صنعاء نيوز /معاذ الخميسي -
صار الفرح عندنا دعوة مفتوحة للحزن وتحول العرس إلى مأتم لا يكفي أن نرضى به فهناك ما هو أكثر ألماً وبشاعة يترصدنا في كل لحظة، وما لم تتوقعه ستجده يطل عليك من كل اتجاه ليأخذك إلى القهر فتعيش معه صباحا ومساء وقد لا ينفعك ابتلاع حبوب منع الجلطات!
أي حال أصبحنا نعيش فيه وما صحة ما قيل عن الصبر وانه موعود بالنفاذ ومن وضعونا في هذه المعاناة وذوقونا المر يوعدونا بالمزيد من الدماء والخراب والدمار والجوع والعطش، وعرق إحساس واحد فيهم لا ينبض..ولا حتى يستحي!
الباحث عن فرحة زواج هو بالتأكيد يبحث عن المستحيل أو عن الإبرة في كومة قش وليس أمامه إلا أن يؤجل أفراحه لأن ما حولنا لا مكان فيه إلا لأصوات القذائف وأزيز الرصاص والقناصات ولمشاهد المجاعات!
أسألوا (مجرب) كما قالوا قديما وأنا سآستيكم بالإجابة المفيدة وأقول لكل يريد إقامة عرس زفاف في هذه الأيام بأن عليه التأجيل أو التأخير إلى وقت آخر حتى يهدي الله مشعلي الحرائق ومثيري الفتن وعشاق الدماء والأشلاء الذين حولوا الوطن إلى آلام وأحزان وأطفأوا أنوار الحياة الكريمة الهانئة وفرضوا علينا ظلام أحقادهم وفجورهم!
البداية صعبة من تحديد صالة تحتضن العرس وفجأة قد يتحول موقع الصالة المحجوزة إلى منطقة مواجهة ومتارس ومصفحات ..وحتى لو أجلت الموعد مرات عديدة وتوقعت أن الأمر لن يستمر أكثر ستجد أن تسعة أشهر تجرك إلى ما هو أكثر فإما أن تلغي الفكرة من أساسها أو تغامر لتحدد وتواجه مالا تتوقعه.
ستطل عليك بعد ذلك الكثير من المنغصات وأنت تجد كل ما حولك وقد تحول إلى بيت عزاء وليس أمامك إلا أن تسلم وترضى.
الدعوات لن تصل إلا لمن هو بعيد عن شوارع وأحياء محتلة وملغومة بمخاوف القنص.. وكل متطلبات العرس لن تتوفر بسهولة وأولها الماء إلا ما كان ساخنا وأهمها الكهرباء فكيف لعرس أن يقام أو لفرحة أن تكون والظلام مسيطر.. وأغلى أيام العمر يتحول إلى مأتم قاتم السواد !
وإذا ما كنت قادرا واستأجرت مولدا كهربائيا ستواجه مشكلة توفير برميل أو أثنين(ديزل) ولن تصل لذلك إلا بشق الأنفس ثم ستجد نقاطا للتفتيش تحتجز (المولد) بتهمة أنه ذاهب للعرس دون بطاقة الهوية..تصوروا..إلى هذا الحد!
لن أنغص بما هو أكثر ألما.. ولكني سأقول .. وإلى متى.. وما ذنب من يتجرعون الويلات ومن يفتقدون الحياة الآمنة ومن فقدوا لقمة عيشهم وأغلقت منازلهم ومحلاتهم ومصانعهم وشركاتهم .. وما ذنب طفل صغير يمشي بأمان الله وحقيبته المدرسية عليها صورة الرئيس.. ما ذنب شعب لا يجد ماء ولا ضوءاً ولا لقمة هانئة ولا أمنا ولا تعليما جامعيا ويتوسد الخوف ويلتحف بالقلق !
إلى متى .. أعيدها وأكررها.. ولا أنسى أن أقول رغم كل ذلك وفي الوقت الذي تقام فيه الأعراس في الظلام أو تحت ضوء المولد.. تظل الأغنية البارزة هي التي تتصل بالرئيس ومنها شوف الجبل ووالله ما ترك رئيسي.. واستشهد هنا لتعرفوا عظمة الصبر وروعة التحدي.. بس من يفهم؟