صنعاء نيوز/علي ربيع -
*سألني أحد أصدقائي المصريين لو كنت مصرياً لمن ستمنح صوتك؟ احترت كثيراً، فقد وضعني في موقف محرج، قلت له سأدلي بصوتي لمصر أياً كان المرشح، يكفي أن تتنفس مصر الصعداء ليقول أبناؤها كلمتهم بكل حرية، فهذه المشاهد لم نألفها من قبل في عالمنا العربي، وستكون فاتحة خير على مستقبل مصر السياسي وعلى مستقبل الديمقراطية في المنطقة.
*كونت انطباعاً عاماً، كانت تقريباً كل برامج المرشحين مثقلة بالوعود والعهود والأماني، البرامج كلها متناسخة ومتقاربة وتحمل ذات الهموم، الهم المعيشي للمصريين أولا، الأجور، التأمينات والرعاية الاجتماعية، الهموم التنموية الكبيرة في الصحة والتعليم والزراعة، السياسة الخارجية، مصر بحاجة لإصلاح كل شيء، فأينما وضعت يدك ستجد أن مصر تهفو إلى إعادة بناء وغربلة وتصحيح .
* حمى الانتخابات كانت طاغية، كل مرشح يعد الناخبين أنه خلال المائة يوم الأولى من رئاسته سيحدث إنجازات جوهرية يلمسها المواطن المصري، المبالغات في الوعود كانت أسوأ ما في خطابات المرشحين، لكن يبدو أن مزاج الشارع نفسه كما هو الحال العربي لا ينطلق من البرامج الانتخابية على الإطلاق في أي انتخابات، مما يعني أن الديمقراطية العربية لازالت محكومة بالعواطف والانتماءات أكثر من طبيعة البرامج الانتخابية.
* انفض مولد الجولة الأولى من انتخابات أم الدنيا ليعيد إنتاج الصراع بين القوى ذاتها التي كانت تتحكم بكل شيء قبل ثورة شباب مصر العظيمة، شفيق رجل الدولة التي حكمها مبارك، والمرسي رجل جماعة الإخوان ومرشح الإسلام السياسي، اتجاهان هما اللذان كانا يحكمان العلاقات المجتمعية قبل ثورة 25 يناير ويجسدان الصراع السياسي، وهما الآن اللذان يستعدان ربما لتبادل الأدوار والمواقع.
* أودت المناظرة التلفزيونية الشهيرة بعمرو موسى وأبو الفتوح، وفاجأ حمدين صباحي الجميع في عموم المجتمع الحضري وأثبت أنه رقم صعب لايمكن تجاهله في مستقبل السياسة المصرية، وإن فاته قطار الرئيس اليوم فربما لن يفوته بعد أربع سنوات إذا ما أحسن الليبراليون واليسار المصري ترتيب صفوفهم للمواجهة القادمة.
* الاستياء في الأوساط الشبابية الثورية التي زلزلت بهتافها ميدان التحرير على أشده، فهم يرون في شفيق الوجه الآخر لنظام مبارك، وغير مطمئنين لجماعة الإخوان التي سعت بقضها وقضيضها للاستيلاء منفردة على تركة مبارك وميراث الحزب الوطني، فقد اكتسحت البرلمان والشورى وهاهي على مشارف أن تحظى بمنصب الرئيس.
*عدالة الديمقراطية قد تكون مرة، وشفيق فضلاً عن أنه الوزير الناجح في عهد مبارك فهو سليل المؤسسة العسكرية التي تمثل صمام الأمان الاجتماعي، والدكتور المرسي رجل السمع والطاعة وسليل مدرسة الجماعة التي ظلمت طيلة عقود وتم التنكيل بها لكنها صمدت ومدت سلطتها في الوسط الاجتماعي بأشكال شتى خيرية ودعوية ، متحينة فرصتها للوصول إلى هذه اللحظة التاريخية، مما يجعلني أتوقع شخصياً أن يؤول الكرسي إلى المرسي في انتخابات الإعادة مالم تفرز الأيام القادمة لعباً جديدة للتحالفات تصب في خانة شفيق الذي لم تحل الأحذية الثورية التي ألقاها عليه مبغضوه بينه وبين اختطاف البطاقة الثانية للإعادة من أمام صباحي وأبو الفتوح.
*أتوقع انكساراً في الكتلة الانتخابية المصرية، فإذا كانت نسبة الخمسين في المائة من الناخبين هي التي استدرجتها حمى المرحلة الأولى فإن النسبة التي تراهن عليها الإعادة ستكون منقوصة بخيبة الأمل التي تلقاها معظم ناخبي المرشحين الآخرين، لكن نتيجة واحد وخمسين في المائة من الحاضرين ستكون كافية لتنصيب رئيس للجمهورية الثانية، وأياً كان اسمه ورسمه وانتماؤه ستكون مصر قد انتصرت لأول تجربة ديمقراطية رئاسية في بلاد العرب الميامين.