صنعاء نيوز /علي ربيع -
ألقى اليمنيون رحالهم على طاولة الأقلمة ولاحقاً التدويل بكل أريحية وشغف، وصدر قرار مجلس الأمن بديباجته وبنوده الاثني عشر، وقد لفت نظري بعد صدوره تعاطي وسائل الإعلام مع هذا القرار، المرئي منها والمقروء، المحلي والخارجي، فاتجهت كل وسيلة إلى اختيار العنوان الذي يلبي رغبتها المنحازة أو سياستها المهنية، وفي الأغلب الأعم اتجهت الوسائل إلى رؤية ما يدين الحكومة اليمنية ويدعو إلى التنحي، مغفلة ما تضمنه القرار من محتويات لا يمكن النظر إليها إلا باعتبارها كلاً واحدا لا يمكن تجزئته، ومن ذلك ما يخص تجريم العنف المسلح من قبل المعارضة، والهجوم على دار الرئاسة، والزج بالأبرياء والأطفال في المواجهات المسلحة، وعسكرة الاعتصامات والمسيرات، والاعتداء على المنافع الخدمية وغير ذلك.
> ومن وجهة نظري الشخصية أرى أن القرار جاء متوازناً إلى أقصى الحدود وفي جوهره يعترف بأن المخرج للأزمة اليمنية لن يكون إلا سياسياً توافقياً بإرادة اليمنيين أنفسهم على قاعدة المبادرة الخليجية وصولاً إلى تحقيق انتقال سلمي وآمن للسلطة، وهو بذلك يدين استذئاب التغيير الثوري ولا يعترف به، وفي الوقت ذاته يعنف التشبث السلطوي ولا يباركه، ولسان حاله يقول للكل إن الوقت قد حان لنكران الذات من أجل اليمن وللتخلي عن التمترس الأعمى والسياسة الصبيانية اللامسؤولة التي استساغتها قوى السياسة اليمنية في كرها وفرها خلال أشهر تسعة قد خلت .
> لقد أدرك المجتمع الدولي الحال اليمنية بالغة التعقيد وشديدة الخطورة، لذلك لم يجد حرجاً من الاعتراف بأن المخرج الوحيد الذي يمتلكه العالم لليمنيين له طريق آمنة وحيدة مهما تعرجت والتوت وطالت طياتها فعليها المرور من بوابة المبادرة الخليجية ولا سواها، لهذا جاءت دعوة القرار للأمين العام للأمم المتحدة من أجل مواصلة جهوده الحميدة بما في ذلك الزيارات المباشرة التي يقوم بها مستشاره الخاص جمال بن عمر، والاستمرار في حث جميع أصحاب المصلحة اليمنيين لتنفيذ بنود هذا القرار، وتشجيع كافة الدول والمؤسسات الاقليمية للمساهمة في هذا الهدف.
> ولعل المسؤولية الوطنية تقتضي الآن التوقف عن الاعتقاد أن القرار الدولي نصر مبين لأي طرف من الأطراف، ولكن بالنظر إليه باعتباره إجماعاً دولياً على كل طرف أن يعمل جاداً لتنفيذ ما يخصه منه، بغية الوصول باليمن والعملية السياسية إلى مرفأ آمن، بعيداً عن خطاب ذلك المذيع في سؤاله لممثل إحدى الدول في مجلس الأمن وكأنه يوبخه باستنكار لماذا لم يصدر القرار بأنياب ومخالب، ودون الركون أيضاً إلى ذلك الخطاب الذي يرى أن مسودة القرار الأممي أرسلت إلى مجلس الأمن عبر فاكس الرئيس اليمني ليس إلا.
> باتجاه آخر يجب على من لم يعجبهم القرار لأنه لم يقدم لهم رأس الرئيس محمولاً على دبابة للناتو أن يراجعوا مواقفهم، خاصة أولئك الذين يدفعهم عهر السياسة في دهاليز العواصم غربيها وشرقيها إلى التلويح باستنساخ النموذج الليبي، مع سابق معرفتهم بأنهم ينطلقون من مجرد الحقد الشخصي والطيش السياسي والحزبي المؤدلج وليس من مصلحة اليمن، وإلا لكانوا على مسافة واحدة من جميع الجرائم التي ارتكبت بحق الأبرياء اليمنيين في صعدة وحوث والمحافظات الجنوبية بعد الوحدة اليمنية أو قبلها ، فضلاً عن الجرائم التي ارتكبها كثير من الرموز الممتطية للموجة التغييرية الثائرة.
> إن الذين يقولون إن الحرب الأهلية وإن امتدت عشرين سنة خير من الانتخابات المبكرة مجرمون ويعانون من استذئاب نفسي وأخلاقي، ولا يقل عنهم دناءة وفجوراً عَمَّنْ أطلق النار عشوائياً على أكثر من مدرسة يوم أمس ومن بينها مدرسة قتيبة في مديرية شعوب حيث أصيب بعض التلاميذ الأبرياء وعم الرعب وتوقف اليوم الدراسي في كل المدارس المجاورة، ويبدو أن هؤلاء القتلة قد وصلوا إلى حضيض عفن لا يمكن أن ينتشلوا أنفسهم منه لأنهم يرون أنه الوحيد الذي يحقق لهم مآربهم في صنع التغيير في اليمن على طريقتهم المستذئبة.