في: الجيوستراتيجية الدولية والإرهاب (مدريد)، والاقتصاد التطبيقي (مدريد)، ودراسات الأمن والاستخبارات (نبراسكا). يواصل حاليًا دراسة الدكتوراه في دراسات الاستخبارات والأمن العالمي، وتركّز أبحاثه على «عقيدة الأطراف» الإسرائيلية وتأثير اتفاقيات أبراهام على الاستقرار الإقليمي. خدم سابقًا برتبة رقيب في وحدة «الشبح» الخاصة في الجيش الإسرائيلي، وهو أيضًا من قدامى المحاربين في الجيش الأميركي. يتقن عدة لغات، ونشر أكثر من 250 مادة بحثية وإعلامية، وهو عضو في رابطة دراسات إسرائيل، ويعمل محللًا جيوسياسيًا لوسائل إعلام إذاعية وتلفزيونية في أميركا اللاتينية.
المصدر:
https://blogs.timesofisrael.com/iraqi-kurds-quiet-hand-in-israels-nuclear-strikes/
انتهى
|