صنعاء نيوز عبدالله الصعفاني - أين أخلاق الفرسان..؟
< قي الموقف من ثورات الربيع العربي وأزمات خريفه وزمهرير شتائه.. أجد من المهم التوضيح بأنني لا أبرر وإنما أفسر.. أقرأ الصورة كما هي دونما قفز على الرؤية الأخلاقية التي يجب أن تسود (وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت..!)
< وبادئ ذي بدء فإن أي ثورة أو أزمة لم تكن أبداً نبتةَ طارئه تبدأ بسقوط بذرة مفاجئة من السماء وإنما توفرت الظروف لانفجار الدمامل لتكمل صورة الهرش في الجسد المتحسس بأغراض الجرب.
< بمعنى أوضح فإنه لا توجد نار من غير سبب ولا وجود للدخان من غير نار تحترق ولو تحت الرماد.. وقديما قالها عربي بالفطرة فاستدل على وجود الله بعلاقة البعرة بالبعير والأثر بالمسير.. وليس «البوعزيزي» والشعب يريد وهرمنا «وشكر الله سعيكم إلاّ عناوين.. أما التفاصيل فلكم أن تبحثوا عنها على وقع الصدمة من أن الذين يؤثرون سلامة البلاد وأمنها واستقرارها ليسوا هؤلاء الذين أثروا في زمن لارقابة فيه ولا عدالة وإنما بسطاء الناس الذين يكتفي كثيرهم بالكدمة وكأس الشاي دون أن ينسوا وهم يتجشأون أن يطلبوا من الله أن يديمها نعمة ويحفظها من الزوال.
< وما يؤلمني في دورات الصراع مع الأنظمة العربية بصرف النظر عن تباين الظروف والأسباب ومستوى التدخل الخارجي من قوى الاستكبار والظلم ومعطيات العبث الرسمي والأهلي الداخلي هو أننا كثيراً ما نقدم أنفسنا للخارج أمة فقيرة ليس إلى الموارد وإنما أمة تعيش أزمة في الأخلاق والنبل والمروءة.. مع أن بين أيدينا ما يحث على مكارم الأخلاق التي تمتد من نقطة الحث على إماطة الأذى عن الطريق إلى إحسان الذبح ثم أين هي أخلاق الفرسان..؟
< وإيضاحاً للصورة الممتدة من صدام حسين إلى القذافي لست مقتنعا بديناصورية صدام ولا عبثية القذافي أو بيع وشراء حسني مبارك في قضايا العرب.. لكن ما تم من التعامل مع كل منهم إنما هو بحق انتحار للمروءة والنخوة والشهامة العربية وهو ما قد يوضح جانباً من الإجابة على استفهامية سؤال زميلنا الذماري المبدع سام الغباري «لماذا تكرم أمريكا رؤساءها ونحن نقتلهم وهل العيب فينا أم فيهم..؟؟»
< ويا سام العيب فينا وفيهم، ربما لأن القماش والخياط هو نفسه، حيث يجترح ذات الثقافة الممتدة إلى عصور البداوة بعناوين داحس والغبراء وحقب ابن العلقمي والجلبي وغيرهم من الذين عززوا جرب الحكام بدمامل الاستعمار والغزاة الذين يأتون حسب تعبير فيلسوف اليمن المرحوم البردوني في تبغ سجائر لونها يغري وفي سروال استاذ وتحت عمامة المقري ..إلى ما هنالك من وصول إلى القارورة سيئة السمعة..
< لقد كان الأسوأ ليس محاكمة صدام حسين وإنّما المبالغة في القول بأنهم وجدوه في «حفرة»، وكان الأفضل الإكتفاء بما توفر من أدلة على أنه يستحق الإعدام.. وهذه المرة كرر التاريخ العربي نفسه من ليبيا، حيث لا بد من الإعلان بأن معمر القذافي لم يجد مكاناً أخيراً غير انبوب المجاري مع أن من الواضح أنه كان يمتلك الجاهزية للموت، وهذا ما أكده في خطابات ما قبل سقوطه بين يدي أشخاص تناوبوا على إذلاله وهم يقتلونه بينما كان يلزم أن يحاكموه ويعدموه دونما إيغال في المزيد من تشويه صورة هذه الأمة بين الأمم.
< وحتى لو سلمنا بأن رصاصات مجهولة رافقت عملية سحبه وسحله ربما من عناصر في كتائبه فكيف نفسر توالي الإعلانات بأنه تم التحفظ على جثته وجثة ابنه المعتصم في إحدى ثلاجات سوق الخضرة .. فهل عجزت ليبيا التي حكمها القذافي لأكثر من أربعة عقود عاجز ة عن إيداع جثته وابنه في إحدى ثلاجات مستشفى .
وفي أي أطار يمكن استيعاب الأصوات التي رأت فيه كافراً لا يستحق الدفن في مقابر المسلمين..؟
< آما ما يجب أن نأخذه من العبرة والاعتبار فهو استنكار فضيلة تذكر القربى
وتجنب أي قفز نحو المجهول وتجنب الفجور في الخصومة بما تتركه من ندوب لا تندمل..
< وحسبنا التأمل في حقيقة أن اليمن بالنسبة لقوى التدخل الأممي ليس عراق النفط الوافر ولا ليبيا الاحتياطي النفطي الإفريقي الأول.. كما أنه ليست بلد تماس مع إسرائيل المدللة من العالم.. وإذا كان هناك من شبه فليس أكثر من كوننا المعادل الجغرافي والاقتصادي للصومال حيث اختفى الحضور الأممي.. وما يزال.. واللهم احفظ اليمن.
|