صنعاء نيوز/علي ربيع -
من يريد أن يتعلم أبجديات المعارضة الوطنية عليه أن يلتفت إلى تصريحات الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي على خلفية اتهام أمريكا لإيران بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، لم يطلق خاتمي دعوات استغاثة للعالم لتخليص إيران من النظام، بل توجه بحديثه للحكومة الإيرانية لتأخذ الحيطة والحذر من إعطاء أي ذريعة للولايات المتحدة الأمريكية لاستهداف أمن إيران ووحدة أراضيه، ناصحاً حكومة نجاد بتجنب استخدام أي خطاب عدائي قد يمنح أمريكا مثل تلك الذرائع، وهذا مثال شارد حري بالمعارضات العربية أن تتأمله، فمصالح الأوطان مقدمة على خلافاتها السياسة.
> بالنسبة لنا في اليمن لم نعد ندري ما الذي سنستيقظ عليه صبيحة كل يوم طالع، لغة الخطاب في كل الاتجاهات مليئة بالكراهية والاستعداء، وإن تغلفت هذه اللغة في بعض تجلياتها بمكر السياسة والتواءاتها، نسمع عن اللمسات الأخيرة لاتفاق وشيك تبدد جمال الحلم به غزوات الزحف واستعراض تراجيديا الدم والأشلاء المبثوثة التي يتنصل الجميع من جرمها، ومع ذلك لا يزال الحلم يراودنا بانسلاخ هذا الكابوس المريع عن حياة اليمنيين.
> اليمن ينزف والمقامرة بما بقي منه جريمة سيدونها التاريخ، ووفقاً للتقرير الصادر عن مجموعة جيوبولوسيتي للاستشارات بشأن كلفة الربيع العربي فإن إيرادات اليمن انخفضت بنسبة سبعين في المائة، ناهيك عن خسائر البنى التحتية والمباني والأرواح، ووفقا للتقرير ذاته فالمستفيد الوحيد من هذا الربيع هي الدول العربية النفطية، التي تحاشاها الربيع العربي أو انحسر عنها بفعل مصدات الثراء النفطي، حيث ارتفعت عائدات هذه الدول لتصل في بعضها إلى أكثر من ثلاثين في المائة. إنها ترجمة فعلية لمقولة مصائب قوم عند قوم فوائد.
> انتقلت عدوى تفجير أنبوب نفط مأرب إلى أنبوب غاز شبوة، وكأنها في طريقها إلى أنبوب نفط المسيلة، ومن يستمرئ هذا الفعل الأهوج بالتأكيد لا يفرق بين اعتداء على النظام واعتداء على مقدرات الشعب، لا يفرق بين مؤسسات الدولة وبين من يدير هذه المؤسسات، وتلك الأفعال في قاموس الغباء السياسي تحتل واسطة عقده.
> استبشرنا باللجنة الأمنية لتنجز تهدئةً في التمترس العسكري وتحد من سطوة المتارس الزاحفة باتجاه ما بقي من شوارع صنعاء، لكن يبدو أن نوايا الظن الحسن باتت شبه مفقودة، فالعسكرة تتمدد، ويعرف كل ذي بصيرة أن التغيير الذي حلم به اليمنيون يتبخر بسرعة الضوء في ظل عسكرة الصراع السياسي وإعادة توزيع الأدوار بين القوى القديمة لتعيد إنتاج نفسها في ثوب جديد.
> ومما يؤسف له أيضاً ارتكاب جرائم النهب والاعتداء على الرأسمال الخاص، وبالأمس علمت أن هذه الاعتداءات طالت في تعز شركات ومصانع تتبع مجموعة هائل سعيد أنعم، والكارثة أن النهابة مليشيات قبلية حزبية تدعي حماية ثورة التغيير المرتقب، وتمارس تحت هذا الغطاء كل ما يشين ويسيء لفعل التغيير، وأعتقد أن الاختلاف السياسي أو الحياد في ظل هذا الاختلاف لا يعطي الحق لارتكاب هذا الفعل الذي لا يمس صاحب رأس المال وحسب وإنما يطال آلاف الأسر التي تعمل فيه وليس لها ما يقيتها سواه.
> مرة أخرى اليمن واليمنيون منقسمون ومحتربون، انقسم علماء الدين شطرين نقيضين، وانشق العسكر، وتخندقت القبيلة في فسطاطين، ووصل الأمر إلى الأسرة الواحدة، إن التنوع في جوهره صحي والاختلاف في مؤداه إيجابي، لكن في حالتنا اليمنية التنوع تخندق وتنابز، والاختلاف تجاذب واحتراب، مما يعني أنه لا بد من عقل يحضر وبقايا حكمة تنهض لتلملم هذا الحطام الموشك على التلاشي. الآن وليس غداً فليس في رحم المفاجآت ما ينتظره الفرقاء غير أنهار الدم و اغتيال مستقبل اليمنيين. اللهم فاشهد.