صنعاءنيوز/معاذ الخميسي - -
{.. في أوقات كثيرة إن لم يكن في الغالب نستسلم لهموم الدنيا ومتاعبها وحالة اللهث وراء لقمة العيش وتأمين حياة كريمة هانئة ولو بأبسط المتطلبات والحاجيات ويأخذنا ذلك عن الانتباه لأشياء مهمة في حياتنا لو توقفنا عندها قليلاً لعرفنا وتأكدنا أن الحياة لاتساوي شيئاً أمام ابتلاء المرض سواء كان من ابتلي به فقيراً أو غنياً يملك المليارات والقصور والحشم والخدم..فمع المرض تظل الحياة بلا نكهة وبلا رائحة ..والابتلاء به من زاوية هامة هو تمحيص وامتحان وتخفيف للذنوب وزيادة في الأجر..ومن هنا يأتي الرضى به كمفتاح للصبر بل وسبب للراحة رغم شدة الوجع وفداحة الألم. !
< سادع الأغنياء الذين يمتلكون كل سبل العيش الرغيد وعندهم قدرة على الذهاب إلى أفضل مستشفيات العالم ودفع أي مبالغ ..وسُأذكّر بحالة من يبحثون عن قوت يومهم وبالكاد يصلون إلى لقمة العيش وكذا أولئك الذين يمتلكون أسباب العيش في المستوى المتوسط ووقتهم ملئ بالعمل والكد والتعب ليحافظوا على مستوى حياتهم..وكيف يكون الحال عندما يتعرض أحد أفراد الأسرة إلى المرض الخطير الذي يهدد بالموت وتبقى القدرة على المواجهة المادية متدنية بل وصعبة في ظل غلاء يشفط الجيب ويقضي على المخزون التوفيري ويصادر إمكانية مواجهة مرض الفجأة الذي يحتاج للكثير ولا يكفي معه ما قد يصل إليه البعض بعد أن خلصت تحويشة العمر ليبيع ما يملك بداية بالسيارة ونهاية بالمنزل من أجل الإمساك ولو بخيط واحد من أمل الشفاء ..!
< وقفة تفكير وتأمل في حالة مرضية صعبة واحدة تجعلنا أكثر قدرة على الرضى بأي صعاب حياتية وتمكننا من التعامل مع النوائب والأحقاد والتربصات والاستقصادات وأي إيذاءات بهدوء كبير وتذكرنا بأن الجاه والمال والمسئوليات كلها لاتهم جاءت أو ذهبت لأنها دون العافية لاتنفع ولاتفعل شيئاً..ليتأكد لنا أن أكبر كنز وأفضل غنى وأجمل قصر وأحدث سيارة هي الصحة والعافية.!
< حتى الذين يودعوننا في هذه الدنيا ويسبقوننا إلى الآخرة بمرض مفاجئ يأخذهم بهدوء شديد نترحم عليهم ونقول في نفوسنا أحبهم الله ..هذا إذا ما اقتربنا إلى حكايات تدمي القلب لشاب أو شابة أو حتى من طال بهم العمر حين يتعرضون لمرض خطير يفقد الأهل أمامه القدرة على الوصول للعلاج المطلوب..كحال شاب في مقتبل العمر داهمه سرطان الدم فحوله إلى جسد متفحم وبعد ما يقارب العشرة ملايين هاهو يحتاج إلى تدخل جراحي متوفر في السعودية أو المانيا وقد يكلف مائة الف دولار فلم يجد سوى المسجد الحرام أخر ماتمنى أن يظل فيه حتى يتعافى أو تقبض روحه..وفتاة صغيرة داهمها الفشل الكلوي وانفق والدها كل ما لديه وكل ما استدانه ..وهاهو يقف مكتوف الأيدي غير قادر على توفير مبلغ يعتبر بسيطاً لكثير من الأغنياء وقد ينقذ حياة فلذة كبده..وبعض من رجال الخير لا ندري ما أصابهم ولماذا تفاعلهم وإحساسهم الإنساني يخفت ويكاد يختفي.!
< كثير من الحالات المرضية تحشرنا في زاوية الحزن خاصة إذا لم نستطع أن نفعل شيئاً ..والأكثر حزناً أن يداهم المرض الفقراء أو مستوري الحال فيذهبون إلى المستشفيات فلا يجدون سوى معاملة ربحية وتجارية لا تمت للإنسانية بصلة وقد يتوفى المريض الذي أسعف للتو وهو في الطوارئ ولايتم التدخل العلاجي أو الجراحي لأن من معه لم يدفع..وربما يتحمل كثيرون المرض وهذا ما يحصل فعلاً إلى أن يتوفاهم الله لأن العين بصيرة واليد قصيرة..ولن نسأل مادور المستشفيات الحكومية ولماذا وجدت لأنها تحولت إلى مستشفيات للابتزاز ورفع في معظمها شعار معك فلوس يمكن تعيش .. بدلاً من صحتك تهمنا..وحتى المستشفى الوحيد الذي كان يقدم الخدمة المجانية المميزة (الكويت) قضوا عليه يوم أن حضرت المصلحة على حساب الإنسانية.. وقد يجد العسكريون حالياً خدمة طبية جيدة وإنسانية وخاصة في مستشفى48 أو العسكري.. لكن ماذا عن المدنيين ..لا نعرف. !
< ليراجع وزير الصحة حسابات الإنسانية إذا ما كان ممكناً ذلك في المستشفيات الحكومية وأولها الثورة الذي حوله إلى ركن تجاري لا يعترف بضعفاء ومساكين وفقراء وفي يوم أن تركه ليعين وزيراً أتذكر أنني اشتريت بستة الآف دولار ثلاث دعامات لتوسعة شرايين شقيقي قبل أن يتوفى لأنها غير موجودة في المخازن رغم أن مناقصات شرائها تصل إلى مبالغ باهظة.. وبالإمكان أن يراجع كل قادر ومستطيع حساب إن ماعند الله لايضيع ..ونحن نحاسب أنفسنا ونعرف أنها دنيا كاذبة وان لايجد إنسان مايسد به جوعه خير من أن لا يجد صحة تملأ جسده..واللهم لك الحمد والشكر. |