صنعاء نيوز /معاذ الخميسي -
.. مازلت إلى اليوم مصدوماً بفاجعة رحيل شقيقي الغالي رغم أني كغيري من المفجوعين بوفاة قريب أو عزيز أو صديق موعودون بالنسيان الذي لولاه لما قيل أنه نعمة حين يمنحنا الفرصة لأن نتقبل القدر ونتجاوز الألم ونفتح صفحة جديدة مع الحياة على أمل البدء من جديد بروح عالية ومعنويات مرتفعة وبإصرار كبير وعزيمة لا تلين أمام تحديات العيش وصعاب اللقمة الهانئة الشريفة وكيد وتربصات المغموسين في الأحقاد والمتعايشين منذ عرفوا أنفسهم مع الحسد ..
غادر عبدالواحد ..وأنا في أوقات كثيرة اتلفت يميناً ويساراً وأحاول عبثاً أن أجده أمامي ..وإذا ما استسلمت للعمل أجد من المواقف والأحداث ما يعيد إلى الذهن شريط الذكريات وكأني أعيشها الأن لحظة بلحظة وخاصة تلك التي التصقت بأيامه الأخيرة وأنا أكثر من أي وقت مضى إلى جانبه أحاول أن أخفف من جور الظلم الذي لحق به وهو أكثر قدرة على الصبر والبسمة التي لم تفارق وجهه .. ودون أن أكون منهمكاً في انشغالات الحياة ومتاعبها لاإرادياً أظل افتش في الصور وحكاياتها ومراحلها وما احتبسته للزمن طال أم قصر
أتساءل ..هذا الموت الذي يترصدنا جميعاً ..هل يكفي أن نحزن ونتألم عندما يصادر حبيباً أو عزيزاً ..وهل معنى أن تتكرر حالات الوفاة في أيامنا لكي نتعامل معها كقدر لا مفر منه وكمناسبة حزينة يجب أن نكون فيها عند أعلى مستويات الوفاء والواجب بحضور التشييع والعزاء ومانسميه ب(الدريس) أي تلاوة أيات قرانية وأذكار ودعوات إلى روح المتوفي والتي مازال يعتبرها البعض بدعة..هل يكفي أن نشيع ونودع ونواسي ..أم من الضروري أن ننظر للموت من زاوية أخرى هي التذكير والتنبيه والتحذير ..فجميعنا على موعد بنفس النهاية ومحاصر بالموت اليوم أو غداً .. ومع ذلك تقل وبشكل ملفت المحاسبة الذاتية وقد تختفي المراجعة للماضي ولكشف الحسنات والسيئات ..على اعتبار أننا في هذه الحياة ننشغل كثيراً بالقوت والسكن وبالغد وما بعده ونظل نفكر أن أمامنا متسعاً من الوقت .. وأن الله غفور رحيم ونحن البشر المحملين بالأخطاء والذنوب لا محالة !
لن أستطيع حصر جميع الأحباء الذين تركونا فما أكثرهم ..لكن بمراجعة سريعة للأسماء المخزونة في ذاكرة الموبايل سنعرف حجم الفاجعة وهول الصدمة وفداحة أن يموت كل أولئك ونحن نتعامل بطريقة مافات مات أو العكس ولا نقف لنستلهم العبر والعظات.. عارف الشوافي..وحيد عبدالولي ..عبدالله حويس..سالم بن شعيب..عادل العريقي..عادل الأعسم..يحيى علاو..مهيوب الكمالي..عبدالكريم الخميسي..رؤوفه حسن..عبدالواحد الخميسي..محمد العصار.. هؤلاء هم من الوسط الإعلامي وتبقى الكثير لا أتذكرهم الأن..فقط تذكروا كيف ودعناهم بحزن وألم ..وكيف باغت النسيان أذهاننا في وقت قصير .. لننسى أيضاً (الموت) وما يمنحنا من فرصة للتذكر والخوف من القادم!
جديد الفواجع المؤلمة نبأ وفاة الزميل العزيز حمّادي الراجحي الأريعاء الماضي ..وهو الشاب الصغير والإعلامي المتألق والمذيع المتفرد بروعة حضوره القوي وصوته الجميل..في الوقت الذي مازال فيه يفتش عن بداياته الإعلامية الحقيقية بعد أن تولى إدارة قناة العقيق مؤخراً وبدأ يؤسس لمستقبله الذي كان يرسم له بما يمتلكه من إبداع وما أثبته في فترة قصيرة من قدرة على الإدارة فإذا بالموت أقرب إليه ..واللحظة الأخيرة تقفل ملف حياته الدنيا وملفات الطموحات والآمال والتطلعات ..وتطوي آخر أيامه فيتحول كمن سبقه إلى (ذكرى) وفي أوقات كثيرة إلى (ألم) حين يطل حمّادي مابين وقت وآخر بوجهه الباهي وابتسامته الدائمة وصوته الرائع (مذكراً ) بإنسان هادئ مبدع متواضع لم يعد بمقدورنا أن نلتقيه !
لا أعرف الفاجعة القادمة أين ستحل ..ومن ستأخذ.. لكن ما بوسعي أن أقوله هو لنتذكر..لنحاول قدر الإمكان تجاوز مامضى من سوء..إلى ماهو قادم من خير..ومهم جداً أن يدرك من يرى نفسه أنه قد أصبح فوق مستوى التذكير والتأنيب ولديه القدرة في أن يستخدم أدوات الإيذاء والظلم التي تطورت هذه الأيام إلى حد التخلي عن القيم والآداب والأخلاق أن مايبقى هو ما ينفع الناس ..وأن ما بعد الموت حساب ..وجنة ونار.. ولابد أن نفشي التسامح والإخاء والنقاء بعيداً عن مرض الحسد والحقد..وخطيئة الغيبة وأختها النميمة..وكل ابن آدم خطاء لامحاله.. والتوبة رحمة ومغفرة..اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك. |