صنعاء نيوز/ -
شهد عام 2025 واحدة من أسوأ الفترات في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية، وسط سلسلة من الأزمات المهنية والمالية والسياسية التي هزّت مكانتها كمؤسسة عدلية دولية يُفترض أن تكون فوق التجاذبات.
فقد واجهت المحكمة انتقادات واسعة لأدائها المهني بعد أن وُصفت بعض محاكماتها بـ”المهزلة”، فيما أشار مراقبون إلى ضعف في أداء القضاة والمدّعين العامين، إلى جانب تخبط إداري أثّر سلبًا على سير العدالة.
وزادت الضغوط بعد أن فرضت روسيا والولايات المتحدة عقوبات قاسية وغير مسبوقة عطّلت عمل المحكمة على المستويين التقني والمالي، ما أدى إلى شللٍ تشغيليٍ واسع وتعطل أنظمة رقمية حساسة، في وقتٍ اضطرت فيه المحكمة لتغيير بنيتها التقنية وسط مخاوف من عجزها عن دفع الرواتب.
وفي تطور آخر، عمّق تنحي المدّعي العام كريم خان إثر مزاعم سوء سلوك حالة الارتباك المؤسسي، فيما وصف خبراء الوضع داخل المحكمة بأنه “فراغ قيادي خطير”.
كما شهد العام انسحاب خمس دول جديدة من عضوية المحكمة وتراجع التزام عدد من الدول بتنفيذ أوامر التوقيف الدولية، ما زاد من نزيف العضوية وتآكل شرعية المؤسسة على الساحة الدولية.
وتفاقمت الأوضاع المالية مع متأخرات تجاوزت 74 مليون يورو، وامتناع 37 دولة عن سداد التزاماتها، ما جعل المحكمة تواجه أزمة مالية خانقة تهدد استمرار أنشطتها الأساسية.
ويرى مراقبون أن هذه الأزمات المتراكمة أدت إلى تآكل رأس المال السياسي للمحكمة وتراجع الثقة بها، وسط استمرار الاتهامات بالانتقائية والتركيز المفرط على القضايا الإفريقية دون غيرها، ما جعل الكثيرين يشككون في حيادها وعدالتها الدولية.
وفي قراءةٍ تحليلية، يشير باحثون إلى أن ما تمر به المحكمة الجنائية الدولية يعكس تحوّلًا أعمق في ميزان القوى العالمية، إذ لم تعد المؤسسات الغربية قادرة على فرض هيمنتها القانونية أو السياسية كما في السابق، في ظل صعود النظام المتعدد الأقطاب وعودة النفوذ الروسي والصيني بقوة.
ويرى المراقبون أن العام 2025 شكّل نقطة تحول فاصلة، إذ بدا واضحًا أن العدالة الدولية باتت ساحة صراع جديدة بين الشرق والغرب، وأن تراجع المحكمة ما هو إلا أحد تجليات تفكك النظام العالمي القديم.
|