صنعاء نيوز/نبيل حيدر -
- افتراش الباعة للإسفلت وتحويل الشوارع إلى مخانق مرورية أمرٌ زاد عن حده المعقول . ومع حملة الإزالة الحالية التي تنفذها أمانة العاصمة يبرز منطق شائع يراودنا ظاهراً وباطناً حول ازدواجية المعايير بين ترك الكبار وملاحقة الصغار لتطب نبيل حيدر -
افتراش الباعة للإسفلت وتحويل الشوارع إلى مخانق مرورية أمرٌ زاد عن حده المعقول . ومع حملة الإزالة الحالية التي تنفذها أمانة العاصمة يبرز منطق شائع يراودنا ظاهراً وباطناً حول ازدواجية المعايير بين ترك الكبار وملاحقة الصغار لتطبيق القانون والأنظمة وترتيب حالة الفلتان الموجودة في الشارع من (البسطات) إلى إغلاق الشوارع بالاعتصامات وغياب رغبة التفكير في بدائل معقولة وممكنة , إلى معركة السير العبثي الخطير للموتورسيكلات، إلى تخلي الناس عن أبسط قواعد احترام الشارع والوقوف بالسيارات وسطه للسلام والكلام أو النزول لقضاء حاجة دونما اعتبار لأحد أو لنطفة حياء، وإلى تعطيل الشارع بخيمة عرس منصوبة مهمتها السرية هتك وظيفة الطريق وآدابه .
< كل ذلك خللٌ كبير ولا جديد فيه، فنحن نعيش العبث في الشوارع بكافة فنونه العشوائية والفوضوية لكن الأمور فلتت أكثر وصار السكوت عنها والتبرير لها غير مقبول لأن المزيد من الضغط النفسي والعصبي لا ينقصنا . والملاحظ في الشارع أن شريعة الغاب تزمجر بشراسة وكلٌ ينفخ عضلاته في وجه الأضعف منه وبالنتيجة تكونت عصابات تمارس كسر كل قيمة أخلاقية للعبور في الطريق من السيطرة على مساحة الإسفلت والرصيف وحتى ارتفاع الأصوات بألفاظ بذيئة يلتقطها الأطفال بسرعة الصوت والبرق والرعد والعاقبة هنا معروفة ولا تحتاج إلى شرح .
< (البسطات) مشكلة حقيقية لأنها جزء من ثقافة (الفيد) واعتبار الشارع ملكية خاصة بل إنها وصلت إلى التحكم بالمساحات المسيطر عليها وأي (بسّاط) لا يستطيع بسط بضاعته متى شاء وكيفما شاء، فالأمور عند أقيال (البسطات) لها أصول واتفاقات وإتاوات ووسطاء وسماسرة .وجميعه يقع بتجاهل كامل لحرية سكّان المباني المجاورة في الحركة والدخول والخروج . ومثل (البسطات) بسط مقار شركات ومعارض تجارية تعتبر الأجزاء المخصصة للوقوف من الشوارع المطلة عليها موقفاً خاصاً يتبعها وتضع لافتات بذلك وبوقاحة يقال أن بعضها مسنود بترخيص من إدارة المرور فيما بعضها الآخر يستند إلى (البقشيش) أو (بهرارة) قوية . وأنظروا مثلاً إلى مساحات الشوارع المجاورة لمعارض بيع السيارات تجدونها (بسطات) كاملة الدسم ولا أحد يقترب منها .
< والمطلوب من أمين العاصمة الجديد عبدالقادر ألا يحصر عملية (توم وجيري) لمطاردة (البسطات) على الباعة مفترشي الشارع فقط، ومن هنا سيظهر أن الإجراء يشمل الكبير والصغير وعليه أن يبدأ من بوابة مقر الأمانة بمنطقة قاع العلفي حيث تحول الجزء المخصص للوقوف المجاور للحديقة إلى وقوف مدفوع الثمن ملحق بالموقف الصغير المجاور للحديقة ويقال أن متعهده موظف بالأمانة .
< في المقابل هناك ما يجب على أمانة العاصمة ألا تتجاهله أو تنسى أنه جزء من مهامها ومسئولياتها , فالظرف الاقتصادي للعام يفرض مراعاته والتجربة أثبتت فشل المطاردات اللحظية لأنها حملات طارئة غير دائمة لا تزرع احترام القانون وبعدها يتحول الأمر إلى بيع وشراء وابتزاز من بعض موظفي الأمانة ولا بد من إيجاد مساحات بديلة تصلح لتكوين أسواق منظمة وتجميع الباعة (البساطين) وبدون إثقال كواهلهم بالابتزاز من كل جهة يعّنّ لها فرض الرسوم وغير الرسوم ,واعتقد أنه العدالة توجب تخفيف العبء الضريبي عليهم والكف عن أكاذيب رسوم النظافة وصحة البيئة.