صنعاء نيوز د.طارق عبدالله ثابت الحروي -
- من نافلة القول أن اليمن سوف تدخل في الفترة المقبلة مرحلة الحوار الوطني الشامل- وفقا- لما نصت عليه بنود خارطة الطريق الجديدة (المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة)، الذي من خلالها سوف يتسنى لها من عدمه تجاوز وليس تجاهل الكثير من العقبات والعوائق التي حالت دون الوصول إلى عتبة بوابة الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون على مدار العشرين عاما ونيف الماضية، باعتبارها المدخل الأساسي والوحيد لولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة.
- سيما أن هذا الأمر يأتي ضمن إطار إرهاصات الاستعدادات القائمة على قدم وساق على المستويين الداخلي والخارجي لتهيئة كل مستلزمات النجاح للعبور المنشود إلى شاطئ الأمن والآمان، والتي كان أخرها صدور القرار الجمهوري القاضي بتشكيل لجنة التواصل والاتصال الرئيسة المعنية بالتواصل مع كافة القوى والتيارات والتجمعات السياسية البارزة التي مازالت لها تحفظات من المشاركة في مؤتمر إذ ما صح لنا القول ذلك، والتي يمكن تحديدها بتلك الأطراف التي تدعي تمثيلها لفئة أو شريحة من الشعب أو لنقل احتكارها له بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني ودلالات على عكس ما نقرؤه من حقائق في أرض الواقع، يأتي في مقدمتها على سبيل المثال لا الحصر (القيادة الانفصالية في الخارج، مكونات الحراك الجنوبي، حركة التمرد الحوثية، تنظيمات القاعدة، شباب الساحات،.....الخ)، وهنا يكمن بيت القصيد بالتحديد من إثارة هذا الأمر من الأساس.
- وهو الأمر الذي يمكن إعادة بلورة بعض أهم ملامحه الرئيسة في فحوى التساؤلات المحورية التي تتمحور حول من الذي سوف يمثل المصالح الوطنية العليا للشعب اليمني العظيم هل الأحزاب أم الحركات والتيارات الناشطة التي تندرج ضمن إطار منظمات المجتمع المدني أم الأطراف المذكورة آنفا أعلاه ؟ وفي حال كان الجواب كل هذه الفعاليات مجتمعة سوف تمثل المجتمع كلا بصفته وأسمه وعنوانه، سوف يبرز أمامنا تساؤل آخر: هل مجموع هذه الفعاليات في حقيقة الأمر يغطي تمثيل شعب تعداده أكثر من 25 مليون نسمه، يعيش ما نسبته 71% في الأرياف والباقي في الحضر ؟ وكم هي نسبة تغطيتها للأرياف والحضر ؟ سيما في حال كنا على اتفاق شبه تام أن الحياة السياسية- الحزبية برمتها الناشئة في العشرين عاما الماضية قد انحرفت عن مسارها الوطني الذي يصب في خدمة المصلحة الوطنية العليا بصورة شبه كلية.
- بمعنى أخر أكثر دقة إن مجموع هذه الفعاليات لا تغطي سوى جزء لا بأس به من عموم المجتمع، في ضوء ما تشير إليه الدلائل التاريخية على سبيل المثال لا الحصر من أن مجموع الأحزاب الناشطة في الساحة لم تستطيع أن تحصل إلا على 26% من مجموع مرشحي البرلمان للدورات النيابية الثلاثة 1993م و1997م و2003م مقابل 74% لمرشحي المستقلين- أولا- ويسري ذلك- أيضا- على منظمات المجتمع المدني التي يربو أعدادها عن 10 ألف ونيف التي تعاني خلل شبه حاد- ثانيا- وصولا إلى تلك المعضلة الشائكة التعقيد التي بموجبها يتوزع السكان بين حضر وريف ما بين (29% و71%) وبين ذكور وإناث (51.0% و49.0%) على التوالي- وفقا- لإحصائيات عام2009م، بمعنى آخر كيف سيتم تمثيل الحضر والريف والذكور والإناث بالاستناد إلى ذلك- ثالثا-
- بمعنى أخر هل هنالك تدقيق وحصر نسبي لأحجام وأوزان هذه الفعاليات على أرض الواقع كي تدعي تمثيلها للشعب اليمني فرادى ومجموع، كي نضمن تمثيل شبه عادل وحقيقي لكل مكونات المجتمع ؟ وإذا كان الجواب بلا وإنما سوف نكتفي بما هو موجود، لاعتبارات عديدة ليس لها مجال لمناقشتها في مقالنا هذا، إذا سيبقى التساؤل المطروح على دوائر صنع القرار والرأي العام الرسمي وغير الرسمي بكل تجرد وشفافية وصراحة في كلمة صدق للتاريخ الذي لن يرحم أحدا كان بيده الفرصة لتصبح بلاده وشعبه أفضل ولم يستغلها.
- مفاده من سوف يمثل باقي فئات وشرائح وأطياف الشعب اليمني الغير ممثلة في هذه الفعاليات في مؤتمر الحوار القادم - من جهة- والشباب اليمني خارج الساحات منهم- بوجه خاص- الذي ُيمثل الغالبية من شباب اليمن من سوف يمثلهم برأيكم ؟ وكيف سيتم تمثيلهم وهل يحق للقوى والتيارات والحركات البارزة في الساحة تمثيله وبأية صفة ؟ وأخيرا هل لجنة التواصل والاتصال الأنفة الذكر مخولة للتواصل معهم كيف ذلك ؟، أم هي محددة المهام كما نعرف بأطراف بعينها ؟
- ومن هذا المنطلق ضمن هذا السياق سوف انتقل إلى طرح العديد من التساؤلات المهمة الأكثر تفصيلا بهذا الشأن، التي من خلالها سوف نلقى الضوء على الكثير من خفايا وأسرار هذا الأمر برمته، والتي أوجهها إلى كل من يهمه أمر هذه الأمة داخل وخارجها، ومن خلاله إلى الأمة اليمنية وشبابها من أبناء جيلي، مطالبا الجميع بتحمل مسئوليته الوطنية والدينية والأخلاقية والتاريخية كلا من موقعه، منتظرا منهم الإجابة الشافية الوافية بكل شفافية ووضوح.
- برأيكم ما هي الصيغة المثلى التي على أساسها سوف يتم تمثيل الشعب اليمني في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، سياسيا وحزبيا ومجتمعيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا وثقافيا ودينيا....الخ ؟ وأين سوف يكون موقع الشباب القوة الضاربة في المجتمع في العموم فيها، وأين سوف يكون موقع المرأة التي تمثل نصف المجتمع ؟....وصولا إلى المشايخ والعسكر....؟ وأخيرا أين سوف يكون موقع الأرياف التي تمثل 71% من مجموع سكان اليمن ؟...الخ، بمعنى آخر ما هي الأسس والمعايير التي بموجبها سوف يتم اختيار ممثلي الشعب على كافة المستويات ؟ وهل سوف يحصل الريف على نصيب الأسد- وفقا- لذلك أم سوف يهمش إلى حد كبير ؟ وهل سيلعب متغير الكثافة السكانية دورا محوريا في هذا الاختيار ؟ وهل ستحصل المرأة على نصيبها مكتملا وفقا لوزنها داخل المجتمع أم أن الأمر برمته لم ولن يكون سوى اكليشة سياسية شكلية ليس إلا بين القوى السياسية التي احتكرت مجمل العملية السياسية والمجتمعية...الخ وبين تلك التي رفعت شعارات تدعي من خلالها تمثيل الشعب في هذه المنطقة أو تلك، بحيث أن المتغير الشعبي لن يكون له أية دور يذكر سواء أكان ذلك في البداية أو النهاية، تخطيطا وإعدادا وتنفيذا ومردودا....الخ.
- هل برأيكم أن المكونات السياسية المتواجدة في الساحة السياسية ممثلة بـ(المؤتمر الشعبي وحلفائه، اللقاء المشترك وشركائه، القيادة الانفصالية في الخارج، مكونات الحراك الجنوبي، الحركة الحوثية، تنظيمات القاعدة، مكونات شباب الساحات،....)، هي القوى الحقيقية الفعلية الممثلة لمجموع ولمصالح الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه وأطيافه- وفقا- لما تشير إليه الدلائل التاريخية بهذا الشأن على مدار العشرين عاما الماضية ؟ وأين موقع منظمات المجتمع المدني بشكلها الحالي وطبيعتها وحجمها على أرض الواقع ؟ وهل خريطة انتشارها تغطي كافة شرائح المجتمع ومناطق سكنه ؟ وفي حال وجود تباين وضعف نسبي حاد حول طبيعة ومستوى ومن ثم حجم تمثيلها للمجتمعات المحلية كيف سوف يتم معالجة ذلك، لضمان وجود تمثيل نسبي عادل وحقيقي لهذه المجتمعات في مؤتمر الحوار على أكثر تقدير ؟ وهل سيتم إشراك المؤسسة الدفاعية والأمنية كمكون من مكونات المجتمع التي يزيد عدد عناصرها بين 500 ألف ومليون لماذا وكيف ؟ ثم كيف سيتم إشراك ملايين اليمنيين الذين يعيشون خارج البلاد في هذا الأمر ؟ أو السؤال الذي يطرح نفسه هل سوف يتم إشراكهم في الأساس أم لا ؟
- وفي حال رفضت بعض الأطراف أفرادا كانوا أم جماعات ومنظمات المشاركة أو فضلت الانسحاب لأية سببا كان فكيف سيتم معالجة هذا الأمر؛ بما يضمن وجود إجماع شعبي نسبي لما سوف يتم التوصل إليه ؟ وفي حال ضعف تمثيل الشعب بالشكل المطلوب الذي يحقق له مصالحه الحيوية كيف سيتم معالجة ذلك أمام هذا السيل العارم من التناقضات الحادة في الرؤى والأفكار والتوجهات بالاستناد إلى طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الأهداف والمصالح التي تتبناها هذه الجهة أو تلك ؟ وفي حال اعترضت بعض العناصر والجهات التي تدعي تمثيل فئة من فئات الشعب على تمثيل بعض العناصر والقوى لأبناء الشعب في نفس المناطق فما الحل برأيكم ؟
- هل برأيكم عملية التنوع النسبية الحاصلة في التركيبة السياسية التي تمثلها القوى الفاعلة (البارزة) في المشهد السياسي الحالي المذكورة آنفا، هي الصيغة الوطنية المثلى التي بموجبها عززت لها شرعية احتكارها تمثيل الشعب ؟ وكم نسبتها على أرض الواقع بالمقارنة بالقوى الشعبية غير الحزبية (المستقلين) الغير ممثلة إلى حد الآن في أية مرحلة من مراحل مؤتمر الحوار على ما أظن ؟ ليس هذا فحسب لا بل وهل يحق لها أن تحتكر مسئولية تحمل هذه العملية برمتها (تخطيطا وإعدادا وتنفيذا ومردودا....) ؟ بمعنى آخر لماذا لم يتم إشراك عناصر فاعلة من المجتمع ضمن معايير وأسس وطنية في تحمل هذه المسئولية بكل مراحلها تخطيطا وإعدادا وتنفيذا ومردودا.....الخ ؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فكيف برأيكم يسعنا الخروج بصيغة وطنية مُثلى؛ تضمن التمثيل النسبي لكافة أبناء الشعب ؟
- ثم برأيكم لماذا حتى الآن لم يتم الإعلان عما تم انجازه من تهيئة لكافة مستلزمات مؤتمر الحوار بكل شفافية وصراحة على كافة المراحل والمستويات، وهل للتساؤلات أنفة الذكر إجابات وافية شافية أو لنقل هل تم استيعابها مسبقا ؟ بمعنى أخر هل سوف يقوم مؤتمر الحوار على آلية تنفيذية مزمنة تحدد كافة مراحله بحيث يتسنى لكافة الأطراف المعنية ومن ورائها الشعب بعمومه أن تعرف ما لها وما عليها بكل شفافية ؟ بحيث نعالج من خلالها طبيعة ومستوى ومن ثم حجم التمثيل الشعبي على مراحل تنتهي في العاصمة صنعاء أو تعز على سبيل المثال؛ من خلال ممثلين سوف يتم اختيارهم- وفقا- لأسس ومعايير وطنية في المؤتمرات العامة في كل محافظة ومن قبلها في المديريات.
- هل هنالك مشروع برنامج وطني يحقق الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا، سوف يتم مناقشته من قبل الجميع، وسيُلزم به الجميع، مع إمكانية الزيادة أو الحذف ؟ أم أن الأمر برمته سوف يترك لممثلي الأمة على مختلف درجات التمثيل لطرح ما يحلو لهم ؟ علما أني طرحت بعض أهم المعالم الرئيسة لهذا البرنامج في مقالتي المنشورة من على صدر الصحافة المحلية بعنوان (قراءة في البعد الاستراتيجي: اليمن وإمكانية التحول إلى دولة بحرية عظيمة)، وما تبعه من مقالات تفصيلية نشرتها في صحيفة 26 سبتمبر.
- وتأسيسا على ما تقدم يبقى السؤال المحوري نفسه مطروحا بقوة من سوف يمثل مصالح الشعب اليمني بكل ما تعنيه هذه الكلمة من دلالات ومعاني لها شأنها، على اعتبار أن القوى الحالية والسياسية منها- بوجه خاص- العاملة في الساحة لا تمثل إلا مصالح العناصر المنضوية تحت مظلتها إلى حد كبير أكثر منه المصالح الوطنية العليا حتى وإن أدعت ذلك ؟ أو من له الحق بذلك، باعتباره مخولا عن الشعب ومؤهلا تمام التأهيل لذلك إذا ما صح لنا القول ذلك ؟ ثم في أية مرحلة من مراحل الحوار التنفيذية سوف يتم مراعاة المصالح الإقليمية والدولية في هذا الأمر برمته ؟ وبانتظار الرد علينا ومن خلالي على أبناء الأمة اليمنية وشبابها خاصة.
والله ولي التوفيق
د.طارق عبدالله ثابت الحروي .
[email protected]