صنعاء نيوز /بقلم : محمود شرف الدين -
من لم يعرف د.عبد القدوس المضواحي رحمه الله كان يكفيه مشاهدة جموع المشيعين جثمانه إلى مثواه الأخير الأسبوع الماضي،فذاك الحشد الكبير أكد قيمة ومكانة هذا الرجل داخل الوطن ، لقد اجتمع الناس على اختلاف مشاربهم الناصري والبعثي والإصلاحي والمؤتمري والاشتراكي و السياسي والمدني والمثقف والمسئول والموظف العادي فامتلأت بهم الشوارع المؤدية إلى خزيمة ودفعت المارة وأصحاب المحلات إلى السؤال جنازة من هذه؟
إنها جنازة الدكتور المضواحي الرجل السياسي والمناضل الناصري الوطني المتواضع والحنون والمخلق ،تجده ضحوكا في اشد المواقف حرجا جلست وتكلمت معه كثيرا فشعرت بروح الأبوية وهو يخاطبني يا ولدي واضعا يده الطيبة على كتفي، اه ما كان أعذبها واحنها من فم عذب لم يجرح أحدا مهما كان موقفه منه.
أتذكر انه كان ملجأي الوحيد عندما تقوم الدنيا وتقعد عندما انشر خبرا قويا في الوحدوي أزعج جهة نافذة أو مسئولة ،والكل في الصحيفة يتبرأ من علاقته بالخبر أو مسؤوليته عن إقرار نشره،كنت اتصل به شاكيا فيضحك مهدئا من روعي لا تقلق ما فيش مشكلة ، المسئولية جماعية.
كنت أجد متعة ونفسا وأنا اكتب خبرا عن نشاطه كرئيس للدائرة السياسية للتنظيم فقد كنت أكن له كل الحب لماذا ؟
أقول إضافة لما سبق أنني لم أتلق منه يوما اتصالا غاضبا يصيح فيه على خبر أو تهنئة له لم تنشر ولا على خبر تناول صديقا أو معروفا له،ولأنه أيضا وهو المسئول الثالث في التنظيم آنذاك اقل قيادات الأمانة العامة أخبارا في الصحيفة منذ عام 90م ،وشيئا اشهد به للدكتور المضواحي انه لم تكن له خائنة عين في مجلس أو غدوة أو روحه فلا يستقبلك بحفاوة ويشيد بك وبنشاطك وما إن تولي مغادرا حتى يوجه لك الشتائم ساردا العيوب أو ضاحكا ساخرا،حاشاه فما كان كذلك البتة،بل لقد كان يشيد بحسناتك و أدوارك ونشاطك كلما ذكرت أو وليت من أمامه مغادرا،هذا هو الإنسان نقي السريرة وصافي القلب و من لا يعرف صدره الضغينة والحقد.
انه المضواحي الذي فضل أن يظل عضوا في اللجنة المركزية يحضر ويعمل ويشارك في اللجان وكأنه لم يكن المسئول الأول لهذا التنظيم قبل عقدين تقريبا انه الرجل المناضل المتواضع والمثال الطيب.
وللأمانة فانا غير قادر ان أوفيه حقه في هذه الكلمات التي فضلت أن أركز فيها على جوانبه الإنسانية التي لمستها وعايشتها،أما أدواره النضالية فالكثير يعرفها، واسألوا مجلس التنسيق الأعلى لأحزاب المعارضة ،واللقاء المشترك اللذان وضعت لبناتهما في منزله ،واسألوا التنظيم الذي قاده في أحلك الفترات وأقسى الظروف .
ولقد شاءت حكمة الله أن يتوفاه بعد أن اقر عينه بسقوط رأس هذا النظام العفاشي المتخلف بعد ان قضى معظم حياته في مواجهته ومطاردا منه.
إننا إذ نعزي أنفسنا برحيل هذا الأب المناضل فإننا نتقدم بخالص عزائنا لأسرته وذويه و لوطن بأكمله خسر رجلا مناضلا فذا،و لتنظيم فقد احد قادته التاريخيين،
ولا أنسى أن أقدم خالص عزائي لرفيق دربه و أخيه الأستاذ عبد الملك المخلافي الذي بدا مكلوما من كلمات النعي الحزينة والصادقة على صفحته با لفيس بوك عقب وفاة الدكتور بنصف ساعة، والتي كان لها وقعا كبيرا على قلبي، بما فيها من الم وجراح وحزن عميق فما كان بينه وبين الفقيد أكثر من مابين الأشقاء ،فضلا عن كونه له بمنزلة طلحة من الزبير فله عظيم الأجر.
رحم الله المضواحي واسكنه فسيح جناته، و إنا على فراقه لمحزونون.
[email protected]