صنعاء نيوز - ليطلع أبناء الشعب العراقي – هذا ما حصل في ساحة الفردوس يوم 30 /12 / 2011
عندما أعلنت الحركة الشعبية لإنقاذ العراق عن دعوتها لإقامة اعتصام سلمي في ساحة الفردوس بجمعة أطلقنا عليها أسم جمعة هزيمة الاحتلال وحدد لها تأريخ مهم ليبقى في ذاكرة العراق وهو 30/12/2011 أخر جمعة من عام 2011 وأيضا الجمعة الأخيرة لتواجد اغلب القوات الأمريكية العسكرية التي انهزمت من العراق مذعورة بسبب بسالة المقاومة العراقية وليس كما صورت لها حكومة الاحتلال بأن يوم "الوفاء" لهم , بعد هذه الدعوة تهافت على الحركة رسائل التأييد من الحركات الشبابية داخل العراق ، وفعلا أصبح عدد الحركات سبعة عشر حركة وتجمع ومنظمة انتظمت بلجنة تحضيرية في كافة محافظات العراق ، ووزعت لتنظيم هذه الفعالية عدة بيانات أهمها البيان رقم 75 والذي وضحنا فيه سبب الاعتصام وبيان رقم 77 للإعلام العراقي والعربي كي يقف مع الشباب في هذا اليوم ويقيهم شر القوات الأمنية التي كان متوقعا أنها سوف ترتدع بوجود الإعلام .
وقبل أيام قليلة أطلقت اللجنة التحضيرية البيان الأخير الخاص بالبرنامج حيث أعلن فيه عن نية شباب الحركة القيام بالصعود على نفس المنصة التي كانت رمزا لاحتلال بغداد في يوم 9 / 4 / 2003 في ساحة الفردوس الشهيرة وأن هؤلاء الشباب سيقومون بحرق العلم الأمريكي الذي رفع في مثل هذا اليوم وبحجم خمسة أمتار مربعة ورفع العلم العراقي عوضا عنه كتعبير من العراقيين على إن الاحتلال قد هزم من العراق ذليلا مدحورا , وعند اقتراب يوم جمعة هزيمة الاحتلال بدئنا نتوسل بالإعلام ونستجدي منهم الإعلان عن هذه الجمعة ولم يستجيب لنا سوى قناة الرافدين وإذاعة في اسبانيا ناطقة باللغة العربية ومحطة CNN الأمريكية اكرر محطة CNN الأمريكية جاءت لتحضر مهرجان حرق علم بلدها بينما تخلفت أكثر من ثلاثين فضائية عراقية وأكثر من مائة فضائية عربية تتحدث عن حرية العراق وشعبه !!! ورغم ذلك اعتمد هؤلاء الشباب على أنفسهم وإمكانياتهم البسيطة والمحدودة وقاموا بتوزيع رسائل عن طريق الموبايل والفيس بوك لدعوة الشباب للتواجد في ساحة الفردوس ووضع بصمة لهم في هذا اليوم ألتأريخي وأيضا لم يستجب لدعوتنا سوى العشرات من الشباب وخمس نساء تتقدمهن السيدة أم عمار الملقبة بخنساء العراق والسيدة سناء الدليمي وذلك بسبب غلق الشوارع المؤدية إلى ساحة الفردوس ورغم عددنا الذي لم يتجاوز السبعين شخص كانت أعداد القوات الأمنية تتزايد حتى وصل عددها إلى مايقارب المائتان وكان ممن حضروا لتطويق ومنع هذه الفعالية ، الشرطة الاتحادية ومكافحة الشغب وقوات الفرقة الأولى وعلى رأسها قائد الفرقة (العميد الركن عماد علي عبد فارس) و(العقيد عقيل الساعدي) و(العقيد كريم حسيب الشمري) ومجموعة كبيرة من الضباط الصغار مع جنودهم وكأننا في معركة حامية الوطيس أحاطوا بهؤلاء الشباب المسالم والأعزل إلا من إيمانهم بالوطن, لم ترهبنا إعدادهم وبصراحة لم نتوقع منهم أكثر من تواجد وربما منعنا من الاعتصام وخصوصا بوجود مراسلين من (محطة السي ان ان الامريكية) وفي مقدمتهم المراسلة المعروفة (جمانة كرادشت) التي كانت مصعوقة من أعداد القوات الحكومية ، وكانت تردد علينا هل فعلا هناك حرية تعبير في العراق ؟ فقلنا لها انتظري وسترين بعينك وانقلي ما ستشاهدينه بالصورة والصوت, مر الوقت عصيب جدا وبدأت أعدادنا تتناقص خصوصا مع اعتقال الفنان التشكيلي ضرغام حسين بسبب هتافه الذي قال به تسقط أمريكا وذيولها .
عند الساعة الثانية عشر لم يتبق منا سوى خمسة أشخاص وهم قيادات الحركة الشعبية لإنقاذ العراق ومسئولي اللجنة التحضيرية ببغداد وهم كل من ميناس السهيل وضرغام الزيدي ومحمد الاعظمي وسعود الخفاجي وعدي الزيدي ومن النساء خنساء العراق وام احمد وسناء الدليمي والاعلامية زكية المروزي ،عند ذلك جاءنا العقيد مدير إعلام قيادة عمليات بغداد وقال إنكم تخالفون القانون وسوف تعتقلون إن لم تنزلوا عن المنصة فأقنعناه إننا هنا لسنا للتظاهر أو الاعتصام بل للاحتفال بهزيمة المحتل فعاد للعميد عماد علي عبد فارس وابلغه بالأمر فاستدعاني إليه وقال ماذا ستفعلون فقلت له حرق العلم الأمريكي ورفع العلم العراقي فقال " والله لن تبقى رتبتي على كتفي هذا ، اذا قمتم بهذا الفعل المشين ، اليست امريكا هي من حرركم وجعلكم تتظاهرون وتتحدثون بحرية ؟ اليست هي من قضى على صدام قاتل الشعب هل يعقل بان نجازيها بحرق علمها ، ...فقلت له سيدي العزيز أليست امريكا من احتل العراق ؟ اليست أمريكا من قتل اكثر من مليون عراقي ورملت النساء ويتمت الاطفال ؟... وكان الاعلامي ميناس السهيل مراسل الشرقية حاضرا ، فقال للعميد إن العلم الامريكي يحرق امام البيت الابيض ولا أحد يحاسب عليه ، فكيف تمنع هؤلاء الشباب من حرقه وهم في العراق المحتل ؟ فقال ( العميد عماد علي عبد فارس ) إسمعو ياشباب اذا أردتم حرق علم بلدكم فانتم احرار فهذا علمكم اما العلم الامريكي فأنا هنا لمنعكم بأمر من السيد القائد العام للقوات المسلحة وسوف نقطع الايدي التي تمتد اليه وانصحكم بالنزول من منصة الطاغية وتذهبون الى بيوتكم سالمين .
بعد هذه المحادثة عدنا الى مكان المنصة وسط ساحة الفردوس التي صعد فوقها شباب الحركة الشعبية لإنقاذ العراق وفي مقدمتهم كل من ضرغام وسعود ، وأوعزنا لهم أبدأوا على بركة الله بحرق علم الاحتلال فقام ضرغام بحرق العلم الأمريكي وهو يكبر بإسم الله أكبر وسعود يرفرف بالعلم العراقي والنساء تهتف وقد زغردت الخنساء ، وما هي إلا لحظات حتى هجم علينا أكثر من عشرين عسكري وانهالوا علينا ضربا بأعقاب البنادق والهراوات وهرول ثلاثة منهم ليطفئوا العلم المشتعل لكن بعد فوات الأوان ، بعدها أغمي علي ولم أحس إلا على عويل النساء وصياح ضرغام وسعود وميناس السهيل وهم يتعرضون للضرب المبرح , نقلونا على أثرها إلى سجن مركز السعدون وكان للأمانة مدير المركز متعاطف معنا بل ومصدوم بالذي حصل لأنه كان حاضرا فقال هل يعقل أن تضربوا كل هذا الضرب من اجل العلم الأمريكي فقلنا له العراق يستحق التضحية وكلنا فداء للعراق , بعد 24 ساعة تقريبا قدمنا الى قاضي التحقيق وكان متجهم الوجه ، فقال القاضي – وأتضح إنه احد المقربين من حزب السلطة - انتم متهمين بالمساس بهيبة الدولة وهذه جريمة يحاسب عليها القانون وستحاكمون مدة ستة اشهر على الاقل ، وفعلا دونت اقوالنا وشاهدنا ان ما تبقى من العلم الامريكي المحترق قد جلب الى التحقيق كمبرز جرمي ، هنا سأل احد الشباب مدير المركز اين العلم العراقي فقال لازال معلقا فوق المنصة فكانت هذه الكلمة هي البلسم الشافي لكل جروحنا والكدمات التي غطت وجوهنا وعظامنا التي تم تكسيرها بأعقاب البنادق نعم علم امريكا في كيس محروق وعلم العراق فوق يرفرف وهذا غاية مطلبنا , في اليوم الثالث خرجنا بكفالة على أن نقدم للمحاكمة في يوم 3/1/2012 وفعلا حضرنا للمحكمة ولم يحضر المشتكي على حرق العلم الامريكي وهو العميد عماد علي عبد فارس ومن معه فقال لنا احد الحاضرين من الفرقة الأولى وهو الملازم حيدر عبد علي انا سأكون وسيط بينكم وبين القائد اعتذروا عن فعلتكم الشنيعة وسوف نتنازل عن الدعوى ، فقلنا له والله لو كانت ستة سنوات لن نعتذر فكيف وهي ستة اشهر نقضيها فداء للوطن , بعدها أجلت المحكمة إلى 17/1/2012 ونحن بانتظارها . هذا ما جرى في ساحة الفردوس فاجعة حول العقيدة العسكرية للقوات الحكومية ومدى استقلالية القضاء العراقي وأكذوبة حرية التعبير والديمقراطية في العراق ووحشية وهمجية الأجهزة الأمنية وعدم احترامها لحقوق الإنسان .
الذي أثار ويثير أكثر من ولكن عزائنا الحقيقي كان إتمامنا لمهمتنا بحرق العلم والذي صورته وكالات الأنباء الأجنبية وسيبث بحلقة خاصة على قناة سي ان ان مع مقابلة كاملة للشباب الذين تعرضوا للضرب والاهانة ومما زادنا فرحا نجاح كافة الاعتصامات الأخرى التي دعت لها اللجنة التحضيرية في بقية المناطق سواء في الاعظمية البطلة أو في الرمادي الثائرة والموصل وذي قار وصلاح الدين والحمد لله رب العلمين
عدي الزيدي
رئيس الحركة الشعبية لانقاذ العراق
بغداد 8 كانون الثاني 2012
|