صنعاءنيوز/ معين النجري -
قد نلتمس العذر لبعض السياسيين الذين يقولون الكذب جهارا نهارا على مسامع الناس ويصرون على سلامة ما يذهبون إليه حتى لو كان يتناقض تماما مع الواقع والوقائع، وذلك بإعتبار السياسة _في احد تعاريفها_ أنها فن الكذب أو فن الممكن , ولا يشترط فيها أبدا تحري الصدق . كما انه يصعب على السياسيين الحياة دون كذب ومراوغة وتحايل ولذلك يقال على التهرب من الإجابة عن بعض الأسئلة (إجابة دبلوماسية).أي غير واضحة ولا تحمل موقفاً.
لكن ما لا يمكن تبريره سواء اليوم أو غدا .. في ظل ظروف طبيعية أو استثنائية .. كان صادراً ضمن حملة منظمة أو تصرفا فرديا , هو كذب الإعلامي _ صحفياً أو مذيعاً_ لان الناس ينتظرون منه الحقيقة كما هي, لا زيادة ولا نقصان , فالإنسان بفطرته يتوق إلى معرفة الحدث كما هو حتى لو كان يتمناه بطريقة معاكسة للواقع . كما ان هذا هو عمل الصحفي الحر وليس المستعبد.
وحقيقة نقول أن الأحداث التي يعيشها اليمن اليوم كشفت أقنعة عن كثير من الوجوه الإعلامية الحقيقية لزملاء كنا نعتقدهم أساتذة المهنية . لأنهم يبهروننا في الأوضاع الطبيعية بأحاديثهم عن قدسية المهنة ووجوب الإنحياز التام لها والرمي بكل الولاءات بعيدا أو على الأقل تأتي كل الولاءات والإنتماءات بعد المهنة بأميال.
أنا لأ اتحدث هنا عن مواقفهم الشخصية من الأحداث الجارية ولا ما يكتبونه من مقالات وآراء . أنا اتحدث عن نقل المعلومة كما هي, أتحدث عن الخبر الذي لا يجوز لا لمحرر ولا لرئيس تحرير ولا لأحد أن يتدخل فيه إلا من حيث تجويد صياغته لا تحريف معلوماته.
تخيلوا أحد الزملاء الذي كنت أكن له الكثير من الإحترام وأقدر روح الأخوة التي يتعامل بها مع الجميع على اختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية رغم تحزبه منذ نعومة أظفاره.
هذا الزميل العزيز شاهدته يقدم نفسه على إحدى الفضائيات في برنامج حواري على انه شاب وصحفي مستقل لا ينتمي إلى أي تنظيم سياسي . وعلى طوال الحلقة كان يردد من باب التأكيد على استقلاليته وعدم انتمائه إلى أي تنظيم أو جماعة .
حقيقة لقد أذهلني حديثه الذي فضح بشكل جلي للمشاهد تبعيته لحزبه، أقول هنا (للمشاهد). أما أنا فأعرفه منذ كان احد القياديين الحزبيين في القطاع الطلابي الجامعي، وبعد تخرجه عمل في إحدى الصحف التابعة للحزب وما يزال . كما عرفه الوسط الاعلامي والسياسي من خلال حزبه الذي كان ومايزال يفاخر بإنتمائه له.
لقد كنت أتساءل : إذا كان صاحبنا يراهن على جهل المشاهدين حقيقته . فعلى ما يراهن بالنسبة لزملائه؟ ألا يخشى سقوطه في أعينهم؟ كيف استطاع أن يتخلى عن صورته الراقية في أذهان معارفه وهو الذي إجتهد سنوات في رسمها، هكذا بكل بساطة؟
كيف سأصدق أنا ومن شاهد الحلقة ممن يعرفونه ما سينقله لنا مستقبلا من معلومات بعد أن صدمنا بكل هذا الكذب، فقط ليعتمده مشاهد البرنامج لسان حال المستقلين ومندوبهم الدائم في حلقة لا تتعدى مدتها ساعة ونصف؟
هذه مجرد حالة .. وفي تفاصيل أحداثنا اليومية عشرات الحالات المماثلة والأكثر قرفا والتي سقطت بنا إلى الحضيض .
إنني أشعر وأنا أتابع مثل هكذا كذب وسقوط على شاشات الفضائيات او على صدور الصحف بالإهانة توجه لي شخصيا . بغض النظر عن اتفاقي أو اختلافي لما يطرح. فكما قلت وما هو متعارف عليه إنسانياً إن لكل شخص صحفياً كان أو غير صحفي حرية الرأي والمعتقد والاتجاه.
لكن في حضرة المعلومة تسقط كل الخلافات وتبقى المعلومة لأنها الحقيقة ونحن مجرد ناقلين لها.